يقول تيم ساهي كبير مديري السياسات في شبكة الصفقة الجديدة الخضراء -التي تضم 15 منظمة من منظمات المجتمع المدني بأميركا- لا تُصدقوا ما يُقال عن نجاح السياسات الاقتصادية لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، مشيرا إلى أن الهند عالقة حاليا في فخ نمو البطالة.
ونسب الكاتب إلى الخبير الاقتصادي “آر ناغاراج” قوله عن الهند إنها لم تشهد مثل هذا التراجع الاقتصادي خلال العقود السبعة الماضية مثلما تشهده حاليا، مضيفا أن خطورة هذه المشكلة ربما هي أنها لم تجد حتى الآن مكانا في أذهان صانعي السياسة والجمهور.
ويوضح الكاتب في مقال له بمجلة “فورين بوليسي” (Foreign Policy) أن مودي أخفق في الوفاء بوعوده خلال حملته الانتخابية لزيادة التصنيع في الهند حيث بلغ 25% من إجمالي الناتج المحلي وزيادة الاستثمارات الرأسمالية في المطارات والسكك الحديدية إلى 11% من ميزانيتها لعام 2023 لإنشاء سوق محلي داخلي أكبر.
وقال إنه رغم وعد مودي بإضافة 100 مليون وظيفة في قطاع الصناعة، فقد خسرت الهند 24 مليونا من هذه الوظائف بين عامي 2017 و2021، وكانت 11 مليون وظيفة قبل اندلاع وباء كوفيد-19، حيث كانت البنوك الحكومية تعاني من توقف العمل.
وأضاف أن عدد العاطلين عن العمل في الهند أصبح الآن أكبر مما كان عليه عام 2011، وآفاق العمل في المدن كئيبة للغاية لدرجة أن الزراعة توظف الآن نسبة أكبر من العمال مما كانت عليه قبل 5 سنوات. وفي عام 2019، تقدم 12.5 مليون شخص بطلبات للحصول على 35 ألف وظيفة في السكك الحديدية.
إخفاق في قطاع الصناعة
ورأى ساهي أن الإخفاق في إضافة وظائف التصنيع صارخ بشكل خاص عند مقارنة الهند بالاقتصادات المماثلة في فيتنام وبنغلاديش. فقد ضاعف كلا البلدين حصتهما من العمالة الصناعية بين عامي 2000 و2020، بينما ارتفعت حصة الهند بالكاد بنسبة 2%، وأصبحت فيتنام حاليا تصدر ما يقرب من نفس القيمة من السلع المصنعة مع سكانها البالغ عددهم 100 مليون نسمة كما تفعل الهند بـ1.4 مليار.
وقال إن حكومة مودي أخفقت في اجتذاب المستثمرين لقطاع النقل والخدمات اللوجستية، وإن المستثمرين المحليين أصبحوا يميلون إلى تحويل أرباحهم إلى الخارج وإظهار تفضيلهم للأصول المالية.
رأسمالية المحسوبية
واستمر الكاتب بالقول إن رأسمالية المحسوبية لمودي أنتجت توزيعا تصاعديا هائلا للثروة بينما أخفقت في تكوين قاعدة كبيرة من المستهلكين من الطبقة الوسطى بما يكفي لجذب المستثمرين للتوسع.
وأضاف أن كل مؤشر للاستهلاك الخاص للطبقة العاملة والطبقة المتوسطة في الهند (مبيعات السلع الاستهلاكية سريعة الحركة، والدرّاجات ذات العجلتين، والسيارات ذات المستوى الأولي، وحتى السفر بالسكك الحديدية) قد أصيب بالركود خلال العقد الماضي.
ونسب الكاتب إلى مجلة “إيكونوميست” (Economist) البريطانية قولها إن الاستثمار الخاص في 2019-2020 كان 22% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، انخفاضا من 31% في 2010-2011.
وتضيف المجلة -وفق الكاتب- أن المستثمرين يقولون سرا إنهم يخافون من استخدام مودي غير المستقر والمتقلب للسلطات الضريبية التي توظفها حكومته لمعاقبة الخصوم السياسيين.
وأشار الكاتب إلى ما وصفها بالظواهر السلبية العديدة لنموذج مودي مثل منح الامتيازات لشركات هندية ضخمة مرتبطة بالسياسة، ووضع الثروة قبل الصحة للسكان ورفض إعطاء الأولوية للاستثمارات في الرعاية الصحية الأولية، والعمل الضعيف في مكافحة التلوث، والتمييز الجنسي المؤسسي “الذي يعيق بشدة النمو الاقتصادي الهندي”، وفق وصف الكاتب.
المصدر : فورين بوليسي