كلما اقتربت ساعة الصفر لخوض انتخابات مجلسي “الخبراء” و”الشورى” الإيرانيين في 26 فبراير الجاري، يحتدم الصراع بين أقطاب النظام الإيراني، حيث أطلق رئيس الجمهورية الأسبق ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني المعتدل، النار أمس الاثنين بشكل مباشر على المتشددين في السلطة من خلال نقده اللاذع لمجلس صيانة الدستور الذي يسيطرون عليه، وذلك على خلفية رفض أهلية أعداد كبيرة من مرشحي التيارين الإصلاحي والمعتدل، وفي مقدمتهم حسن خميني، نجل مؤسس النظام آية الله خميني.
واليوم شن المتشددون الهجوم المضاد ضد رفسنجاني من كل حدب وصوب، وقال نائب مندوب المرشد في الحرس الثوري، رجل الدين عبدالله حاجي صادقي، إن تصرفات رفسنجاني “أشبه بتصرفات الأعداء”، مشددا على أن “أقوال رفسنجاني غير صحيحة” على حد تعبيره.
وأضاف صادقي: “على رفسنجاني أن يعلم أن الأكبر منه لم يستطع أن يعمل شيئا أمام الثورة المرتبطة بقوتين عظميين هما الولاية والشعب”.
ولم يكتف نائب مندوب المرشد في الحرس الثوري بهذا، بل اتهم رفسنجاني بترجيح فريقه على القانون، في إشارة إلى حسن خميني، القريب من رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام فقال: “بات هاشمي رفسنجاني اليوم يرجح أقاربه وقبيلته على القانون”.
ليس من المستبعد إبعاد رفسنجاني عن الساحة
معلوم أنه ليس من المستبعد حذف رفسنجاني من الساحة السياسية، أو فرض العزلة عليه كما حصل مع آية الله منتظري، نائب مؤسس النظام آية الله خميني، حيث عاش لسنوات تحت الإقامة الجبرية، كما يعيش آخر رئيس وزراء إيراني قبل إلغاء هذا المنصب، مير حسين موسوي، والرئيس الأسبق لمجلس الشورى الإيراني ومدير مؤسسة الشهيد شيخ مهدي كروبي منذ سنين تحت الإقامة الجبرية، إلا أن الدور البارز الذي لعبه رفسنجاني في انتخاب خامنئي مرشداً للنظام الإيراني بعد وفاة المرشد الأول خميني في عام 1989، قد يجعل المرشد الأعلى علي خامنئي في موقف محرج.
أما حسين شريعتمداري، مندوب المرشد في صحيفة “كيهان” المتشددة، فاتهم رفسنجاني بتحريض حسن خميني على عدم الخضوع لامتحان الاجتهاد الذي نظمه مجلس صيانة الدستور لبعض المرشحين قبل تأييد أهليتهم لخوض انتخابات مجلس خبراء القيادة.
وكان مجلس صيانة الدستور، أعلى هيئة تحكيم في البلاد والمكلف بتحديد أهلية المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية، إضافة إلى انتخابات مجلس الخبراء، طلب من بعض المرشحين وليس كلهم، المشاركة في امتحان لاختبار مستواهم في العلوم الدينية، حيث من المفروض أن يكون المرشح بلغ درجة الاجتهاد حتى يسمح له عضوية مجلس الخبراء المكلف باختيار المرشد والإشراف عليه.
وبما أن حسن خميني القريب من الإصلاحيين أنهى “درس الخارج” في الفقه الشيعي الاثني عشري على يد مجتهدين كبار وبارزين، فقد اعتبر موضوع بلوغه درجة الاجتهاد أمرا مسلما به، أي أنه آية الله، عليه لم يشارك في الاختبار فتم رفض أهليته لعضوية مجلس خبراء القيادة.
وقال شريعتمداري بهذا الخصوص: “خميني كان مستعدا للمشاركة في امتحان مجلس الخبراء، إلا أن بعض الأنباء تفيد بأن السيد هاشمي رفسنجاني منعه من الحضور في جلسة الامتحان”.
“رفسنجاني يعتبر البلاد ملكه”
أما المتشدد البارز محمد غرضي، أحد مؤسسي الحرس الثوري ووزير الطاقة الأسبق في فترة رئاسة وزراء مهدوي كني وميرحسين موسوي وفترة رئاسة هاشمي رفسنجاني، فعلق على تصريحات رفسنجاني يوم أمس واتهمه بأنه “يعتبر البلاد ملكه”، مضيفا: “إن السيد هاشمي رفسنجاني يمنح نفسه حق الأولوية، ويعتبر البلاد ملكه، وله تعليقات مختلفة حول مختلف الأمور”.
ونقل موقع “ديجربان” الناطق بالفارسية والمتخصص في رصد وسائل الإعلام التابعة للمتشددين في إيران عن مصدر إعلامي متشدد أن “جمعية رجال الدين المناضلين” قررت على ضوء احتجاج رفسنجاني اللاذع على عدم تأييد أهلية حسن خميني، حذف اسم هاشمي رفسنجاني من قائمتها الانتخابية.
سعود الزاهد
العربية نت