استبعدت الوكالة الدولية للطاقة، الثلاثاء، تحسن أسعار النفط التي سجلت بعض التعافي بعد تدهورها إلى أدنى مستوى منذ 12 عاما، واعتبرت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) مسؤولة عن وفرة العرض الحالية في السوق.
ولا تعتقد الوكالة أن أسعار النفط ستهبط إلى عشرة دولارات للبرميل وفقا لأكثر التوقعات سوءا، لكن من الصعب كذلك التنبؤ بكيفية ارتفاعها كثيرا عن مستوياتها الراهنة.
وخفضت الوكالة تقديراتها لنمو الطلب على النفط هذا العام، والذي يبلغ حاليا 1.17 مليون برميل يوميا، عقب وصوله إلى أعلى مستوياته في خمس سنوات عند 1.6 مليون في العام الماضي.
وقالت إنه “من الصعب تصور كيف يمكن لأسعار النفط أن ترتفع بصورة ملحوظة على المدى القصير بينما السوق متخمة بالنفط، بل على العكس، مخاطر تراجع الأسعار على المدى القصير باتت أكبر”.
وستعمق هذه التوقعات السيئة معاناة شركات الطاقة العالمية بما فيها شركات التنقيب عن النفط الصخري، التي أجلت حزمة من المشاريع في عدة مناطق من العالم.
وانهارت أسعار الخام من أكثر من مئة دولار للبرميل في يوليو 2014 إلى أقل من 30 دولارا الشهر الماضي مع تباطؤ النمو في الصين وزيادة الإنتاج في دول أوبك بهدف إزاحة منتجي النفط الأعلى كلفة من السوق.
تراجع سعر الدولار مؤخرا مع تراجع التوقعات بشأن زيادة أسعار الفائدة، جعل شراء النفط أرخص بعملات أخرى
وفي حين تعتبر أسعار النفط المنخفضة جيدة للدول المستهلكة وللنشاط الاقتصادي العالمي، بدأ المستثمرون خلافا للعادة اعتبار سعر النفط مؤشرا للطلب الاقتصادي متسببا في تقلب الأسواق العالمية.
لكن الوكالة ترى أنه قبل إعلان الانتصار على القوى التي تدفع أسعار النفط إلى التراجع “علينا أن نفهم العوامل الرئيسية التي تدعو إلى التفاؤل”.
وبعد تفنيد العوامل التي تدفع الأسعار إلى الارتفاع ومن أهمها توقع حصول اتفاق بين المنتجين الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك على خفض الإنتاج، تقول المنظمة إن هناك احتمالا ضئيلا جدا بأن يتم التنسيق لخفض الإنتاج.
وتقود فنزويلا، التي اضطرت إلى استيراد شحنة نفط من الولايات المتحدة للمرة الأولى في تاريخها لتغطية احتياجاتها، مساعي لإقناع منتجي النفط وخاصة دول أوبك وفي مقدمتها السعودية، لكن يبدو أن مقترحها لن يجد طريقا للوصول إلى مبتغاها.
وتعتقد الوكالة أن هناك رؤية سائدة في السوق بأن بلدان أوبك ستبطئ الزيادة في إنتاجها ما عدا إيران، ولكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أن إنتاج العراق بلغ مستوى قياسيا في يناير الماضي وأن هناك مؤشرات على أن السعودية زادت صادراتها.
توقعات الوكالة الدولية للطاقة ستعمق معاناة شركات الطاقة العالمية بما فيها شركات التنقيب عن النفط الصخري
وفي حين لم تتغير مستويات إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك منذ سنة وبلغت 32.6 مليون برميل يوميا في يناير 2006، كانت إمدادات أوبك أعلى بـ1.7 مليون برميل يوميا مقارنة بالمستوى الذي كانت عليه قبل سنة.
ورغم ذلك تتمسك الوكالة برؤيتها بأن “نمو الطلب العالمي على النفط سيتراجع بشكل كبير” خلال هذا العام إلى 1.2 مليون برميل يوميا مقارنة مع 1.6 مليون برميل يوميا في 2015 عندما سجل أعلى مستوى له خلال خمس سنوات.
وبالتوازي مع ذلك، راجع صندوق النقد الدولي بدوره الشهر الماضي توقعاته بشأن النمو العالمي هذه السنة إلى 3.4 بالمئة بانخفاض بنسبة 0.2 بالمئة.
وبينما يشكل ذلك تحسنا مقارنة مع 3.1 بالمئة في العام الماضي، لاحظت الوكالة الدولية للطاقة أن هذه التوقعات تثير تحفظا لا سيما بسبب المخاطر على النمو في البرازيل وروسيا وبالطبع تباطؤ النمو في الصين، ورجحت نزولا واضحا في مؤشر النمو العالمي.
وعبرت المنظمة كذلك عن شكوكها في أن تشكل قيمة الدولار الأميركي المتداول في سوق النفط عاملا مستداما لتحفيز الاستهلاك.
وفي حين أن تراجع سعر الدولار في الأسابيع الأخيرة مع تراجع التوقعات بشأن زيادة أسعار الفائدة، جعل شراء النفط أرخص بعملات أخرى، ولاحظت الوكالة أن المخاوف بشأن حالة الاقتصاد العالمي تعمل لصالح الدولار الأميركي.
ومن المتوقع، بحسب الوكالة، أن يبقى الدولار قويا مستفيدا من وضعه كملاذ آمن في حين تسجل الاقتصاديات الأخرى أداء أسوأ نسبيا.
وارتفعت أسعار النفط، أمس، معوضة بعض الخسائر جراء موجة البيع في الأسواق المالية، لكن الإمدادات لن تتراجع سريعا بما يكفي لانحسار تخمة المعروض.
وقال جاريث لويس-ديفيز المحلل لدى بي.إن.بي باريبا “يتمثل الموضوع الأساسي الذي يشغل السوق حاليا في موعد توازن العرض والطلب وما نراه هنا هو أن وكالة الطاقة تشير إلى أن ذلك سيستغرق وقتا”.
صحيفة العرب الندنية