إلى أين يتجه المحتجون في العراق؟

إلى أين يتجه المحتجون في العراق؟

إلى أين يتجه المحتجون في العراق؟

رسالة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، التطمينية إلى البعثات الدبلوماسية في العراق، جاءت بعد انسحابه من اجتماع كربلاء. وقد بعث من خلالها عدة رسائل؛ أولاها وصلت إلى مسامع الحكومة العراقية، ورئيس الوزراء حيدر العبادي، فما بين السطور تهديد باجتياح المنطقة الخضراء، وهي ورقة الضغط الأخيرة، والساتر الأدنى للانقلاب السياسي، بنظر المتابعين للشأن العراقي وتطوراته.
ثلاثة سيناريوهات طرحت للخروج من الأزمة: أولها، حكومة عمادها من التكنوقراط، تختارها الكتل السياسية والأحزاب. والثاني، حكومة تتكون ممن لا ينتمون لهذه الكتل، ويقودها حيدر العبادي. وهو السيناريو الذي يتبناه مقتدى الصدر. والثالث، نموذج بين ذلك؛ بأن تتألف الحكومة من تكنوقراط ما خلا العبادي، أو اقتصار التغيير على الوزراء الفاشلين، مع بقاء رئيس الوزراء.
في الاجتماع الأخير الذي جمع قادة “التحالف الوطني”، وفق مصادر من داخل التحالف، فإن التيار الصدري وعطفا على نقاشات ذاك الاجتماع، بات على ثقة بعدم قدرة العبادي على تقديم حكومة تتألف من شخصيات مستقلة، وأن سحب الثقة سائر باتجاه واحد، بعد انقضاء مهلة الخمسة والأربعين يوما التي حددها للعبادي لتنفيذ الإصلاحات.
أما التحالف الكردستاني، فقد حذر من تفاقم الخلاف داخل “التحالف الوطني”، ومن انعكاسات ذلك على العملية السياسية، كما حذر من تجاهل الاستحقاقات الانتخابية، أو المساس بنسبة العشرين بالمئة التي يمتلكها في الحكومة، طبقا للتوافق السياسي المستند على نظام المحاصصة الطائفية والعرقية.
التظاهرات الأخيرة في بغداد التي ضمت فئات واسعة من التيار المدني، إضافة إلى الصدريين، وتوقفت عند حدود المنطقة الخضراء، لا يبدو أنها ستتوقف عند النقطة نفسها؛ إذ يبدو أن لهجة زعيم التيار الصدري وطروحاته، أحرجت الأحزاب، وأربكت المشهد، خصوصا أن العبادي لم يطرح شيئا ملموسا عن التغيير الوزاري، سوى الخطابات وسيل المصطلحات لمحاربة الفاسدين.
ربيع الدعم الديني لرئيس الوزراء توقف، بعد أن انسحبت مرجعية النجف من المشهد، في ظل أنباء عن انسحاب نوري المالكي من أي منصب سياسي، ودخول الصدر على خط الإصلاح والتغيير، حتى باتت كل الكتل تتجه إلى الأمام، هاربة كانت أو متقدمة، لتفادي استحقاقات التغيير وموجباته على حجومها ودورها في “الكابينة” الحكومية.
واستنادا إلى ما تقدم، فإن الأزمة المركبة في العراق مفتوحة على جميع الاحتمالات، الأمر الذي وضع الطبقة السياسية في موقف حرج أمام جمهورها الذي ينتظر خطوات الإصلاح والتغيير، ناهيك عن مخاوف الانهيار الاقتصادي الذي يلوح في الأفق.
وما يزيد من مأزق الوضع في العراق ومساره غير المأمون، ضغط التظاهرات المتواصلة في بغداد ومحافظات أخرى، لاسيما مع ارتفاع سقف مطالبها واحتشادها عند مداخل المنطقة الخضراء، الأمر الذي بات يقلق القائمين على الحكم ومستقبلهم، متزامنا مع ضغط الأزمة المالية واحتمالات الانهيار الاقتصادي.

أحمد صبري

صحيفة الغد الأردنية