العمالة المؤقتة بديل للحد من الهجرة غير الشرعية بين مصر واليونان

العمالة المؤقتة بديل للحد من الهجرة غير الشرعية بين مصر واليونان

تزايدت وتيرة التحركات التي تقوم بها بعض الدول الأوروبية للبحث عن أساليب فعالة لمواجهة الهجرة غير الشرعية في ظل خلافات حول إستراتيجيات مكافحتها، ما فتح الباب أمام اتجاه بعضها لاتخاذ خطوات ثنائية لمنع تدفق المهاجرين. ويعد الاتفاق الذي جرى توقيعه بين مصر واليونان بشأن الاعتماد على العمالة المؤقتة من المزارعين المصريين، خطوة يمكن التوسع فيها على مستوى دول الاتحاد الأوروبي يتم تطبيقها بين العديد من البلدان المتأثرة سلبًا بالهجرة غير الشرعية.

وقد كشفت وزارة الخارجية اليونانية الثلاثاء أن القاهرة تعتزم إرسال 5 آلاف عامل موسمي للمساعدة في تلبية الاحتياجات المتزايدة للقطاع الزراعي، حسب اتفاقية وقعها البلدان لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وسيكون الاتفاق “معيارًا استرشاديًا” لاتفاقيات سوف توقعها أثينا والاتحاد الأوروبي مع دول أخرى لمكافحة الهجرة غير الشرعية.

تحقق هذه الخطوة مجموعة من الأهداف المشتركة بين القاهرة وأثينا، فاليونان بحاجة إلى الأيدي المصرية الماهرة في مجال الزراعة، وتعاني من نقص حاد في أعداد العمال الزراعيين، وتعد الفكرة بديلا آمنا يمكن الاعتماد عليه للحد من المهاجرين غير الشرعيين، وبذلك تبعث أثينا رسالة تقول إنها بحاجة إلى عمال عبر طرق شرعية.

وتؤكد مصر استعدادها للتوسع في تقديم عمالتها المدربة في المجالات الزراعية لأي دولة أوروبية، وتقلص المخاطر الأمنية الناجمة عن تسلل بعض مواطنيها وعدد كبير منهم يعملون في الزراعة إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

ويشكل ما يسمى بحوكمة خروج العمال حلاً يجعلها تحافظ على التزاماتها أمام دول الاتحاد الأوروبي في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، وتفتح الباب للتوقيع على اتفاقات مماثلة مع دول أخرى لديها رغبة في مكافحة الجريمة العابرة للحدود، وبالتالي تفتح القاهرة فرصا جديدة لاستيعاب عدد من العمال عقب تقلصها عربيا.

وسوف يكون من حق عمال الزراعة المصريين دخول اليونان والإقامة فيها لما يصل إلى تسعة أشهر قبل العودة إلى وطنهم، وتأمل أثينا وفقاً لتصريحات أطلقها نائب وزير خارجيتها ميلتياديس فارفيتسيوتيس عقب توقيع الاتفاق مع مصر في وصول أوائل العمال المصريين إلى المزارع اليونانية في يناير المقبل للمساعدة في موسم الحصاد.

وعن ذلك يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق جمال بيومي إن الاتفاق الأخير يشكل أحد الدوافع التي تقدمها بعض الدول الأوروبية لمصر للاستمرار في أدوارها الإيجابية للحد من الهجرة غير الشرعية، وتؤكد تقدير دور القاهرة لوقف الهجرة غير الشرعية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الاتحاد الأوروبي شريك أمني واقتصادي مع القاهرة ولديه مصلحة مباشرة في التخفيف من حدة المشكلات التي تجابهها الحكومة المصرية، وهناك قناعة بأن هناك ما يقرب من 15 ألف مرتزق على مشارف الحدود المصرية بحاجة إلى تهيئة الأوضاع المواتية أمام الحكومة المصرية لدحر خطرهم.

