لندن- يصل سكان العالم اليوم الثلاثاء 15 نوفمبر إلى ثمانية مليارات نسمة وفق تقديرات الأمم المتحدة، على أن يصل العدد إلى 9 مليارات نسمة في عام 2037 و10.4 مليار نسمة بين عامي 2080 و2100.
وتأتي هذه الأرقام لتزيد خوف العالم مما قد يخبئه المستقبل للبشرية في ظل أزمات المناخ والمياه والغذاء التي تزداد حدة عاما بعد آخر، خاصة في الدول الفقيرة التي تعتمد على الآخرين في تأمين حاجياتها، أو تلك التي لا تأبه بإستراتيجية تحديد النسل، وهو ما يضاعف عدد سكانها ويزيد من وطأة أزماتها ويهدد استقرارها.
وتحذر دراسات وتقارير دولية ذات مصداقية من أن الحياة المستقبلية ستكون صعبة في مناطق معيّنة مثل الدول العربية، وخاصة دول شمال أفريقيا.
وتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقرير سابق أن “يرتفع عدد سكان البلدان العربية المقدر بـ360 مليون نسمة إلى 634 مليون نسمة بحلول عام 2050 وأن يرتفع نصيب المدن من السكان من 57 في المئة حاليا إلى نحو 75 في المئة، وهو ما يمثل مزيدا من الضغط على البني التحتية للمياه”.
◘ المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة تعاني مشكلات اجتماعية، من بينها تناقص عدد الأشخاص الذين في سن العمل والقادرين على إعالة المتقاعدين
وفيما بدأت الدول الغنية، مثل دول الخليج، تتهيأ للتغيرات الكبرى التي ستشهدها المنطقة بفعل تغيرات المناخ مازالت غالبية الدول العربية تبحث عن الحلول الآنية لتجاوز أزمة المياه والغذاء بعقد اتفاقيات على المدى القريب، مثل اتفاقية المياه بين الأردن وإسرائيل، أو اتفاقيات غير آمنة للحصول على الغذاء من روسيا وأوكرانيا، وهي الوضعية التي زادتها الحرب تعقيدا.
وتشير مجلة الإيكونوميست إلى وجود اختلافات إقليمية كبيرة على مستوى النمو السكاني المتوقع؛ فحوالي نصف نسبة النمو السكاني المتوقعة في العالم بين عامي 2022 و2050 سيحدث في ثمانية بلدان فقط، خمسة منها في أفريقيا (الكونغو ومصر وإثيوبيا ونيجيريا وتنزانيا)، وثلاثة في آسيا (الهند وباكستان والفلبين).
ومن المحتمل أن تتفوق الهند على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان في العام المقبل.
وستترتب على ذلك آثار بيئية واجتماعية؛ فحوالي 90 في المئة من النمو السكاني خلال العقد المقبل ستأتي من البلدان الأقل تلويثا، ذلك أن التلويث الناتج سكان الهند وأفريقيا أقل بكثير مما ينتج عن نظرائهم في أميركا وأوروبا والصين. ووفقا للأمم المتحدة، فإن البلدان الفقيرة وذات الدخل المتوسط الأدنى مسؤولة فقط عن سُبع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
وطرحت الزيادة المتصاعدة لسكان العالم سيناريوهات متشائمة لما قد يحدث، مثل حدوث مجاعات وكوارث بيئية. لكن تقارير أخرى تشير إلى أن تعقيدات الحياة في العالم لن تقف عند حدود الزيادة السكانية، وأن الدول التي اختارت تحديد عدد المواليد هي نفسها تعاني من مشكلة معاكسة هي “الانهيار السكاني بسبب انخفاض معدلات المواليد”.
وتقول الإيكونوميست في تقريرها، بشأن ما إذا كان ينبغي أن نشعر بالفزع من الزيادة السكانية، “لا توجد أدلة كافية على انهيار ديموغرافي يهدد العالم، فرغم زيادة عدد السكان بسبب تحسين طرق الرعاية الصحية وانخفاض معدل الوفيات، لا يسير النمو السكاني بالسرعة التي كان عليها من قبل”.
وتواجه المجتمعات التي تعاني من الشيخوخة، وهي موطن لنحو ثلثيْ سكان العالم، مشكلات اجتماعية، من بينها تناقص عدد الأشخاص الذين في سن العمل والقادرين على إعالة المتقاعدين، مما يعني ضرائب أعلى أو إنفاقا أقل على كبار السن.
وتمثّل تجربة تونس في تحديد عدد المواليد مؤشرا واضحا على مخاطر ما بات يعرف بالتهرم السكاني أو الشيخوخة؛ والذي سيؤدي إلى اختلال أنظمة الصحة والتأمينات الاجتماعية، وسيفرض على الصناديق الاجتماعية -التي هي أصلا في حالة إفلاس- تخصيص نفقات للمتقاعدين ذات مدد أطول، مقابل تضاؤل الفئات المنتجة، وهو ما سينتج ضغطا من كبار السن على بقية فئات المجتمع.
ويصف تقرير للديوان التونسي للأسرة (يُعنى بالسياسة الإنجابية) تراجع عدد المواليد في تونس بحالة من التصحر السكاني، على عكس الدول المجاورة التي مازالت تحافظ على نسبة نمو ديموغرافي عالية. وفي الوقت الذي يُنتظر فيه أن يصل عدد سكان الجزائر والمغرب إلى ما بين 50 و60 مليون نسمة، وليبيا إلى 10 أو 11 مليونا في 2035، لن يتجاوز عدد سكان تونس في الفترة نفسها 13 مليونا.
وشهد عقد التسعينات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين نموا سكانيا سريعا نسبيا. واليوم وصل الأطفال الذين ولدوا في ذلك الوقت إلى سن الإنجاب.
وبلغ عدد البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و49 عاما 2.2 مليار في عام 1987، وهو الآن عند 3.6 مليار. لكن يبدو أن هؤلاء يريدون أن تكون لديهم أسر أصغر عددا.
وانخفض معدل الخصوبة الإجمالي، الذي يقيس عدد الأطفال الذين يمكن للمرأة أن تتوقع إنجابهم في حياتها، من 3.3 في عام 1990 إلى 2.3 اليوم، أي أنه أعلى قليلا من “معدل الإحلال” وهو حوالي 2.1.
العرب