لم يدم قلق الأسواق من انعكاس التوتر بين السعودية وإيران على أسواق النفط سوى فترة وجيزة، لتعود إلى الانخفاض وبوتيرة سريعة، بعد أن أدركت الأسواق أن ذلك يعني انعدام فرص التنسيق بين منتجي منظمة أوبك.
ويرى ابهيشيك ديشبندي المحلل لدى ناتيكسيس أن “التوتر الحالي بين السعودية وإيران يمكن أن يشكل إضافة كبيرة إلى المخاطر الجيوسياسية، ولكن فقط في حال تصاعد العداوة بين الخصمين النفطيين إلى حد تعطيل الإمدادات في المنطقة”.
وأضاف أن إيران والسعودية، اللتين تنتجان نحو 2.8 و10.4 ملايين برميل يوميا على التوالي، ستحرصان على عدم تعكير صفو تدفق النفط الخام، الذي يشكل قسما كبيرا من إيرادات الموازنة في كلا البلدين.
ويعرب معظم المحللين عن اعتقادهم بأن الأزمة بين القوتين الإقليميتين قد تزيد من الضغوط على أسعار النفط، لكي تتدنى أكثر بالفعل، وذلك بسبب تضاؤل أي فرص لتنسيق سياسات الإنتاج ضمن إطار منظمة أوبك.
وتحرك سعر برميل مزيج برنت المرجعي في سوق لندن أمس، عند حاجز 33 دولارا للبرميل وهو أدنى مستوى منذ بداية عام 2004.
وقال ديفيد هافتن، المحلل في شركة بي.في.أم، إن “تدهور العلاقات بين إيران والسعودية يخفض إلى صفر فرص التعاون حول الإنتاج ويجعل من المعركة الشرسة في الأسواق أمرا مؤكدا”. وقد أعلنت السعودية بالفعل حرب أسعار، فقررت هذا الأسبوع خفض أسعار نفطها المباع لأوروبا بهدف قطع الطريق أمام المنافسين سواء إيران أو روسيا على السواء.
والواقع أن القارة العجوز كانت تشكل السوق التقليدية لإيران قبل فرض العقوبات الدولية عليها في عام 2012 بسبب برنامجها النووي. كما أنها السوق الأقرب لموسكو، العدو الآخر للرياض والتي بلغ متوسط إنتاجها مستويات قياسية في العام الماضي عند 10.7 ملايين برميل يوميا.
وأضاف ديشبندي أن “السعودية ستفعل كل ما يلزم لحماية حصتها في السوق. وقررت اتباع سياسة عدم خفض الإنتاج في الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك في 4 ديسمبر الماضي. وستبقى إيران وروسيا هدفيها الرئيسيين”.
أما كريستوفر ديمبك المحلل لدى ساكسو بنك، فيرى أن “من المنطقي أن تسعى السعودية إلى تضييق السبل أمام عودة النفط الإيراني. ويعود قرار تغيير سياسة أسعارها جزئيا بالتأكيد إلى عدة أشهر، لأنه كان من المتوقع زيادة الصادرات الإيرانية في وقت مبكر من هذا العام”.
ويعتقد بعض المحللين، مع ذلك، أن القفزة المتوقعة العام الحالي في الصادرات الإيرانية بسبب رفع العقوبات الغربية، يمكن أن تتعرض للخطر، وقد ينعكس ذلك ليونة في الخطاب الإيراني بعدما اتسم بنبرة حادة حتى الآن.
وبعد أن كررت إيران في الأشهر الأخيرة أنها لا تقبل الحد من إنتاجها بشكل مطلق، تبدو الآن أكثر استعدادا لقبول زيادة بشكل تدريجي لاحتواء الضغوط على الأسعار، وهو ما أشار إليه مؤخرا رئيس شركة النفط الوطنية الإيرانية.
ويرى هافتن “أن ذلك عائد لكون إيران لا تريد حرب أسعار.. وأنها أصبحت تميل للاعتراف بأن زيادة إنتاجها سيكون أبطأ مما كان متوقعا في السابق”.
وقد توقعت طهران زيادة إنتاجها بحجم 500 ألف برميل يوميا فور رفع العقوبات وأن ترتفع الزيادة إلى نحو مليون برميل يوميا بعد ذلك بعدة أشهر.
وكانت السعودية قد أعلنت الشهر الماضي لى لسان وزير النفط السعودي أنها لن تقيد إنتاج النفط الأمر الذي يفاقم حرب الأسعار للفوز بحصص في الأسواق، لأن الرياض تملك طاقة إنتاج إضافية تصل إلى أكثر من مليوني برميل.
وقال لصحيفة وول ستريت جورنال إن الزيادة في الانتاج تتوقف على طلب الزبائن وإن الرياض تفي بطلب زبائنها ولديها القدرة على تلبية الطلب، وذلك في تصريحات لقناة الإخبارية السعودية.
ودعا النعيمي إلى مزيد الاستثمار في إنتاج النفط، محذرا من أن هناك حاجة إلى إنتاج جديد خلال العقد الحالي، بسبب نمو الطلب العالمي سنويا بأكثر من مليون برميل يوميا.
وأوضحت السعودية في وقت سابق أنها لن تخفّض الإنتاج بمفردها دون تعاون المنتجين من خارج أوبك مثل روسيا. وأكدت الإمارات، وهي حليف رئيسي للسعودية، أنها لن تؤيّد خفض الإنتاج في الاجتماع المقبل.
صحيفة العرب اللندنية