مطلوب أكثر من 9 مليارات دولار لحل أزمة تكدس السلع في الموانئ المصرية

مطلوب أكثر من 9 مليارات دولار لحل أزمة تكدس السلع في الموانئ المصرية

القاهرة- بدأت الحكومة المصرية تتخلص من أزمة البضائع المكدسة في الجمارك منذ عدة أشهر. ورغم أنها تمكنت من دفع 5 مليارات دولار من أصل 14.5 مليار دولار قيمة السلع، إلا أنها مازالت تحتاج إلى 9.5 مليار دولار لحل الأزمة حلّا جذريّا.

ولم يستطع مستوردون مصريون الإفراج عن سلعهم بسبب نقص الدولار الذي تتعامل به القاهرة عند الإفراج الجمركي، ما أدى إلى تراكم الكثير من البضائع وعدم وصولها إلى الأسواق المحلية.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في افتتاحه أحد المشروعات القومية الاثنين أن البنوك ستغطي المطلوب بالدولار لصالح الاعتمادات في مدة 3 أو 4 أيام.

◙ المبلغ الذي دفعته القاهرة لحل أزمة البضائع يرجّح أن يكون سيولة متدفقة من بعض دول الخليج تحت بند الاستثمار

ولم يفسر أي مسؤول كيف استطاعت الحكومة الحصول على 5 مليارات دولار لحل أزمة بضائع مكدسة في الجمارك تسببت في نقص بعض المستلزمات الاستهلاكية، وهي التي بقيت نحو عام تحاول إقناع صندوق النقد الدولي بضرورة منحها قرضا جديدا بقيمة 3 مليارات دولار على مدار حوالي أربعة أعوام، ولم تتجاوز الدفعة الأولى منه قبل أيام 350 مليون دولار.

وتحركت الحكومة بشكل سريع عندما وجدت أن أزمة البضائع أدت إلى ارتفاع كبير في الأسعار بعد شُح العديد من السلع وتوقف بعض المصانع وتخفيض أخرى إنتاجها عقب اختفاء المستلزمات المستوردة، وخشيت أن يؤدي استمرار الاحتجاز بسبب ندرة الدولار إلى المزيد من الأزمات الاقتصادية، ما قد يصعّب السيطرة عليها.

وذكر مجلس الوزراء في بيان له مساء الأحد أن البضائع المفرج عنها جاءت من السلع المحتجزة داخل الموانئ والتي تصل قيمتها إلى حوالي 14.5 مليار دولار.

وكشف خبير اقتصادي لـ”العرب” أن المبلغ الذي دفعته القاهرة لحل أزمة البضائع المكدسة في الموانئ “من المؤكد أنه قادم من سيولة متدفقة من بعض دول الخليج تحت بند الاستثمار، وفي إطار بعض الاتفاقيات والتعاون الموقع بين صندوق مصر السيادي ونظيره في كل من السعودية والإمارات وقطر”.

اقرأ أيضا: مصر تستنجد بالبنوك لحل مشكلة تكدس البضائع في الموانئ

وذكر الخبير، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لـ”العرب” أن السيولة الدولارية الجديدة هي التي تم الإعلان عنها في بيان صندوق النقد الدولي الأخير، حيث قال “يحفز برنامج صندوق النقد لمصر تمويلاً إضافيًا بقيمة 14 مليار دولار من شركاء مصر الدوليين والإقليميين، بما في ذلك التمويل الجديد من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء آخرين”.

وكانت مجموعة كبيرة من البضائع تراكمت في الموانئ المصرية منذ بدء الأزمة قبل أشهر، بالتزامن مع صعوبة تدبير العملة الأجنبية وشح التدفقات النقدية الوافدة، وعدم وجود بدائل لاستخدام العملة المحلية من أجل إنهاء أزمة البضائع في الجمارك.

وقال رئيس لجنة التجارة الداخلية في شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية متى بشاي إن الشعبة تقدمت منذ أشهر إلى السلطات المصرية بطلب للتعامل بالتوكيلات الملاحية مع شركات تداول الحاويات بالعملة المحلية وإيقاف التعامل بنظيرتها الأجنبية في سداد مصروفات التداول بمصر نتيجة أزمة شح العملة، لكنها لم تستجب لذلك.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “الغرامات التي يتعرض لها المستوردون يتم دفعها بالدولار أيضًا، وتصر الخطوط الملاحية على أن تحصل على رسومها بالدولار مثل تعاملاتها في مختلف دول العالم، لذلك لم تستطع الحكومة التفاوض معها في هذا الشأن”.

وأوضح أن الإفراج عن السلع المكدسة لن يطال كل السلع، ويقتصر على المنتجات المتعلقة بالأغذية، وغالبية الأصناف الأخرى التي تمثل 70 في المئة من جملة الاستيراد لن يتم الإفراج عنها، مشيرًا إلى أن الأرقام المعلن عنها في الموانئ المصرية والمقدرة بنحو 14.5 مليار دولار ليست دقيقة، وقال إنها “لن تقل عن 30 مليار دولار”.

ولفت إلى أن شعبة المستوردين لا تبحث عن مصدر السيولة الدولارية التي توفرها الحكومة حاليًا، لكن تنظر إلى قيمة الأرقام التي يُعلن عنها والخاصة بتلك البضائع، وهي حتى الآن ضئيلة ولا تلبي رغبات المستوردين الذين تكبدوا خسائر فادحة منذ فبراير الماضي، مؤكدا أن كلام الرئيس السيسي (الاثنين) بمثابة “أمـر” يهدف إلى الإفراج عن البضائع المتكدسة في الموانئ خلال أيام معدودة.

ومؤخرا وضعت الحكومة خطة بالتعاون مع القطاع المصرفي في البلاد للإفراج عن البضائع المتبقية خلال فترة قصيرة، مع منح أولوية للسلع الغذائية ومكونات التصنيع الغذائي والأدوية ومستلزمات الإنتاج.

واستبقت الحكومة حلول شهر رمضان بعد نحو شهرين، والذي يتزايد فيه استهلاك المصريين للسلع الغذائية، وحلّت جانبا مهما من أزمة الجمارك ووفرت كمية كبيرة من العملة الصعبة عبر ضمان صندوق النقد، ما يعني أنها لن تسمح بخروج الأسواق عن السيطرة واستمرار الانفلات الحاصل في أسعار الكثير من السلع.

ويقول متابعون إن المشكلة التي ستواجهها الحكومة تكمن في نوعية الشركات التي من المتوقّع أن تتم خصخصتها خلال الفترة المقبلة، والتي بموجبها تحصلت الحكومة على أموال من بعض الشركاء الإقليميين والدوليين ساعدت على حلحلة أزمة تكدس البضائع.

ويضيف المتابعون أن الحكومة بحاجة إلى تعزيز الثقة في توجهاتها الاقتصادية كي تضمن تمرير بيع بعض الشركات بسهولة، وتجاوز بعض الممانعات الشعبية، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنشآت ذات دلالة رمزية عند المصريين مثل قناة السويس.

وأسهمت عملية الإفراج الجمركي عن البضائع عبر ضخ عملات أجنبية للمستوردين في تهدئة الفوران الذي شهدته السوق الموازية لسعر الدولار وارتفاع قيمته بنسبة 25 في المئة عما يتم تداوله في السوق المصرفية الرسمية.

العرب