أي مسارات أمام الاستحقاق الرئاسي في لبنان

أي مسارات أمام الاستحقاق الرئاسي في لبنان

لا يزال الغموض يخيم على الاستحقاق الرئاسي في لبنان في ظل فشل الجهود الداخلية في حلحلة الأزمة وعدم تبلور خارطة طريق خارجية للحسم في الخلافات المركبة بين الفرقاء السياسيين.

وترى أوساط سياسية أن كسر الجمود السياسي من الممكن أن يتم عبر مسارين: الأول هو داخلي يتطلب اقتناع الفرقاء المحليين بأن الواقع لم يعد يحتمل المزيد من التأجيل، الأمر الذي من الممكن أن يكون التدهور الخطير على مستوى الأوضاع الداخلية هو المبرر المنطقي له، أما الثاني فهو بروز مؤشرات على توافقات دولية وإقليمية من الممكن أن تنعكس على الملف المحلي، وهو ما قد يحتاج إلى المزيد من الوقت كي ينضج، بالرغم من وجود بعض التطورات التي تصب في هذا الاتجاه.

وبين هذين المسارين، تشير الأوساط نفسها إلى إمكانية أن تقود مبررات المسار الأول إلى تعجيل نتائج المسار الثاني، أي أن يتم تمرير تسوية لبنانية تقوم على أساس عدم ترك الملف المحلي في مرحلة الانتظار، لكنها تشدد على أن هذا المسار غير مضمون النتائج، نظرا إلى أن الأمور لا يمكن النظر إليها انطلاقا من معادلة ثابتة، أي أن التدهور الداخلي سيقود إلى تحرك القوى الخارجية المعنية بالملف اللبناني، وبالتالي من الأفضل عدم الدخول في مغامرة الرهانات غير المضمونة.

وتعتبر هذه الأوساط أن المسار الأفضل قد يكون الذهاب إلى تمهيد الأرضية المحلية لاستقبال انعكاسات أي تطور على المستويين الإقليمي والدولي، ما يتطلب اقتناع الفرقاء المحليين، بعد اعترافهم بعجزهم عن الوصول إلى الحلول، بأن المطلوب هو التهدئة التي تجنب البلاد المزيد من التدهور، بدل الاستمرار في معادلات السعي إلى كسر بعضهم البعض.

ويعاني لبنان أزمات سياسية واقتصادية متعددة، آخرها كان شغور المنصب الرئاسي، عقب انتهاء مدة الرئاسة الفعلية للرئيس السابق العماد ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي.

وعاد الحديث في الآونة الأخيرة عن إحياء وسائل ضاغطة غربية، مثل العقوبات على معطلي الانتخابات الرئاسية والإصلاحات في لبنان، والتي تنطبق على إطار قانوني سبق للاتحاد الأوروبي أن أقره، ولم تتخذ بعد في ظله إجراءات تنفيذية.

المسار الأفضل قد يكون الذهاب إلى تمهيد الأرضية المحلية لاستقبال انعكاسات أي تطور إقليمي ودولي

كما أن هذه الضغوط قد لا تقف عند حدود العقوبات، بل ثمة تداول لاحتمالات أخرى تتصل بآفاق المرحلة التي يفترض أن تلي انتخاب رئيس الجمهورية والحكومة التي ستتشكل في عهده، ما يعني وضع الأسرة الدولية لمعايير أكثر تشددا حيال أي حكم جديد.

ورغم كل ذلك، ثمة اتصالات ومشاورات بينية يأمل اللبنانيون أن تنجح في رسم “خارطة الطريق” وأرضية مشتركة يمكن التأسيس عليهما، لبناء تصور رئاسي توافقي داخلي يلاقي الحراك الخارجي ويخفف من وطأة الضغوط الخارجية في التسوية المرتقبة.

وانتهت فترة رئاسة عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وفشل البرلمان للمرة العاشرة منتصف ديسمبر الماضي في انتخاب خلف له.

ويتوقع مراقبون ألاّ يعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي هذه المرة عن جلسة لانتخاب رئيس جديد قبل توافق الكتل السياسية الرئيسية، فيما ترجح مصادر أن ينحصر السباق الرئاسي بين سليمان فرنجية وقائد الجيش اللبناني جوزيف عون واللذين لا يفاضل بينهما حزب الله.

وألقى شغور المنصب الرئاسي بظلاله على العديد من الأزمات الاقتصادية وغيرها، حيث تسبب في جدل حول صلاحيات الحكومة الموجودة حاليا، وطبيعتها كحكومة تصريف أعمال.

ويبحث لبنان عن حلول للخروج من نفق أزماته المالية والاقتصادية والنقدية، من بينها طرق باب صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مالي، وإمكانية تعويم العملة المحلية.

وأواخر يناير 2022 بدأت الحكومة اللبنانية رسميا مفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج للتعافي الاقتصادي في البلاد.

ويشهد لبنان أسوأ أزمة مالية واقتصادية في تاريخه منذ أكثر من ثلاث سنوات أسفرت عن انخفاض القدرة الشرائية للبنانيين وارتفاع نسبة الفقر والبطالة وانهيار حاد في العملة الوطنية مقابل الدولار.