ومن المتوقع زيادة أعداد العمالة المصرية في مجال الزراعة إلى دول الاتحاد الأوروبي في السنوات المقبلة، وهناك اتفاقات مماثلة مع إيطاليا، كما أن اليونان لديها رغبة في مضاعفة العدد للحد من الكلفة السياسية والأمنية للمهاجرين غير الشرعيين ممن يتورطون في جرائم أو يضعونها في استنفار مستمر داخل مياهها الإقليمية.

ويسمح التقارب المتعدد بين مصر واليونان بمزيد من الاتفاقات بما يساهم في تضييق الخناق على جرائم الاتجار بالبشر، وسط مساع يونانية لتدشين اتفاقات مماثلة مع عدد من الدول التي تشكل تهديداً لها، وظهر ذلك في اللقاء الذي عقده وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس مع قائد الجيش الليبي خليفة حفتر مؤخرا.

وبعثت مذكرة التفاهم الموقعة بين مصر واليونان الاثنين في مجال الإنقاذ الجوي والبحري إشارات تفيد بأن القاهرة سوف تكون حاضرة في عمليات تأمين المياه الإقليمية، لأن الحدود البحرية اليونانية شهدت الفترة الماضية حوادث غرق زوارق عديدة راح ضحيتها عشرات من المواطنين المصريين ومن جنسيات أخرى.

وأكد رئيس المنتدى العربي – الأوروبي للحوار وحقوق الإنسان في جنيف أيمن نصري أن اليونان بحاجة إلى الآلاف من العمال المصريين في القطاعات الزراعية التي تحقق لها فائدة مباشرة على مستوى توفير العمالة الشحيحة في هذا القطاع، غير أن الأرقام المعلن عنها يصعب أن تكون معياراً استرشادياً للتعامل مع الهجرة غير الشرعية.

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى المساعدات المالية واللوجستية للدول التي يتوافد منها مهاجرون، مضيفاً أن الحل الأكثر فائدة هو تحسين البيئة التي يعيش فيها هؤلاء، وإن كانت أيضَا لن تقضي على الظاهرة بشكل تام فقد تسهم في الحد منها، وأن الخلافات بين الدول المصدرة للمهاجرين والاتحاد الأوروبي يمكن توظيفها سياسيًا.

وشدد على أن خطوة اليونان مع مصر تستهدف التعامل مع إرث تسبب في وصول ما يقرب من 80 في المئة من المهاجرين إلى دول الاتحاد الأوروبي بشكل غير شرعي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وسط مساع لإيجاد أطر قانونية للدخول بعد أن استمر وصول مراكب الهجرة إلى العديد من الدول المطلة على البحر المتوسط.

وتمضي دول أوروبية عدة باتجاه توقيع مزيد من الاتفاقات الثنائية بينها وبين الدول التي يأتي منها مهاجرون غير شرعيين بما يضمن السلامة بعيدا عن أطر الاتحاد الأوروبي في ظل مشكلات متباينة بين الدول الأعضاء وبالتحديد فرنسا وإيطاليا.

وكشفت المفوضية الأوروبية الأربعاء عن ملامح خطة عمل جديدة لمكافحة تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط تقوم على الاتفاق مع المنظمة البحرية الدولية على “إطار قانوني واضح ومبادئ توجيهية” لسفن الإغاثة التي تنشط في البحر لإنقاذ المهاجرين، بجانب تعزيز الآلية الطوعية للتضامن التي توافقت عليها 21 دولة مطلع الصيف الماضي بشأن توزيع طالبي اللجوء وتحمّل التكاليف الناشئة عن ذلك.

وتستهدف الخطة الحد من مغادرة المهاجرين من دول المنشأ، مثل تونس ومصر وليبيا، وتنصّ على تعزيز قدراتها لضمان مراقبة أفضل للحدود البحرية وتنظيم تدفقات الهجرة وقصرها على الهجرة التي تحتاج إليها أوروبا، وتحاشي تعريض حياة المهاجرين للخطر بعد دفعهم مبالغ طائلة لمافيا التهريب.

العرب