المغرب نموذج يحتذى به في مجال الطاقة المتجددة

المغرب نموذج يحتذى به في مجال الطاقة المتجددة

نجح المغرب في الاستثمار في الطاقات المتجددة ويعمل على مضاعفة الاستثمار بأكثر من ثلاث مرات، إلى حدود سنة 2027. كما يسعى إلى إنتاج 52 في المئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة مع نهاية هذا العقد. ويرجع خبراء الاقتصاد انخراط المملكة المغربية في مشاريع إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى أن البلاد لا يمكنها أن تتحمل الفاتورة الباهظة لاستيراد الطاقة.

الرباط – قطع المغرب أشواطا مهمة في تلبية احتياجاته من الطاقات النظيفة والمتجددة، فبات ينتج 40 في المئة من إجمالي ما تحتاجه المملكة من الطاقة.

هذه النسبة هي حصيلة انخراط المغرب منذ نحو 15 عاما في مشاريع إنتاج الطاقات الشمسية والريحية، وهو يسعى إلى إنتاج 52 في المئة من الكهرباء من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

وعزا اقتصادي مغربي، في حديث مع الأناضول، تركيز بلاده على الطاقات المتجددة إلى أسباب منها ارتفاع فاتورة الواردات من النفط، والتوجه الدولي نحو الاعتماد على المنتجات الخالية من ثاني أكسيد الكربون الملوث للبيئة، فضلا عن وجود موارد طبيعة على مستوى الرياح والشمس.

فيما أعلنت وزيرة مغربية أن المملكة تضاعف استثماراتها في الطاقة المتجددة بأكثر من ثلاث مرات، لتصل إلى 1.4 مليار دولار سنويا بين عامي 2023 و2027، واستثمرت 6 مليارات دولار في مشاريع الطاقات المتجددة منذ 2009، أي خلال الـ14 سنة الماضية.

وأشار الاقتصادي المغربي محمد الجدري إلى أن المغرب غير منتج للنفط والغاز الطبيعي، مرجعا تركيز المملكة على الطاقات المتجددة إلى أن اقتصاد البلاد لا يمكنه أن يتحمل الفاتورة الكبيرة لاستيراد الطاقة.

وأوضح الجدري للأناضول أن هذه الفاتورة “تجاوزت 15 مليار دولار في عام 2022، لذلك كان من الضروري البحث عن بدائل”.

ويستورد المغرب أكثر من 90 في المئة من احتياجاته من الطاقة.

مضاعفة الاستثمارات في الطاقات المتجددة يشجعها وجود مناطق في المغرب تشهد رياحا طيلة السنة، خاصة في الريف وجبال الأطلس

وأضاف أن العديد من الدول تتوجه نحو الاعتماد على الطاقات الخالية من الكربون، والاتحاد الأوروبي، وهو أكبر شريك تجاري للمغرب، لديه احتياجات من هذه الطاقات، لذلك يجب على المملكة الاستعداد لهذا التوجه الجديد.

الجدري دعا بلاده إلى “بذل مجهود استثماري في مجال الصناعات الخالية من الكربون، خاصة في مجال الصادرات الزراعية أو المتعلقة بالسيارات”.

ولفت إلى أن المغرب توجه منذ أكثر من عقد الزمن نحو الطاقات المتجددة، خاصة الطاقة الريحية والشمسية، كبديل للطاقات الأحفورية (النفط والغاز والفحم).

ومنذ عام 2009، اعتمد المغرب إستراتيجية وطنية في مجال الطاقة ترتكز على تطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية والاندماج الجهوي.

وأعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، خلال كلمة أمام مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) في يونيو الماضي، أن المغرب سيضاعف استثماراته في الطاقة المتجددة بأكثر من ثلاث مرات، لتصل إلى 1.4 مليار دولار سنويا بين عامي 2023 و2027.

وأوضحت أن الاستثمارات في الطاقات المتجددة سترتفع من حوالي 4 مليارات درهم (400 مليون دولار) سنويا بين 2009 و2022، إلى استثمار سنوي يبلغ 14 مليار درهم (1.4 مليار دولار) بين 2023 و2027.

كما أفادت بأنه “تمت برمجة إنجاز قرابة 1.3 جيجاواط (من الكهرباء) سنويا خلال الفترة 2023- 2027 عوضا عن 0.16 جيجاواط سنويا خلال الفترة 2009- 2022”.

وتم خلال الأشهر الـ12 الماضية الترخيص لعدة مشاريع جديدة من مصادر الطاقات المتجددة بقدرة تناهز حوالي 1000 ميجاواط، وهي “أكبر قدرة رخصتها الوزارة في تاريخها في عام واحد”.

وفي ديسمبر الماضي أعلنت بنعلي أن بلادها تستخدم من الطاقة المتجددة ما يغطي 40 في المئة من إجمالي ما تحتاجه من الطاقة، مدعومة بـ “المشاريع النوعية التي تمتلكها في إطار البرنامج الاستثماري الذي قد يسهم في تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة ليغطي نحو 52 في المئة من حاجتها للطاقة بحلول 2030”.

وجاء تصريح الوزيرة على هامش أعمال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي “كوب 28” المنعقد في دبي حاليا.

وأكدت الوزيرة أن المؤتمر، يعد فرصة لاستدراك وتقديم المبادرات التي تعمل عليها المغرب في مجال الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ومناسبة لتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة إقليميا ودوليا.

