مؤتمر اربيل بين الحقائق والاوهام

مؤتمر اربيل بين الحقائق والاوهام

عقدت القوى السنية في العراق مؤتمر شعبيا عشائريا في مدينة اربيل شمال العراق لبحث وتدارس وتنسيق الجهود المشتركة لأبناء العشائر العربية السنية لمواجهة تقدم وامتداد (داعش) على الارض العراقية، وتحديدا في المحافظات السنية والعمل على التصدي للهجمات التي يقوم بها مقاتلي (داعش) وتوحيد الآراء والرؤى وتحديد المعالجات الهادفة، الى تقويض فعالية وامتداد تنظيم “الدولة الاسلامية.”
وعلينا من البداية من تحديد المسارات التي ادت الى انعقاد هذا المؤتمر واهدافه واهمها :-
– تسليح العشائر السنية العربية وزيادة فعالية مقاتليها، بما يمكنها من التصدي الفعال لتنظيم “الدولة الاسلامية”.
– توحيد الجهود المشتركة بين جميع ابناء المحافظات السنية، التي حققت (داعش) تقدم واضح وسيطرة كاملة على معظم اراضيها.
-العمل على استعادة السيطرة على المدن والقصبات التي استولى عليها التنظيم.
-السعي لدراسة اهمية تصعيد الموقف الدولي الاقليمي والعربي، لمواجهة المخاطر التي افرزتها سيطرة (داعش) على المناطق داخل العراق، وتأشير حقيقة راسخة في محاربة الارهاب.
-تأطير ملف النازحين من خلال تخصيص الامكانيات المادية وتقديم المساعدات للأهالي، الذين تركوا بيوتهم وحاجياتهم وممتلكاتهم بسبب العمليات العسكرية.

 
ولو تابعنا بدقة وأمعنا النظر بحقيقة الحضور، وما دار من نقاشات داخل المؤتمر وما ألقي من كلمات جاءت على السن من تحدث باسم المحافظات السنية لأشرنا الاتي:
-لم يحضر المؤتمر عدد من القيادات السنّية، ولم ترسل ببرقية اعتذار او كلمة للمؤتمرين ومنهم سليم الجبوري رئيس مجلس النواب، وصالح المطلك نائب رئيس الوزراء، واحمد ابو ريشة احد شيوخ الانبار الداعمين لمواجهة التنظيم.
-لم يحضر المؤتمر الدكتور اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية، والمكلف بملف المصالحة الوطنية.
-اقتصر الحضور على ممثلين من السفارة الامريكية والبريطانية، وممثل الامين العام للأمم المتحدة في العراق، كما لم يرسل الاتحاد الاوربي ممثلا عنه.
-كان شعار المؤتمر (عراق واحد ينبذ التطرف) بينما اتخذ اسماً بعنوان (المؤتمر العربي لمكافحة الارهاب ) وهذا تحجيم لفعالية الحاضرين وتصغير لجهدهم، وابتعاد عن تحديد اسم العراق لمواجهة الارهاب، وكان الاجدر ان يكون اسم المؤتمر (المؤتمر العراقي لمكافحة الارهاب).
-ابدى مجلس محافظة صلاح الدين ومحافظها رفضهما لحضور المؤتمر، كونه سيناقش دور الحشد الشعبي في مواجهة الارهاب، وسيكيل التهم للميليشيات لما قامت به من جرائم واعتداءات، وهو ما يخالف رأي المحافظة التي ترى في الحشد الشعبي قوة ضاربة ومؤثرة.
أما مقررات المؤتمر فأنها لم تكن جادة في تحديد المهام المطلوبة بدقة وابتعدت عن رسم صورة واضحة ودقيقة عن ما يدور من احداث على الارض، وتأثرت بالموقفين الدولي والاقليمي وعالجت مواقف واهداف سياسية وسعت لترسيخ مفاهيم سياسية وتعبوية تعززت بالاتي:
-تعد دعوة المؤتمر ابناء العشائر السنية للتطوع في صفوف الجيش وتشكيلات الحرس الوطني، وتشكيل قوة قتالية من ابناء المحافظات السنية لمواجهة الارهاب, تكرار لدعوة الادارة الامريكية التي سبقتهم في طرح هذا المطلب عندما اعلنت عن تشكيل قوة قوامها (مئة الف مقاتل سني) مشمولين بالقانون، الذي سيطرح على الكونغرس الامريكي لتسليح هذه القوة أسوة بتسليح المقاتلين الاكراد العراقيين.
– أغفل المؤتمرون حقيقة ما قامت به عناصر الحشد الشعبي من انتهاكات جلية للعيان، ممثلة بالاعتقال والقتل العشوائي وسرقة وهدم الدور والاستيلاء على الممتلكات التابعة للمناطق السنية، والتي دخلوها بعد انسحاب (داعش) منها.
– الدعوة لأنشاء اقليم سني أو عدة اقاليم مناطقية، وترك للمؤتمرين حرية العمل على تحديد مهام وشكل وهيكلية الاقليم، بما يتناسب وطموح ابناء العشائر السنية، وهذا ما شكل خلاف جوهري بين الحضور فهمنهم من دعا لإقليم سني، ومنهم من أيد قيام محافظات كأقاليم منفردة.
– دعوة حكومة بغداد للالتزام ببرنامجها الحكومي، وانهاء جميع مظاهر التسلح، وتناسى المؤتمر ان العشائر العربية سبق لها وان طلبت من الحكومة تسليح ابناءها، بينما تتذرع الاخيرة بأوهام وحجج واهية لجهة عدم تسليحهم، الامر الذي جعلهم عرضة للقتل من قبل مسلحي التنظيم.
أن المؤتمر لم يأتي بجديد سوى تأكيديه على دعوات سبق وان طرحت كأهداف ومطالب لأبناء المكون السني، فهل جاء المؤتمر ليؤكد حقيقة ان المكون السني سيبقى اسير خلافات ومصالح وطموحات من يمثلونه في الحكومة، ام سنرى واقعا جديدا تفرزه الاحداث التي يشهدها العراق حاليا ؟؟
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاسترتيجية