هل ينعش قرار استيراد الأغنام والعجول استهلاك اللحوم في العراق

هل ينعش قرار استيراد الأغنام والعجول استهلاك اللحوم في العراق

بغداد- مع دخول شهر رمضان المبارك، تشهد أسواق اللحوم في العراق انتعاشًا تدريجيًا، بعد فترة من الركود منذ منتصف العام الماضي إثر ارتفاع الأسعار.

يأتي ذلك إثر قرارين من الحكومة العراقية في 21 و26 فبراير بفتح باب استيراد الأغنام والعجول بعد وقف دام 20 عامًا، وخفض الرسوم الجمركية عليها بنسبة 50 في المئة؛ بهدف معالجة أزمة ارتفاع أسعار اللحوم وتوفيرها للمواطنين بأسعار مناسبة.

ولاقت هذه الخطوات ترحيبًا من قبل خبراء اقتصاديين ومسؤولين اعتبروا أنها ستساهم في خفض أسعار اللحوم في البلاد. ويبدو أن قرار استيراد الأغنام والعجول بدأ يؤتي ثماره؛ حيث تراجع سعر الكيلوغرام من اللحم إلى 20 ألف دينار (نحو 15.3 دولار) بعد وصول شحنة عجول من البرازيل انخفاضًا من 25 ألف دينار (نحو 19 دولارًا).

ومنذ عام 2004، توقف العراق عن استيراد المواشي من الخارج، واعتمد خلال تلك السنوات على تأمين احتياجاته عبر إقليم شمال العراق.

ومعلقة على القرار الحكومي بفتح باب استيراد الأغنام والعجول، قالت الخبيرة الاقتصادية العراقية إكرام عبدالعزيز، للأناضول، إن القرار “جاء في ظل الطلب المتزايد على اللحوم، وشحّ ما هو متاح منها بالسوق العراقي”.

وأوضحت إكرام أن أحد أهم أسباب تراجع المعروض من اللحوم في الأسواق هو نفوق الآلاف من حيوانات الجاموس جراء جفاف أصاب مناطق الأهوار، وهي مسطحات مائية تغطي أراضي منخفضة جنوبي البلاد، وتُعتبر بيئة مناسبة لتربية هذه الحيوانات.

واعتبرت أن فتح باب استيراد الأغنام والعجول جاء ضمن معايير تم التأكيد عليها، وهي أن تكون الحيوانات المستوردة متسقة مع متطلبات السلامة الصحية، وضمن أسعار مناسبة للمواطن.

ولتمكين المستوردين من تقديم هذه الأسعار المناسبة، أوضحت إكرام أن “وزارة الزراعة العراقية خفّضت (في قرار لاحق) من نسبة الرسوم المفروضة على المستوردين”.

وأردفت بأن الوزارة سعت لتحقيق هدفين من خلال فتح باب استيراد الأغنام والعجول، هما “توفير ما يسدّ حاجة المستهلك من جهة، وتربية تلك الحيوانات بما يؤمن استثمارًا في مجال التنمية الحيوانية من جهة أخرى”.

ولفتت إلى أن ذلك “سيؤدي إلى تنمية الثروة الحيوانية داخل البلاد، ويشجع على خلق حالة من الاكتفاء الذاتي وفق خطة مدروسة تُقلل مستقبلا من الحاجة إلى الاستيراد”.

من جانبه، أوضح وكيل وزارة الزراعة العراقية مهدي سهر الجبوري أن ارتفاع أسعار اللحوم حصل لعدة أسباب، منها “تزايد الطلب المحلي عليها، قياسًا بما هو معروض منها في الأسواق”.

وتحدث الجبوري عن أسباب أخرى، منها الأعداد الكبيرة من الجاموس التي نفقت في الأهوار، إضافة إلى عزوف الكثير من المربين عن بيع مواشيهم إلى حين تسمينها، في المراعي الطبيعية التي زادت مساحتها في البلاد هذا العام بفضل الموسم المطري الجيد خلال الشتاء.

وأضاف “نتيجة لهذه الأسباب بالمجمل، ومن أجل مواجهة ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، اتخذت وزارة الزراعة عدة إجراءات احترازية لاستقبال شهر رمضان الكريم وهناك وفرة في المنتجات من اللحوم الحمراء”.

وتابع “في إطار ذلك، كان قرار فتح باب استيراد الثروة الحيوانية لأغراض الذبح والتربية؛ ما كان له أثر كبير في انخفاض الأسعار مقارنة بما كانت عليه سابقًا، وأوجد فرصة لجميع المربين لتجديد الثروة الحيوانية الموجودة لديهم وتطوير أعدادها من خلال شراء المستورد ليتكيف مع البيئة العراقية”.

ولفت المسؤول العراقي إلى أن عمليات استيراد الحيوانات “تخضع للضوابط البيطرية؛ بحيث تكون الدول المستورد منها خالية من الإصابات الحيوانية، بناءً على تقارير المنظمة العالمية للصحة الحيوانية”.

وأشار إلى أن “العراق يرغب في فتح أسواق جديدة لاستيراد الثروة الحيوانية، ومن بلدان تكون فيها الأسعار جيدة مقارنة بالأسعار المحلية، وبما ينعكس على أسواقنا”.

وأضاف الجبوري أن وزارة الزراعة تهدف إلى وصول أسعار اللحوم إلى مستويات السنوات السابقة، التي كانت تتراوح بين 10 آلاف و14 ألف دينار (بين 9.2 و10.7 دولار).

وحث المحلل الاقتصادي وعضو مجلس إدارة اتحاد رجال الأعمال العراقيين (غير حكومي)، عبدالحسن الزيادي حكومة بلاده على “تبني إستراتيجية شاملة” لتنمية الثروة الحيوانية في البلاد، ليعود العراق إلى سابق عهده في هذا المجال.

وقال إن “العراق كان أول دولة بالمنطقة تولي أهمية لتنمية الثروة الحيوانية خلال العهد الملكي (1921 – 1958)؛ حيث كانت الحكومة آنذاك تهتم بالزراعة وبالثروة الحيوانية ومزارع التمور”.

وأضاف “كان العراق معروفا حينها بأنه بلد زراعي ويصدر إنتاجه إلى دول الجوار والمنطقة والعالم، خصوصًا الثروة الحيوانية”.

وأردف “كنا نتميز بهذه الثروة (الحيوانية)؛ لأننا كنا نستورد من بريطانيا وألمانيا ودول أخرى السلاح، ونفرض مع هذا شرط استيراد سلالات جيدة من الثروة الحيوانية للتربية، خاصة أمهات الأبقار والأغنام والماعز”.

واستطرد “هذه كانت أفكار الحكومة القديمة التي كانت تعمل من أجل بناء ثروة حيوانية هائلة في هذا البلد”.

وتابع الزيادي “بعد عام 2003، لم تفكر الحكومات المتعاقبة في استيراد الثروة الحيوانية الناضجة، أي الأمهات التي تتكاثر، وركزت على استيراد اللحوم، حتى بدأت الثروة الحيوانية تتناقص وتتناقص، وأصبح العراق يستورد”.

أهم أسباب تراجع المعروض من اللحوم في الأسواق نفوق الآلاف من حيوانات الجاموس جراء الجفاف في الأهوار

ودعا حكومة بلاده الحالية إلى “العودة لاستيراد أصول الثروة الحيوانية، وبناء محطات (مزارع) أبقار وحقول جيدة، وحتى الدواجن التي تحولنا أيضاً إلى استيرادها”.

وأكد أنه “يجب أن نكون نحن المصدّرين؛ فلدينا خبرة عالية بالزراعة، والدول التي جاءت بعدنا سبقتنا، ونتمنى من دولة العراق الجديدة وحكومة محمد شياع السوداني (رئيس الوزراء) أن توفر لنا أمهات الأبقار ولا تستورد العجول”.

وبسؤاله عن حجم الثروة الحيوانية في العراق وكمية الاستهلاك السنوي، أعرب الزيادي عن “أسفه” لعدم وجود أرقام رسمية في ذلك، مُطالبا الحكومة بأن تهتم بالأمر، وتعمل على تحديد تلك الأرقام؛ ليتسنى للمحللين الحديث حولها.

العرب