لم يتطلب الأمر أكثر من نصف ساعة حتى أعلنت الأمانة العامة لمجلس النواب اللبناني رفع الجلسة الـ34 لانتخاب رئيس للجمهورية
التي عقدت ظهر الخميس في العاصمة اللبنانية بيروت بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني لها، وتحديد الثامن من فبراير/شباط المقبل موعدا لجلسة جديدة.
ويتكرر هذا السيناريو منذ أكثر من عام ونصف في كل الجلسات التي دعا إليها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري منذ بدء حالة الشغور في موقع الرئاسة الأولى.
وهكذا بدا أن العام الجديد لن يحمل أي تطور إيجابي يزيد من مستوى التفاؤل الذي حل بين السياسيين اللبنانيين الشهر الماضي وجعل الأغلبية منهم- ومن اللبنانيين أيضا- تتوقع انتخاب سليمان فرنجية النائب والوزير السابق الذي يتزعم حزب المردة، والمنضوي في صلب قوى الثامن من آذار رئيسا للجمهورية.
وجاء هذا التفاؤل بعد لقاء جمع فرنجية برئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري في باريس، ودفع تيار المستقبلوهو الحزب الأبرز في قوى الـ14 من آذار إلى شبه تبن لترشيح فرنجية مقابل اعتراض من حلفائه الأبرز.
وساد الاعتقاد بأن هذا اللقاء سينتج انتخابات -خصوصا مع ما أشيع من أجواء إقليمية إيجابية واتفاق سعودي إيراني غير مباشر على التهدئة بينهما على الساحة اللبنانية- وسيتم بموجبه انتخاب فرنجية رئيسا للجمهورية وعودة الحريري لرئاسة الوزراء.
لكن يبدو أن التشنجات الإقليمية الأخيرة وقطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران جمدت ما تعرف بمبادرة الحريري في الفترة الحالية.
وتعالت في الأيام الماضية التصريحات النارية بين تيار المستقبل وحزب الله، وتولت شاشات التلفزة التابعة لكل منهما توجيه السهام إلى الطرف الآخر.
وانتهى الأمر برئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد بالقول إن من “يعيش الإفلاس في ملاذه الذي يأوي إليه الآن لا يجب أن يجد مكانا له في لبنان من أجل نهب البلاد مرة جديدة، وبالتالي فإن كل ما يجري من محاولات لإجراء صفقات وتسويات تحت عنوان إعادة الاستقرار لهذا البلد إنما هدفه رسم مسار إخضاع هذا البلد لسياسات هذه المملكة أو تلك الدولة الكبرى”، في إشارة إلى الحريري.
وجاء الرد من وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي هدد بتوقف جلسات الحوار الثنائي بين المستقبل وحزب الله، إذ قال إن كلام رعد “لا يسهل إتمام الحوار مع حزب الله، وهذا محل تشاور في كتلة المستقبل”.
ويتفق الطرفان على أن قرار الانتخاب أو عدمه بيد الدول الإقليمية، إذ يتهم النائب في تيار المستقبل محمد الحجار في تصريح للجزيرة نت إيران بعرقلة المبادرة. ويقول إن حزبه قبل بأن يكون هناك مرشح لرئاسة الجمهورية من قوى الثامن من آذار، أي سليمان فرنجية.
ويضيف الحجار أن “الضوء الأخضر الذي أعطي لفرنجية قبل أن يذهب للقاء الحريري في باريس يبدو أنه أصبح ضوءا أحمر، وهذا بتقديري مرتبط بضوء أحمر إيراني لا يزال يمنع انتخاب رئيس”.
وفي الجهة المقابلة، يقول المحلل السياسي يونس عودة المقرب من قوى الثامن من آذار للجزيرة نت إن “الجميع يعلم أن مسألة انتخاب رئيس للجمهورية ليست بيد اللبنانيين”.
ويعتقد عودة أن الوضع الإقليمي هو الذي سيحدد مآل الأمور في لبنان، مشيرا إلى أن “الوضع الآن في غاية الالتهاب، ولا أعتقد أنه يساعد في الوصول إلى انتخاب رئيس”.
في انتظار الجلسة التالية للانتخاب تتجه الأنظار إلى طاولة الحوار الوطني مساء الاثنين المقبل، مع ارتفاع الخشية من أن تشهد سجالا بين المستقبل وحزب الله يؤثر سلبا على كل فرص الانتهاء من الفراغ الرئاسي بانتظار توافق إقليمي ودولي.
ديما شرف
الجزيرة نت