تقول أوساط سياسية خليجية إنه من المبكر تقييم التحول المفاجئ في العلاقة بين السعودية وإيران وتأثيراته على المنطقة، لكن ذلك لا ينفي أن هذا التحول يشكل حافزا قويا لإعادة تشكيل العلاقة بين طهران والدول الخليجية، ومعالجة الخلافات السائدة بينهما.
وتوضح الأوساط أن المضي قدما في الاتفاق وإبداء إيران إرادة حقيقية لاستكمال خطواته بالتأكيد سيفسحان المجال أمام معالجة خلافات عالقة بين طهران ودول الخليج في معظمها على علاقة بترسيم الحدود كما هو الشأن مع الكويت والإمارات، وأيضا التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي كما هو الحال مع البحرين.
ولاقى الاتفاق بين السعودية وإيران على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما في غضون شهرين ترحيبا من دول الخليج، التي أجمعت على أن هذا الاتفاق من شأنه أن يعيد الاستقرار إلى المنطقة.
مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين إيران والكويت قد توقفت منذ أكثر من عشر سنوات، بسبب خلافات حول المرجعية التي ستعود إليها المفاوضات.
وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية بأن “اللجنة القانونية المشتركة بين البلدين عقدت أعمالها الاثنين في العاصمة الإيرانية طهران”.
وترأس الجانب الكويتي بالاجتماع نائب وزير الخارجية السفير منصور العتيبي، في حين ترأس الجانب الإيراني نائب وزير الخارجية للشؤون القانونية والدولية السفير
رضا نجفي.
وبحسب الوكالة الكويتية بحث الجانبان “مسألة ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين، والتأكيد على ضرورة حسم هذا الأمر بالشكل الذي يتوافق مع قواعد القانون الدولي”.
وكان العتيبي بحث أيضًا مع نائب وزير الخارجية الإيراني السفير علي باقري كني “سبل تعزيز العلاقات وتطويرها”، خلال جلسة المشاورات السياسية بين البلدين، وفق المصدر نفسه.
ومن شأن الاتفاق على ترسيم الحدود بين البلدين أن يفتح المجال لاستغلال ثروات الطاقة في المنطقة المتنازع عليها.
وفي العام الماضي أعلنت إيران رفضها اتفاقا كويتيا – سعوديا بشأن استغلال حقل الدرة الواقع في المنطقة المغمورة بين البلدين، مهددة باتخاذ جملة من الإجراءات في المنطقة التي تعتبر أن لها أحقية فيها.
التهديد الإيراني لم يحل حينها دون مضي الكويت والرياض قدما في خطط تطوير الحقل الذي يعتقد أنه يحتوي على 10 إلى 13 مليار قدم مكعبة من الغاز، ونحو 300 مليون برميل نفط، فيما تقول طهران إنه يحتوي على 20 مليار قدم مكعبة من الغاز.
ويقع حقل الدرة، الذي اكتشف عام 1967، في الجزء البحري من المنطقة المحايدة المقسمة بين السعودية والكويت، لكن من وجهة نظر إيرانية يمتد أيضا إلى مياهها الإقليمية، ويُعرف باسم “أراش”.
وفي أغسطس الماضي أعادت الكويت سفيرها لدى إيران، بعد سنوات من سحبه تضامنًا مع قرار السعودية في 2016، وقد أكد البلدان عقب ذلك على اعتزامهما بدْء مفاوضات بشأن التوصل إلى حل لقضية الحدود البحرية.
ويرى مراقبون أنه لا يمكن القول إن الاتفاق السعودي – الإيراني هو الدافع المباشر لاستئناف المفاوضات الحدودية بين الكويت وإيران، لكن بالتأكيد ساهم بشكل ما في خلق مناخ إيجابي لإمكانية التوصل إلى توافق، لاسيما وأن الرياض معنية هي أيضا بهذا الملف.
ويشير المراقبون إلى أن اتفاق الرياض وطهران، والذي لا يمكن التكهن بمدى صلابته، قد ينسحب تأثيره أيضا على الخلاف الإيراني – البحريني.
وأعلنت الخارجية الإيرانية الاثنين أن بلادها مستعدة للبناء أكثر على التقارب الوليد مع السعودية، عبر إصلاح العلاقات مع مملكة البحرين.
وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني “علينا أن نثق بطريق الدبلوماسية وأن نتخذ خطوات في هذا الاتجاه”، مشددا على “الأجواء الإيجابية التي نراها في المنطقة”.
وجاءت تصريحات كنعاني بعد يومين من لقاء جمع بين رئيس مجلس النواب البحريني أحمد المسلم ورئيس وفد مجلس الشورى الإيراني مجتبى رضاخواه، على هامش انعقاد الدورة الـ146 للاتحاد البرلماني الدولي بالمنامة.
وعلى غرار باقي دول الخليج، علّقت البحرين العلاقات الرسمية مع إيران في 2016 دعما للخطوة السعودية، لكن متابعين يرون أن المنامة كانت أكثر المتحمسين لقطع العلاقة باعتبارها من أكثر المتضررين من نشاطات إيران، التي ما فتئت تعمل على هز الاستقرار داخل المملكة الخليجية الصغيرة، في علاقة بعقدة تاريخية ترى من خلالها إيران أن البحرين امتداد لها.
صحيفة العرب