تأمل العواصم الخليجية من تطوير علاقات الشراكة الاقتصادية مع العراق شيئا، وتأمل حكومة الإطار التنسيقي في العراق شيئا آخر، وتأمل الولايات المتحدة شيئا ثالثا. وبالرغم من أن التلاقي بين الأهداف الثلاثة لا يزال متاحا فإن غلبة أحدها على الآخر تتعلق بموقف الجماعات الموالية لإيران، التي تهيمن على السلطة في بغداد.
وتعهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارته إلى بغداد باستثمارات قطرية تبلغ 5 مليارات دولار على مدار عدة سنوات. وتم بالفعل التوقيع على اتفاقية لخدمات النقل الجوي، وأخرى للنقل البحري بين البلدين.
تأمل العواصم الخليجية من تطوير علاقات الشراكة الاقتصادية مع العراق شيئا، وتأمل حكومة الإطار التنسيقي في العراق شيئا آخر، وتأمل الولايات المتحدة شيئا ثالثا. وبالرغم من أن التلاقي بين الأهداف الثلاثة لا يزال متاحا فإن غلبة أحدها على الآخر تتعلق بموقف الجماعات الموالية لإيران، التي تهيمن على السلطة في بغداد.
وتعهد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال زيارته إلى بغداد باستثمارات قطرية تبلغ 5 مليارات دولار على مدار عدة سنوات. وتم بالفعل التوقيع على اتفاقية لخدمات النقل الجوي، وأخرى للنقل البحري بين البلدين.
اتفاق لإنشاء شركة نفط مشتركة وبناء مصفاة للتكرير، بالإضافة إلى اتفاقات بشأن توريد النفط الخام والغاز المسال إلى العراق، ما سيسهم في تلبية احتياجات الطاقة وتعزيز القدرة الإنتاجية”.
وتشمل الاستثمارات القطرية المقترحة تطوير مدينتين سكنيتين نموذجيتين تتمتعان ببنية تحتية حديثة، سعة كل مدينة 50.000 ساكن، وتتضمن بناء مراكز تجارية ومستشفيات ومدارس. كما تم الاتفاق على بناء فنادق من فئة خمسة نجوم، فضلا عن اتفاقات أخرى مع شركات قطرية متخصصة في إدارة وتشغيل عدد من المستشفيات الجديدة.
وتأتي هذه الاستثمارات بعد سلسلة اتفاقات بين العراق والسعودية، بدأت بتخصيص 3 مليارات دولار من صندوق الاستثمارات العامة السعودي للعمل في مجالات تشمل البنية التحتية والتعدين والزراعة والتطوير العقاري والخدمات المالية.
وكان العراق أعلن في 25 مايو الماضي عن الاتفاق مع شركة أرامكو السعودية على الاستثمار وتطوير حقل “عكاز” الغازي في محافظة الأنبار، بهدف الوصول إلى طاقة إنتاجية تصل إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية يوميّا.
كما أعلن وزير النفط العراقي حيان عبدالغني في اليوم نفسه عن اتفاق آخر مع السعودية للمساهمة في الاستثمار بمشروع “نبراس” الذي يعد أحد أهم المشاريع الإستراتيجية في الصناعات البتروكيماوية في العراق والمنطقة.
وفي الثامن من الشهر الجاري تم تدشين مشروع الربط الكهربائي بين السعودية والعراق، ليغذي العراق بنحو 1000 ميغاواط في المرحلة الأولى عن طريق محطة عرعر الحدودية. وهو جزء من مشروع خليجي تقدر استثماراته بنحو 280 مليون دولار، ويستمر تنفيذه قرابة 24 شهرا، وتقوم عدة جهات من الكويت وقطر بتمويل المشروع بين هيئة الربط الكهربائي في الخليج والعراق.
وأشار إلى أن” بلاده قدمت قرضًا للعراق منذ أكثر من 6 سنوات وبقيمة مليار و500 مليون دولار، وتم استثمار جزء من القرض في بناء مستشفى الشرقاط بسعة 200 سرير، وإنشاء سايلو بابل، وسيتم تمويل مشاريع أخرى”.
وأعلنت الولايات المتحدة، على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي آدم هودج، أنها “تؤيد بشكل كامل سيادة العراق واستقلاله واندماجه المتزايد في مجلس التعاون الخليجي والمنطقة العربية”. وأضاف المتحدث أن ذلك “يشمل تحرك العراق نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة من خلال خطوات لربط شبكة طاقته بشبكات دول مجلس التعاون الخليجي والأردن”.
وقال هودج إن “هذين المشروعين للبنية التحتية كانا جزءا من زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط في العام الماضي، ويتم تحقيقهما الآن بتيسير ودعم نشطين من الولايات المتحدة”.
أما التحاق العراق بمجلس التعاون الخليجي فهو أمر لا يزال بعيد المنال، رغم أن العراق يشارك في بعض اجتماعات وزراء خارجية المجلس. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى أن التكامل الخليجي قطع أشواطا مازال العراق بعيدا عنها.
في مقابل ذلك يتمثل التصور السائد لدى مختلف أطراف الإطار التنسيقي الحاكم ببغداد في أن موازنة العراق لا تملك رفاهية التفكير في الاستثمارات، إذا أُخِذ بعين الاعتبار حقيقة أن إيران وحدها تستنزف نحو 20 مليار دولار سنويا من تجارتها مع بغداد. وأن تكاليف رواتب الموظفين الحكوميين والمتقاعدين تبلغ نحو 45 مليار دولار، بينما يستهلك الإنفاق الأمني والعسكري الذي يشمل رواتب ميليشيات الحشد الشعبي وتعاقدات الشركات التابعة له، والتي غالبا ما تنفذ مشاريع شكلية، معظم الباقي. وهذا الأمر لا يبقي من عائدات النفط البالغة نحو 120 مليار دولار سنويا ما يكفي حتى لإدامة الخدمات الأساسية في البلاد، وهو ما كان مصدر نقمة واحتجاجات هددت النفوذ الإيراني في العراق.
وعلى هذا الأساس تبدو الاستثمارات الخليجية حلا، طالما أن إيران “تأخذ ولا تعطي”، على الأقل لأجل الحفاظ على الحد الأدنى من مشروعية بقاء الجماعات الموالية لها في السلطة.
إن التكامل مع دول الخليج غاية تستهدف تقليص التبعية لإيران، وإعادة ربط العراق بإقليمه غاية ثانية تستهدف إقالته من العثرة، والتغطية على الفشل التنموي غاية ثالثة تعني التستّر على حرب الاستنزاف التي تشنها الجماعات الموالية لإيران ضد موارد العراق. ولكنها غايات مترابطة بالرغم من التفاوت الظاهر بين بعضها البعض.
صحيفة العرب