وأضافت أن المبادرات التي أطلقها المغرب في مؤتمر “كوب 28” شهدت قبولا ملحوظا من دول الأطراف، لافتة إلى أن هذه المبادرات شملت مشاريع في الطاقة المتجددة وتحلية مياه البحر بالطاقة المتجددة، والمشاريع الصناعية الخالية من الكربون، إضافة إلى عرض مشاريع ومبادرات تخص الهيدروجين الأخضر ومشتقاته التي تعد من أولويات البلاد.

وذكرت الوزيرة أن المغرب يمتلك أكثر من 15 سنة من التجربة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية والاندماج الإقليمي، وهي 3 ركائز أساسية ضمن إستراتيجية الطاقة المغربية، مشيرة إلى مشروع “نور ورزازات”، وهو أكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم بقدرة إنتاجية إجمالية تصل إلى 580 ميغاوات.

وأكدت سعي المغرب لتعزيز إستراتيجيات تنمية الطاقة المتجددة وتعزيز الربط بين المملكة ودول البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي في إطار الاندماج الإقليمي.

وبحسب الجدري فإن مضاعفة الاستثمارات في الطاقات المتجددة تشجعها، وجود مناطق في المغرب تشهد رياحا طيلة السنة، خاصة في الريف (شمال) وجبال الأطلس (شمال ووسط)، حيث تفوق سرعة الرياح 80 كلم في الساعة، وهو ما لا يوجد في دول أخرى عديدة.

المغرب يمتلك أكثر من 15 سنة من التجربة في تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والنجاعة الطاقية والاندماج الإقليمي

وبخصوص الطاقة الشمسية، قال إن الأجواء المشمسة في مناطق متعددة من المملكة تتراوح بين 280 و300 يوم في السنة، ومن الضروري استثمار هذه الموارد الطبيعية.

وأكد أن بلاده يمكنها إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء من الطاقات المتجددة في أفق 2030، على أمل أن تصبح في عام 2050 مكتفية في مجال الطاقة، مع توفير احتياجات الزراعة والصناعة والسكان، وتبقى الطاقات الأحفورية مكملة فقط.

وفي 23 نوفمبر2022، قال الديوان الملكي، في بيان، إن “الرباط تعتزم إنتاج 52 بالمئة من الكهرباء انطلاقا من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030”.

وأوضح الديوان أن المغرب يهدف إلى الانضمام لنادي الدول ذات المؤهلات القوية في قطاع الطاقة المتجددة المستقبلي، والاستجابة للمشاريع المتعددة التي يحملها المستثمرون والرواد العالميون.

وخلال ديسمبر، قالت بنعلي إن بلادها تستخدم من الطاقة المتجددة ما يغطي 40 في المئة من إجمالي ما تحتاجه من الطاقة، مؤكدة من جديد أن الهدف المقبل هو رفع النسبة إلى 52 في المئة بحلول 2030.

وكشفت، أمام مجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) في يناير الماضي، أن المملكة استثمرت 60 مليار درهم (6 مليارات دولار) في مشاريع الطاقات المتجددة منذ 2009، أي خلال الـ14 سنة الماضية.

وتابعت أن القطاع الخاص طور أكثر من 50 بالمئة من مشاريع الطاقة الريحية، وتوجد مشاريع أخرى تتعلق بالهيدروجين الأخضر وتحلية مياه البحر وإزالة الكاربون من الصناعة الوطنية.

وإلى جانب طاقة الشمس والرياح، يراهن المغرب على الهيدروجين الأخضر، وقد ترأس رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في سبتمبر الماضي، أول اجتماع بشأن بتفعيل مسار المملكة في مجال الهيدروجين الأخضر.

والهيدروجين الأخضر هو نوع من الوقود الناتج عن عملية كيميائية يُستخدم فيها تيار كهربائي ناتج عن مصادر متجددة لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، وبالتالي تنتج طاقة دون انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي، ضمن جهود دولية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.

ويعد المغرب من بين الدول العربية التي تبذل جهودا حثيثة لوضع نفسها كمورّد محتمل للطاقة المتجددة لأوروبا المتعطشة للطاقة.

وتمكن المغرب من تطوير قطاع الطاقة الشمسية، ليستفيد من أشعة الشمس على مدار العام ومن المساحات المفتوحة الواسعة لمشاريع البنية.

وقد برز المغرب كشريك واعد في مجال الطاقة عام 2016، حيث وقعت كل من إسبانيا وفرنسا والبرتغال وألمانيا إعلانا مشتركا مع المغرب للتعاون المستقبلي في مجال الطاقة المتجددة.

وفي عام 2023، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم تمويل قدره 624 مليون يورو لدعم تحوّل المغرب إلى الطاقة الخضراء.

لكن هذا التحوّل يتطلب استثمارات هائلة، إذ تحتاج البلاد إلى نحو 52 مليار دولار لتحقيق أهدافها لعام 2030.

ويستورد المغرب حاليا أكثر من 90 في المئة من احتياجاته من الطاقة، معظمها من الوقود الأحفوري.

وفي مواجهة أزمة الطاقة التي تعصف بالدول الأوروبية، تبحث بريطانيا عن بدائل نظيفة لتوفير الكهرباء لمنازل الملايين من المواطنين.

ويعد مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا واحدا من المشاريع الضخمة والعملاقة، التي يعول عليها لتزويد المملكة المتحدة بطاقة نظيفة عبر كابلات بحرية هي الأطول في العالم، وتمتد من محطات لإنتاج الطاقات الشمسية والريحية بالمغرب من منطقة كلميم واد نون، التي تلقب بـ”بوابة الصحراء”، نحو السواحل البريطانية.

العرب