عاود النظام الإيراني قصفه الأراضي العراقية ليلة العشرين من الشهر الحالي في اعتداء غاشم آخر بعد الهجمات الصاروخية التي شهدتها مدن وقصبات إقليم كردستان العراق في الرابع عشر من هذا الشهر بحجج تتعلق بوجود مقرات للأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة واودت بحياة شخص وجرح ثمان آخرين، وهذا ليس الاستهداف الأول الذي تتعرض فيه السيادة الوطنية العراقية للإنتهاك حيث سبق للنظام الإيراني والقيادة البرية للحرس الثوري أن استخدمت الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة في قصف الأراضي العراقية في 28 أيلول 2022 مستهدفة قضائي سيدكان وكويسنجق بمحافظة اربيل ومناطق في شرق مدينة السليمانية ضمن أراضي إقليم كردستان العراق واودت بحياة 18مواطنا وجرح58 آخرين من ضمنهم عدد من النساء والأطفال. ان تكرار هذه الأعمال العدوانية دليل على عدم احترام سيادة وامن العراق والالتزام بمبادئ القانون الدولي وكيفية إدارة العلاقات السياسية بين دول الجوار وفق المصالح المشتركة ومراعاة حقوق البلدان في سيادتها على أراضيها والحفاظ على حياة شعبنا، ورغم العديد من الاحتجاجات التي قدمتها وزارة الخارجية العراقية وعدد من المسؤولين العراقيين إلا أنها بقت تمثل موقفا عراقيا ضعيفا لعدة أسباب أهمها عدم الجدية في مكاشفة النظام الإيراني وعدم وجود أدوات وأساليب رادعة في الدفاع عن سيادة وامن العراق ومواجهة العدوان الإيراني الغاشم الذي لم يراعي طبيعة العلاقات الوطيدة مع العراق في جميع المجالات واستمراره في عملياته العسكرية واستخدامه للصواريخ والمدافع بعيدة المدى والطائرات المسيرة داخل الأراضي العراقية.
ومهما كانت الأسباب التي يدعيها الإيرانيون فلا يمكن للعراق وهو بلد عضو في منظمة الأمم المتحدة ومن المؤسسين لجامعة الدول العربية أن يتحمل تبعيات الأزمات الأمنية التي تعاني منها دول الجوار وتحديدا (تركيا وإيران) فلا يصح أن يعالج الأمن القومي لهذين البلدين على حساب حياة وامن واستقرار الشعب العراقي الذي يدفع دماء زكية في كل اعتداء وتوسع بري وجوي يستهدف أراضيه بحجة الدفاع عن الأمن القومي الأتراك والايرانيين .
ان جميع المسوغات التي يقدمها النظام الإيراني ومؤسساته الأمنية والعسكرية لاستمرار اعتداءاتهم على الأرض العراقية واستهداف قرى وبلدات عراقية على أرض كردستان العراق في مناطق كويسنجق وسيدكان والقصف العشوائي لمخيم اللاجئين الاكراد الإيرانيين في منطقة جيزلكان قرب بلدة بحركه انما يدا على استخفاف واضح بالسيادة العراقية وامعان في الاستمرار بالعدوان الغاشم الأثم على أبناء الشعب العراقي رغم العلاقات الوطيدة بين البلدين الآن أن النظام الإيراني لا يراعي إلا مصالحه وهي أهم لديه من أي علاقات اقتصادية وسياسية مع العراق، فالمشروع الإيراني التوسعي القائم على تحشيد جميع الإمكانيات العسكرية والسياسية يسعى إلى توسيع دائرة تواجده وتأثيره في الشرق الأوسط وعواصم الاقطار العربية عبر الأرض العراقية ، ويحاول نقل العديد من ازماته الداخلية إلى خارج الحدود ضمن خطة أمنية استخبارية محكمة لصرف الأنظار الدولية عن ما تشهده الساحة الإيرانية من احتجاجات شعبية امتدت لتشمل محافظات وبلدات وقرى إيران وعدم تمكن الأجهزة الأمنية من وقف امتداداتها وتأثيراتها رغم جميع الإجراءات والوسائل ضد المتظاهرين وهي الاحتجاجات التي عبرت عن الأزمة الاقتصادية والأوضاع المعاشية المأساوية التي يعيشها الإيرانيون ومطالبتهم بالإصلاح السياسي وحقوق الإنسان وتطبيق العدالة الاجتماعية.
ان استمرار العدوان الإيراني باستخدام الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة لقصف قرى ومدن عراقية يدل دلالة قاطعة على انتهاك صارخ للقوانين والقواعد الدولية في العلاقة مع العراق وعدم تقدير لطبيعة المصالح المشتركة بين البلدين والامعان في إيذاء شعب العراق والافتقار إلى آلية حقيقية للإتفاق على صيغة موحدة تحفظ المصالح العليا للبلدين وتمنع تكرار هذه الحالات مستقبلا.
وحدة الدراسات الايرانية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية