بغداد – عزز العراق تطلعاته الرامية لاستثمار حقول الغاز، والتي قد تمنح البلد استقلالية في مجال الطاقة بعيدا عن الإمدادات الإيرانية لإنتاج الطاقة الكهربائية وكمصدر رئيس للصناعات البتروكيمياوية والصناعات التكريرية الأخرى.
وأبرمت وزارة النفط الاثنين في بغداد عقدا بالأحرف الأولى مع تحالف يضم شركتي بتروعراق وجيرا الصينية لتطوير وإنتاج الغاز في حقل المنصورية البعيد نحو ستين كيلومترا شرق العاصمة بطاقة إنتاج تبلغ 300 مليون قدم مكعب يوميا.
وقال وكيل الوزارة لشؤون الاستخراج، باسم محمد خضير، في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية إن “شركة نفط الوسط وقعت عقدا بالأحرف الأولى مع ائتلاف شركتي جيرا الصينية وبتروعراق لتطوير حقل المنصورية الغازي”.
300 مليون قدم مكعب يوميا قدرة إنتاج حقل المنصورة، وهو الثاني من حيث الحجم بعد حقل عكاز
ولم يذكر خضير قيمة الصفقة، لكنه أوضح أن “هذا العقد يأتي ضمن جهود وزارة النفط لاستثمار الغاز بعد التوقيع على عقد تطوير حقل عكاز الغازي”.
وأشار إلى أن الوزارة تعمل على غلق ملف الغاز المحروق واستكمال المشاريع قيد التنفيذ في ذلك، إلى جانب استثمار الحقول الغازية وتفعيل عقود جولات التراخيص الخامسة التكميلية والسادسة والتي أسفرت عن إحالة 13 حقلا موزعة على عشر محافظات.
ويضم حقل المنصورية الواقع في محافظة ديالى، مخزونا يتجاوز نحو 4500 ترليون قدم مكعب على مساحة 150 كيلومترا مربعا، وهو ثاني أكبر حقل للغاز الطبيعي في البلد العضو في منظمة أوبك بعد حقل عكاز في محافظة الأنبار.
ومن المرجح أن تستخدم موارد الغاز المنتجة من الحقل لسد احتياجات البلاد من الطاقة الكهربائية في محافظة ديالى ومناطق شرقي بغداد.
وأكد مدير عام شركة نفط الوسط، محمد ياسين، أن “الإنتاج الأوّلي لعقد تطوير حقل المنصورية، هو الوصول إلى إنتاج 100 مقمق (100 مليون متر مكعب) في غضون 18 شهرا، وتحقيق إنتاج الذروة 300 مقمق يوميا في غضون 4 إلى 5 سنوات بعد توقيع العقد”.
ومنذ أواخر عام 2021، وجهت الحكومة أنظارها إلى الموارد المنسية في المناطق الصحراوية بهدف تحقيق أكثر استفادة من الموارد الطبيعية، في مسعى لتسريع خطط الإصلاح، التي لا تزال تسير ببطء شديد.
وكانت وزارة النفط قد أبرمت مطلع العام 2022 اتفاقية مع شركة سينوبك الصينية من أجل تطوير حقل المنصورية.
ووفقا لإحصائيات رسمية، فإن الاحتياطي الغازي للعراق يبلغ نحو 132 ترليون قدم مكعب قياسي، ولكن لم تتم الاستفادة منه بالشكل الأمثل حتى اليوم.
ويشتري البلد منذ سنوات طويلة الغاز المخصص لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء من الخارج لسد النقص الحاصل في الطاقة الكهربائية وخاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية.
ويستورد العراق من إيران نحو 20 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، فيما يتطلب توفير حوالي 70 مليون قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز يوميا لتشغيل محطات توليد الكهرباء، إضافة إلى نحو 1300 ميغاواط من الكهرباء.
العراق يستورد من إيران 20 مليون قدم مكعب قياسي يوميا، فيما يتطلب توفير حوالي 70 مليون قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز يوميا لتشغيل محطات توليد الكهرباء
ويعدّ ملفّ الكهرباء حساسا في البلاد، فسكانه البالغ عددهم 44.5 مليون نسمة يعانون انقطاعا متكررا للتيار قد يصل إلى عشر ساعات يوميا ويزيد الأمر سوءا ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.
وينتج البلد 20.5 ألف ميغاواط من الكهرباء أي أقل بكثير من 24 ألف ميغاواط، التي يحتاجها لتلبية الطلب، وهي احتياجات يتوقع أن تتعاظم في المستقبل في بلد تتوقع الأمم المتحدة أن يتضاعف عدد سكانه بحلول 2050.
وتتسارع خطوات بغداد لخفض معدلات حرق الغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط، حيث كشف قبل أسابيع عن خطة مرحلية لإنهاء هذا النشاط بحلول 2027 عبر تعزيز الاستثمارات في هذا المجال.
ويرى محللون أن الحكومة بحاجة ماسة إلى خفض حرق الغاز المصاحب من أجل المساهمة في مسح البصمة الكربونية والأهم هو تحقيق إيرادات من استثماره على النحو الأمثل.
ويهدر البلد منذ عقود ثروات هائلة من الغاز المصاحب لعمليات إنتاج النفط بسبب نقص المنشآت الخاصة بمعالجته وتحويله إلى وقود للاستهلاك المحلي أو للتصدير.
وتظهر التقديرات أن العراق يعالج حاليا حوالي 1.5 مليار قدم مكعب قياسي يوميا من الغاز المصاحب، أي نصف الكميات التي تنبعث يوميا من هذه المادة.
وفي ديسمبر 2021، تعهّدت وزارة النفط بأنه في نهاية 2024 سينخفض حرق الغاز بالحقول الجنوبية بنسبة 90 في المئة، لكن خلال العامين الماضيين زاد العراق بنسبة 5 في المئة فقط الكميات المعالجة من الغاز المصاحب.
العرب