حملة تشويه متصاعدة تستهدف الإمارات

حملة تشويه متصاعدة تستهدف الإمارات

لندن – صدر خلال الأيام الأخيرة تقريران يوجهان اتهامات إلى الإمارات، يتعلق الأول بالقيام باغتيالات في اليمن ويتصل الثاني بتسليح قوات الدعم السريع في السودان، وهو ما يعكس وجود حملة تشويه ضد أبوظبي، خاصة أن التقريرين يتزامنان مع إعلان بريطانيا فتح تحقيق عقب عرض شركة مدعومة من أبوظبي الاستحواذ على صحيفة ذا تليغراف.

وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز الأربعاء أن الإمارات نفت تسليح قوات الدعم السريع التي تخوض صراعا مع الجيش السوداني. جاء ذلك بعدما نشرت وثيقة مسربة من الأمم المتحدة أدلة “ذات مصداقية” على أن الإمارات ترسل أسلحة إلى قوات الدعم السريع.

وتثير بعض الوثائق المنسوبة إلى الأمم المتحدة التساؤلات بسبب اعتمادها على جهة واحدة في إعداد التقارير التي تصدرها ويتم استثمارها من الجهة نفسها على أنها “تقارير ذات مصداقية”، وتروج لها على أساس أنها موقف دولي، في حين أن تلك الجهة هي التي سربت معطيات التقارير و”الأدلة” و”الحقائق” إلى المنظمة الأممية.

ما يلفت الانتباه أن تثير بي بي سي مواضيع أمنية بعد مرور سنوات على انسحاب الإمارات من جنوب اليمن

وتعتمد المنظمات الدولية على تقارير فروعها المنتشرة في مختلف أنحاء العالم. لكن كيف تُعد الفروع تقاريرها وأغلب هذه الفروع في الشرق الأوسط تسلل إليها أعضاء الجماعات المتشددة وأنصارها وباتوا مصدرا أساسيا لصياغة تلك التقارير، وهذا ما يفسر انحياز التقارير الأممية في الغالب إلى هذه الجماعات أو من يمثلها في بلد من البلدان مثلما هو الحال في السودان.

وما يثير الاستغراب هو تركيز الوثيقة الأممية على مصادر تسليح قوات الدعم السريع ولم تتحدث عن مصادر تسليح الجيش السوداني، وهو ما يدعم فكرة أن التقرير موجه وخادم للجيش السوداني ومعبّر عن مواقف سابقة أصدرها بعض قادته.

وجاء محتوى الوثيقة الأممية متماهيًا مع ما أعلنه مساعد القائد العام للجيش السوداني الفريق أول ياسر العطا الأحد الماضي؛ حيث أعلن عن شروع الحكومة السودانية في تقديم شكوى ضد الإمارات لدى المنظمات الإقليمية وصولاً إلى مجلس الأمن الدولي بزعم تورطها في تغذية الصراع المسلح في السودان.

ولجأ الجيش السوداني إلى هذه الاتهامات للتخفيف من وقع الهزائم التي يتعرض لها على أيدي قوات الدعم السريع التي باتت تسيطر على أغلب الولايات وتتلقى عملياتها دعما شعبيا كبيرا.

وتقف الجهات نفسها التي سربت رواية معادية للإمارات بشأن دعم قوات الدعم السريع وراء معطيات التقرير الذي نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الثلاثاء، والذي يفيد بأن أبوظبي “تقف وراء موجة من الاغتيالات بدوافع سياسية” في جنوب اليمن. وما يلفت الانتباه هو أن تثير بي بي سي الموضوع بعد مرور سنوات على انسحاب الإمارات من جنوب اليمن.

وبث نشطاء محسوبون على حزب الإصلاح الإخواني في اليمن العديد من الإشاعات عن الإمارات وروجوها على مواقع التواصل الاجتماعي كرد فعل على نجاح أبوظبي في حرب اليمن بوقوفها وراء المقاومة اليمنية ودورها في صد الهجوم الحوثي عن عدن وإخراج جماعة أنصارالله منها وتقديمها الدعم المالي والاقتصادي والأمني لليمنيين وكذلك أنشطتها الخيرية، وهو ما لا يخدم مشروع الإخوان وارتباطاتهم الخارجية.

وقالت بي بي سي إن أكثر من مئة شخص قتلوا خلال ثلاث سنوات بعدما تولّت الإمارات المسؤولية الأمنية في الجنوب، حيث كان تنظيم القاعدة يحقق مكاسب ميدانية. لكن الإمارات نفت تنفيذ أي اغتيالات لا علاقة لها بالإرهاب.

الجيش السوداني لجأ إلى مثل هذه الاتهامات للتخفيف من وقع الهزائم التي يتعرض لها على أيدي قوات الدعم السريع التي باتت تسيطر على أغلب الولايات

وقال مسؤول إماراتي في بيان لوكالة فرانس برس إن “المزاعم المتعلقة باغتيال أفراد لا علاقة لهم بالإرهاب كاذبة ولا أساس لها من الصحة”. وأضاف “لقد دعمت الإمارات عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن بدعوة وعلم الحكومة اليمنية وحلفائها الدوليين”. وتابع المسؤول “لقد تصرفت دولة الإمارات العربية المتحدة وفقًا للقانون الدولي المعمول به خلال هذه العمليات”.

وقالت الإمارات إن مزاعم مماثلة صدرت في الماضي “وثبت بالفعل أنها غير صحيحة ولها دوافع سياسية”، بحسب المسؤول نفسه الذي أكد أنه “في حال ظهور أي مزاعم جديدة يحتمل أن تكون ذات مصداقية في المستقبل، فإن الإمارات العربية المتحدة ستجري بالطبع تحقيقات صارمة”.

والأربعاء أعلنت وزيرة الثقافة البريطانية لوسي فريزر أن شركة ريد بيرد آي.إم.آي المدعومة من أبوظبي قدمت مقترحا جديدا يتعلق بعزمها الاستحواذ على صحيفة ذا تليغراف، الأمر الذي من المرجح أن يدفع الحكومة إلى فتح تحقيق جديد لأسباب تخص المصلحة العامة.

ودفع القلق المتزايد من احتمال التدخل الأجنبي في الأمور التحريرية للصحيفة التي تميل إلى تيار اليمين ولمجلة سبكتاتور وزيرة الثقافة إلى التدخل؛ إذ أمرت هيئة سوق المال البريطانية وهيئة تنظيم وسائل الإعلام بفتح تحقيق في الأمر. ومن المقرر أن تقدم الجهتان تقريرا إلى فريزر بحلول نهاية يوم الجمعة.

العرب