في خطوة مفاجئة، فتحت الولايات المتحدة ملف وجود القاعدة في إيران وأعلنت عن ضم ثلاثة من قيادات التنظيم المقيمين في إيران إلى القائمة السوداء.
ويثير الموقف الأميركي الجديد تساؤلات عن سبب صمت واشنطن عن وجود أعداد كبيرة من عناصر القاعدة في إيران.
وطوال سنوات قادت الولايات المتحدة حربا على التنظيم وطاردت قياداته في أنحاء متفرقة من العالم، لكن خططها لم تشمل أبدا قيادات تقيم على الأراضي الإيرانية.
ويتساءل كثيرون عن الدوافع وراء إثارة هذا الملف بعد 15 عاما على أحداث سبتمبر وغزو أفغانستان لطرد القاعدة.
وأعلنت واشنطن الأربعاء عن ضم ثلاثة عناصر من التنظيم يعيشون في إيران إلى القائمة السوداء. وقالت إنهم يمدون التنظيم في ميدان القتال بالمال والإمدادات وإنهم يتوسطون لصالحه لدى السلطات الإيرانية.
وضمت القائمة السعودي، فيصل جاسم محمد العمري الخالدي وهو مسؤول رفيع في القاعدة وكان أميرا لأحد كتائبها، وحلقة وصل بين مجلس الشورى في تنظيم القاعدة وفرع في حركة “طالبان باكستان”.
كما أدرجت واشنطن اسم المصري محمد إبراهيم بيومي، وهو عضو في التنظيم منذ 2006 ويعيش في إيران منذ العام 2014.
وقال بيان لوزارة الخزانة الأميركية “كان لبيومي منذ منتصف 2015 دور في إطلاق سراح عناصر من القاعدة في إيران، وفي بداية 2015 كان وسيطا مع السلطات الإيرانية وقبل عام من ذلك جمع تبرعات للتنظيم”.
وأشار البيان إلى أن بيومي أرسل هذه الأموال إلى تنظيم “جبهة النصرة”، ذراع القاعدة في سوريا.
ووضعت واشنطن أيضا أبوبكر محمد محمد غمين على اللائحة، وهو “مسؤول عن التمويل والشؤون التنظيمية لعناصر القاعدة الموجودين في إيران”. وقبل انتقاله إلى إيران، من وزيرستان في باكستان، كان يعمل ضمن جهاز الاستخبارات التابع للقاعدة، بحسب وزارة الخزانة الأميركية.
وعزا مراقبون إثارة الأميركيين لملف القاعدة في إيران الآن إلى بداية افتراق في المصالح بين البلدين خاصة في العراق الذي كان محل توافق وتنسيق بين طهران وواشنطن منذ غزو 2003.
وبدا هذا الافتراق واضحا مع زج إيران للآلاف من عناصر الحشد الشعبي ممن تدربوا على أيدي قادتها العسكريين ليفرضوا أنفسهم الطرف الأقوى في الحرب على داعش.
ولا تخفي قيادات الحشد الشعبي الطائفي عداءها للدور الأميركي في العراق، وتسعى دائما إلى تحييد الدور الأميركي.
وقابلت واشنطن تغوّل الميليشيات المدفوعة إيرانيا باستدعاء المزيد من جنودها ومستشاريها في خطوة تلغي قرارها السابق بالانسحاب من العراق. ويدفع الأميركيون أيضا إلى أن يكون للحشد الوطني (السني) والبيشمركة الكردية دور أكبر في حرب استعادة الموصل من سيطرة تنظيم داعش.
وتعارض مؤسسات أميركية مختلفة أيّ تقارب أو تنسيق مع إيران في ملفات الشرق الأوسط، ويرى كثيرون في نهاية مدة حكم الرئيس باراك أوباما فرصة للتعبير عن هذه المعارضة بتمرير قرارات أو مواقف تذكّر الإيرانيين بأن الاتفاق النووي لا يعني أبدا إطلاق أيديهم في المحيط الإقليمي.
وارتفعت أصوات بارزة في الولايات المتحدة تنتقد الاتفاق النووي ومورست ضغوط على إدارة أوباما لتعطيل رفع العقوبات والإفراج عن الأموال المجمّدة التي يمكن أن تساهم في خروج إيران من أزمتها.
وتنظر دوائر أميركية مختلفة إلى التقارب مع إيران بعدم الرضا خاصة أنه ساهم في هز الثقة بين الولايات المتحدة وحلفائها بالخليج.
وعملت الولايات المتحدة على “امتصاص الصدمة” التي أحدثها الاتفاق النووي مع إيران لدى حلفائها في الخليج، كما قام أوباما ومسؤولون آخرون بزيارات متكررة لعواصم خليجية. ويزور مسؤولون خليجيون بشكل مستمر العاصمة الأميركية وآخرهم ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي يرأس وفد الرياض في مؤتمر مكافحي داعش.
ويعود تاريخ العلاقة بين القاعدة وإيران إلى أواخر عام 2001، عندما لجأ إليها كثير من قياداتها إثر انهيار نظام طالبان في أفغانستان مع بدء الغزو الأميركي.
وقالت تقارير إن إيران نجحت في توظيف قياديين بالقاعدة لخدمة أجندتهــا في العراق، خاصة أبومصعب الزرقاوي الــذي سمحت له بالتسلل إلى العراق أكثر من مرة قبل أن يستقر به وينفذ عمليات طائفيــة خدمت خطــة إيران في تحويل وجهة الحرب نحو الطائفية.
صحيفة العرب اللندنية