منظمة أوابك بلا دور في أسواق النفط

منظمة أوابك بلا دور في أسواق النفط

_69284_b4

لم يشهد الاجتماع الوزاري السنوي الأخير لمنظمة أوابك في القاهرة، سوى مناقشة القضايا التنظيمية والبيئية المتعلقة بمؤتمر المناخ الأخير، واعتماد المراجع القانونية لحسابات المنظمة، لينتهي بتحديد موعد الاجتماع المقبل في ديسمبر 2016 في القاهرة.

ولم يشعر أحد بانعقاد الاجتماع هذا الأسبوع، فأسواق النفط لم تكن تترقب ما يسفر عنه الاجتماع. وبالفعل، لم يشر البيان الختامي إلى السياسات النفطية للدول الأعضاء أو الحصص الواجب الالتزام بها، أو حتى التدابير التي ستتخذها لمواجهة أزمة انهيار أسعار النفط، التي لا تبدو لها نهاية في ظل الظروف الدولية والإقليمية.

كما لم يتطرق الاجتماع إلى المشاكل الاقتصادية التي تواجهها دول المنظمة، من حيث ارتفاع العجز في موازناتها أو أي إشارة للتعاون بين الدول الأعضاء.

حصة كبيرة في السوق

وتضم منظمة أوابك أكبر الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز في المنطقة العربية مثل السعودية والإمارات وقطر والكويت وليبيا والجزائر والعراق، رغم تحول بعض أعضائها من دول مصدرة للنفط إلى مستوردة، مثل مصر وتونس وسوريا.

ويشير التقرير السنوي للمنظمة إلى أن صادرات الدول الأعضاء قفزت من نحو 14.9 مليون برميل يوميا في عام 2010 إلى نحو 16 مليونا خلال العام الماضي.

وكانت تلك السنوات الخمس من أخصب فترات الصادرات النفطية العربية، حيث بلغت الأسعار ذروتها، حتى منتصف عام 2014.

وتمتلك الدول الأعضاء بالمنظمة نحو 54.4 بالمئة من الاحتياطيات المؤكدة من النفط في العالم. كما ارتفعت صادراتها من مشتقات النفط من 3.3 مليون برميل يوميا في 2010 إلى 3.8 مليون خلال العام الماضي.

أما صادراتها من الغاز الطبيعي فقد تراجعت في تلك الفترة بنسبة 9.5 بالمئة لتصل خلال العام الماضي إلى نحو 190 مليار متر مكعب. ويعود ذلك بشكل أساسي إلى تحول مصر من مصدر أساسي إلى مستورد للغاز.

كما تراجعت حصة دول المنظمة من الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي في العالم من 27.6 بالمئة في عام 2010 إلى 26.8 بالمئة في نهاية العام الماضي.

54.5 بالمئة حصة أعضاء المنظمة من الاحتياطيات المؤكدة من النفط في العالم

ضعف التنسيق

ولم يكن لمنظمة أوابك أي دور يذكر في العمل العربي المشترك ولم تساهم في أي تغير في حياة المواطن العربي أو أي تطوير في واقع الاقتصاديات العربية.

ويبدو أن المنظمة تحولت منذ منتصف السبعينات إلى منظمة بلا تأثير ملموس، رغم أنه يفترض أن تصنع مواقف عربية موحدة داخل منظمة أوبك التي تضم دولا أخرى غير عربية في عضويتها.

ويطرح ذلك تساؤلات عن جدوى وجود منظمة أوابك وهل هي تنظيمية فقط ولا علاقة لها بالدفاع عن مصالح أعضائها؟

وماذا عن الدول التي لم تعد تصدر النفط؟ هل تحتفظ بعضويتها لمجرد أنها تسدد اشتراك عضوية المنظمة؟ أم أن العضوية يجب أن تقتصر على من يحمل صفة تصدير النفط؟

تضارب مصالح

وتضم أوابك حاليا 3 دول لا تصدر النفط هي مصر وتونس وسورية، وأصبح من مصلحتها استمرار انخفاض أسعار النفط، الذي يعود عليها بمنافع كبيرة.

ويتضارب ذلك مع مصالح الدول المصدرة للنفط، التي أصابها انخفاض الأسعار بأضرار كبيرة، وخاصة العراق وليبيا اللتين تخوضان صراعات داخلية مسلحة، وتكاد تكون مؤسسات الدولة فيهما شبه منهارة.

وسوف تستمر الدولتان في إنتاج النفط من أجل الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات موظفي المؤسسات العامة، وكذلك بعض الواردات الأساسية.

دول الخليج والجزائر تواجه أيضا تحديات كبيرة نتيجة عدم نجاح معظمها في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على العوائد النفطية

كما أن دول الخليج والجزائر تواجه أيضا تحديات كبيرة نتيجة عدم نجاح معظمها في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على العوائد النفطية.

ومع أزمة انهيار أسعار النفط، سجلت الموازنات العامة في تلك الدول عجزا كبيرا، واضطر معظمها مثل السعودية إلى السحب من احتياطياتها المالية من النقد الأجنبي، وكذلك إصدار سندات محلية، بل إن بعضها أعلن عن عزمه الاقتراض من الأسواق المالية العالمية.

مستقبل أوابك

ويبدو أن مستقبل منظمة أوابك كمهمة ووظيفة للحفاظ على مصالح الأقطار العربية المصدرة للنفط، سيشهد المزيد من الضعف، وهي في الأساس بلا دور يذكر على مدار العقود الماضية.

وسيأتي الضعف الحتمي في دور منظمة أوابك من التغير الكبير الحادث في سوق النفط، حيث تحولت إلى سوق المشترين بالدرجة الأولي، وتحول البائعون إلى متغير تابع في معادلة سوق النفط الدولية، خاصة أن الدول المصدرة للنفط، تفتقد للتنسيق في ما بينها، والبحث عن مصالح مشتركة، توحد قراراتها في مواجهة لوبي المستهلكين.

ومن المرجح أن يتزايد تضارب المصالح بين الدول الأعضاء في المنظمة، والذي سيتفاقم بسبب حالة عدم الاستقرار العسكري والأمني التي تمر بها دول المنطقة، والتي ستقضي على أي ترابط بين قرارات ومصالح الدول الأعضاء.

وسيؤدي ذلك إلى أن تسعى كل دولة إلى تحديد سياستها النفطية بما يغطي احتياجاتها المالية وتقليل مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية.

وسيأتي العام القادم وينتهي قبل أن يشهد اجتماعا لوزراء أوابك في نهاية ديسمبر، دون أن تحرك المنظمة ساكنا في سوق النفط الدولية طوال العام، ودون أن تشهد أي موقف عربي مؤثر إقليميا أو دوليا.

صحيفة العرب اللندنية