ماكغورك مجددا في أربيل: حرص أميركي على إنهاء الأزمة في كردستان

ماكغورك مجددا في أربيل: حرص أميركي على إنهاء الأزمة في كردستان

عكست زيارة المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك عمق انشغال واشنطن بالأزمة السياسية التي تعصف بإقليم كردستان منذ أشهر، وتزامنت زيارة ماكغورك مع انطلاق جولة التفاوض بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني.

السليمانية (العراق) – عاد المبعوث الأميركي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك السبت إلى كردستان، في زيارة هي الثانية له إلى المنطقة خلال أسبوع، لمتابعة الجهود الجارية لتسوية الخلافات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني.

وتبدي واشنطن انشغالا كبيرا بالوضع السائد في الإقليم الواقع في شمال العراق، وسبق وأن حذرت مرارا الفرقاء الأكراد من مغبة استمرار هذا الوضع الذي ينذر بالعودة إلى نظام الإدارتين، خصوصا بعد تلويح الاتحاد الوطني صراحة بالانفصال.

وتأتي زيارة ماكغورك بالتزامن مع انعقاد اجتماع لوفدي الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان في محافظة السليمانية لتطويق الخلافات الجارية بينهما، والتي تثير مخاوف الأكراد من تحولها إلى مواجهة مسلحة، أو ذهاب الطرفين نحو خيار الإدارتين.

وعقب وصوله إلى أربيل عقد ماكغورك مع وفده المرافق لقاءً مع رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني.

وكان ماكغورك زار الإقليم في الثامن عشر من يناير الجاري في إطار جولة قادته أيضا إلى بغداد حيث أجرى لقاءات مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.

وخلال زيارته السابقة إلى أربيل التقى المسؤول الأميركي برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني حيث بحث معه جملة من الملفات ومن أهمها الخلافات مع الاتحاد الوطني.

ويرى مراقبون أن زيارة المبعوث الأميركي الجديدة إلى الإقليم تندرج في سياق متابعة ما تم التوصل إليه خلال الزيارة الماضية بشأن ضرورة إنهاء حالة التصدع الراهنة في الإقليم والتوصل إلى تسوية مقبولة من الطرفين، لاسيما في ظل التحديات الراهنة التي تواجه الإقليم، سواء في علاقة مع محيطه الخارجي أو في ارتباط بالسلطة المركزية في العراق.

ويشير المراقبون إلى أن واشنطن حريصة على وضع حد للأزمة السياسية في الإقليم، وهي لن تقبل باستمرار حالة التدهور الراهنة لأن ذلك يشكل تهديدا غير مباشر لمصالحها.

ويعتبر إقليم كردستان حجر أساس في إستراتيجية واشنطن في العراق، وبالتالي لن تغامر بخسارة الإقليم، أو تركه في مهب الخلافات حول مصالح ضيقة بين فرقائه السياسيين.

وعقد السبت اجتماع على مستوى المكتب السياسي للحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني في مدينة السليمانية.

وضم وفد الحزب الديمقراطي عضو الهيئة الإدارية للمكتب السياسي محمود محمد، وأعضاء المكتب السياسي هيمن هورامي، وبشتيوان صادق، وعلي حسين، وعضوا اللجنة المركزية للحزب جعفر إيمينكي وأوميد صباح.

واشنطن تسارع إلى الترحيب بالمحادثات التي جرت السبت في السليمانية بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني

في المقابل حضر عن الاتحاد الوطني عضو المكتب السياسي قوباد طالباني، وعضوا الهيئة الإدارية للمكتب السياسي درباز كوسرت رسول وآسو مامند، وعضو المكتب السياسي مسؤول مكتب العلاقات أمين بابه شيخ، وعضو المجلس القيادي دارا رشيد.

وذكرت مصادر مطلعة أن اللقاء جرى في أجواء إيجابية، وقد أظهر الوفدان رغبة حقيقية في تجاوز الخلافات لكن الأمور لا تزال في مراحلها الأولى.

وصدر بيان مشترك بين الوفدين عقب اللقاء أكدا من خلاله أن الاجتماع “ناقش كافة القضايا المتعلقة بالوضع السياسي في إقليم كردستان، وتم تبادل الآراء والمواقف حول العديد من القضايا الراهنة”.

وأضاف البيان “كما تم عرض الموقف العام والمعادلات المحلية والإقليمية وتعليقات الجانبين على مختلف القضايا المتعلقة بالاتفاق السابق بين الحزبين”. وأشار البيان المشترك للحزبين الكرديين إلى أن الجانبين “اتفقا على عقد اجتماع آخر للوفدين في المستقبل القريب”.

