كردستان العراق على صفيح ساخن: طالباني يصعّد وبارزاني يحاول احتواء الموقف

كردستان العراق على صفيح ساخن: طالباني يصعّد وبارزاني يحاول احتواء الموقف

تنذر الخلافات المتفاقمة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، المتهم باحتكار السلطة في إقليم كردستان، بتصدع قد ينتهي إلى نظام الإدارتين الذي كان معمولا به في السابق في الإقليم.

بزورك محمد

السليمانية (كردستان العراق) – يواجه إقليم كردستان في شمال العراق تحديات داخلية لا تقل خطورة عن التهديدات الخارجية من الجارتين إيران وتركيا، في ظل خلافات حادة تتعلق بتوزيع الصلاحيات الإدارية والإيرادات المالية بين الحزبين الرئيسيين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني.

وتقول أوساط سياسية كردية إن الخلافات بين الحزبين تتطلب معالجات عاجلة قبل أن تكون بداية للتقسيم والعودة إلى نظام الإدارتين، الذي كان معمولا به في الإقليم في التسعينات من القرن الماضي.

وكان الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني يحكم آنذاك محافظتي أربيل ودهوك، بينما كانت محافظتا السليمانية وحلبجة تحت سلطة الاتحاد الوطني بزعامة الراحل جلال طالباني.

وعقد بافل طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، الخميس اجتماعا مع رؤساء وقادة الأحزاب والقوى الكردستانية بمنتجع دوكان بمدینة السلیمانیة في غياب الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يملك الأغلبية النيابية في الإقليم وبغداد.

جاء ذلك بعد جولة قام بها طالباني على القوى العراقية ببغداد، في إطار مساعيه لحشد التأييد والدعم للضغط على الحزب الديمقراطي.

وعقب الاجتماع أكد محمد الحاج محمود، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، في تصريحات لـ”العرب” أنه تمت مناقشة فكرة استحداث مجلس سياسي، على أن تكون رئاسته دورية بين الأطراف السياسية على غرار الجبهة الكردستانية إبان انتفاضة عام 1991.

وأكد فائق يزدي، عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، أن الاجتماع ناقش مستجدات الأوضاع العامة في كردستان وضرورة تصحيح مسار الحكم في الإقليم، مضيفا أن الاتحاد الوطني يسعى لإنهاء التفرد واحتكار القرارات من قبل جهة سياسية بعينها في إقليم كردستان، في إشارة إلى حزب بارزاني.

وأشار يزدي إلى أن حزبه يشدد على توحيد الخطاب والموقف الكردي، لاسيما وأن هناك تحديات كبيرة داخلية وإقليمية تواجه الإقليم، وهو ما يستوجب على كافة الأحزاب الوقوف عليها، بحسب تعبيره.

وظهرت الأزمة الداخلية الحادة بين الطرفين إلى العلن منذ امتناع نائب رئيس الوزراء والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني قوباد طالباني عن حضور جلسات المجلس، والذي أعقبته تصريحات حادة من نائب رئيس الإقليم والقيادي الآخر في الاتحاد الوطني مصطفى شيخ جعفر، الذي اتهم الديمقراطي الكردستاني بالتحكم في إيرادات الإقليم من النفط والمعابر الحدودية، والتهريب ينتشر في كل أنحاء كردستان، وحصة الأسد من نصيب الجهة التي تتهم الاتحاد الوطني الكردستاني بالتهريب.

وفي مقابل التصعيد من جانب الاتحاد، فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني يبدو أنه يخفف من لهجته شيئا فشيئا تجاه الاتحاد الوطني، ليبدي استعداده لبدء صفحة جديدة مع جميع الأحزاب والأطراف السياسية.

هناك مخاطر تهدد إقليم كردستان وتستدعي توحيد الموقف والخطاب، بدلا من التوجه إلى إحياء التجربة الماضية المتمثلة بتقسيم خارطة الإقليم على نظام إدارتين منفصلتين

وقال محمود محمد، المتحدث الرسمي باسم الحزب الديمقراطي، في مؤتمر صحافي عقده بأربيل الخميس “إن النقاط المشتركة أكثر من النقاط الخلافية، لذلك يجب التركيز على النقاط التي تجمعنا بهدف تغليب مصلحة المواطنين، من خلال إيجاد حلول لمعالجة المشكلات والخلافات القائمة”.

وأعلنت جنار سعد عبدلله، عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي، في تصريحات صحافية أن هناك محاولات جادة لاستئناف الاجتماعات والمباحثات بين المكتبين السياسيين للحزبين “الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني، مشيرة إلى مساعي نيجيرفان بارزاني، رئيس إقليم كردستان، لرص الصف بين جميع الأطراف الكردية والحفاظ على مكانة وتجربة إقليم كردستان والمكتسبات المتحققة لشعب كردستان.

وأشارت إلى أن هناك مخاطر تهدد إقليم كردستان وتستدعي توحيد الموقف والخطاب، بدلا من التوجه إلى إحياء التجربة الماضية المتمثلة بتقسيم خارطة الإقليم على نظام إدارتين منفصلتين.

وكان رئيس الاتحاد الوطني أشار في مقابلة مع وسائل إعلامية محلية إلى إمكان حدوث تقسيم الإقليم في المستقبل المنظور، بسبب ما سمّاه تفرد الحزب الديمقراطي بالسلطة، مشددا على أن ذلك لن يكون من مصلحة أي من الطرفين، لكن سيلحق ضررا بالحزب الديمقراطي الكردستاني بالذات.

وأحدث مقتل الضابط الأمني برتبة العقيد في جهاز مكافحة الإرهاب هاوكار جاف في أربيل أكتوبر الماضي، نقطة تحول كبيرة في ضرب التهدئة السياسية التي كانت بين الحزبين، حيث وجهت الاتهامات إلى قياديين أمنيين مقربين من رئيس الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية الاغتيال، وهو ما أثار استفزاز الأخير.

العرب