وسارعت الولايات المتحدة إلى الترحيب بالمحادثات التي جرت بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني. وقالت القنصلية الأميركية لدى أربيل على حسابها في تويتر “نرحب بخطوات إصلاح العلاقات الداخلية التي يتخذها شركاؤنا في حكومة إقليم كردستان من أجل مصلحة شعبهم”.

زيارة ماكغورك إلى الإقليم تندرج في سياق متابعة ما تم التوصل إليه خلال الزيارة الماضية بشأن ضرورة إنهاء حالة التصدع الراهنة في الإقليم

وأضافت أنه “بالعمل معا يمكن بناء إقليم كردستان العراق أكثر تطوراً”، مشيرة إلى أن “البيت الموحد يزدهر دائما”.

ويأمل الأكراد في أن تنجح الضغوط الأميركية في دفع الحزبين إلى التنازل وإعلاء مصلحة الإقليم الذي يواجه وضعا شائكا مع تهرب السلطة المركزية من تعهداتها لناحية تسوية القضايا العالقة، والقرار الصادر مؤخرا عن المحكمة العليا الاتحادية الذي يقضي بمنع أي تحويلات مالية للإقليم.

ونددت كتلة الحزب الديمقراطي في البرلمان العراقي السبت بقرار المحكمة الاتحادية العليا، داعية في الوقت نفسه إلى ضرورة تشريع قانون النفط والغاز ضمن إطار حل الخلافات والقضايا العالقة بين أربيل وبغداد.

وأعربت الكتلة في بيان تلته رئيستها فيان صبري في مؤتمر صحافي عن أسفها لقرار المحكمة الأخير بمنع صرف المستحقات المالية لإقليم كردستان، مضيفة “كنا ولا زلنا ندعو إلى أن تكون جميع مؤسسات الدولة وبما فيها القضاء عوامل تقارب وتفاهم من أجل دعم الاستقرار السياسي في البلاد”.

وذكرت بأنه كان من المفترض من المحكمة الاتحادية أن تراعي الظروف السياسية العصيبة التي مرت بها بالبلاد، ودعم التفاهمات والالتزامات والبيئة الإيجابية بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم بقرار يراعي حقوق جميع المكونات وعلى روح الدستور والعدالة لا أن يكون قرارا شكلا ومضمونا يستهدف قوت وأرزاق المواطنين في كردستان.

الأكراد يأملون في أن تنجح الضغوط الأميركية في دفع الحزبين إلى التنازل وإعلاء مصلحة الإقليم

ولفتت صبري إلى أن “الحكومة الجديدة تشكلت بدعم من القوى السياسية المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة ووفق تفاهمات والتزامات مبنية على مبدأ تأكيد التنسيق بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حول الملفات والقرارات التي تخص إقليم كردستان وتجنب أي إجراءات تصعيدية ضد الإقليم، وأن يتم وضع المعالجات التشريعية الدستورية بما يتعلق بالموازنة والنفط والمادة 140 وغيرها”، مستدركة أن “القرار الأخير جاء مخالفا لتلك التفاهمات والالتزامات مما يشكل منعطفا خطيرا على العملية السياسية برمتها”.

وقضت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، الأربعاء الماضي بعدم دستورية إرسال مجلس الوزراء الاتحادي مبالغ مالية لتمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام في إقليم كردستان.

واعتبر الخبير القانوني أمير الدعمي في تصريحات صحافية أن “قرار المحكمة الاتحادية الأخير استند على القرار 59 بخصوص الأموال التي تُجبى من تصدير نفط إقليم كردستان دون الرجوع إلى الخزينة المركزية”، مشيرا إلى أن “هذا القرار اشترط أن ترجع هذه الأموال إلى خزينة الدولة بالحكومة الاتحادية مقابل إرسال الأموال من الحكومة الاتحادية إلى كردستان”.

وسبق أن أصدرت المحكمة الاتحادية في فبراير الماضي قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة إقليم كردستان الصادر عام 2007، وإلغائه لمخالفته أحكام مواد دستورية، فضلا عن إلزام الإقليم بتسليم الإنتاج النفطي إلى الحكومة الاتحادية.

ويهدد قرار المحكمة الاتحادية بعجز حكومة الإقليم عن صرف رواتب الآلاف من الموظفين والمتقاعدين كاملة ومن دون استقطاعات.

ووفق وزارة المالية والاقتصاد في إقليم كردستان، فإن الرواتب الشهرية الإجمالية لموظفي إقليم كردستان تتطلب نحو 616 مليون دولار، ويتم توفيرها بشكل عام على النحو الآتي: الإيرادات النفطية 350 مليون دولار، الإيرادات الداخلية 128 مليون دولار، والأموال التي ترسلها الحكومة الاتحادية 138 مليون دولار (200 مليار دينار).

العرب