شهد مجلس النواب أمس الإثنين على خلفية استجواب وزير الدفاع العراقي خالد العبيدي جلسة عاصفة، عندما كشف “النقاب” عن تعرضه لعمليات “ابتزاز” و”مساومات” من قبل رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري وعدد من النواب للحصول على عمولات من عقود التسليح الضخمة لوزارته “على حساب الدم العراقي”، على حد وصفه. هذا الكشف لوزير الدفاع يفجر لدى المتابع للشأن العراقي سيل من الأسئلة برسم الإجابة عليها من قبل خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي. إذا كان بالفعل تعرض لابتزاز من قبل رئيس مجلس النواب سليم الجبوري وغيره من الشخصيات السياسية في العراق، فلماذا لم يقدم ضدهم شكوى قضائية وآثر الصمت طيلة المدة السابقة طالما حريص “على الدم العراقي”؟ على حد وصفه. ولماذا لم يكشف عمليات الابتزاز والمساومات في وقت سابق؟ هذا يعني إنه في حالة عدم استجوابه لن يتم عرض تلك المساومات؟! وطالما من الناحية الدستورية هو المسؤول الأول عن وزارة الدفاع العراقية نتساء: أين ذهبت عقود وزارته؟، وهل استفادت الكتل الاخرى من تلك العقود؟.
وفي هذا الإطار لكي تحظى التهم التي وجهها وزير الدفاع خالد العبيدي لبعض أعضاء مجلس النواب بالمصداقية، لابد أن يمتلك الوزير تسجيلات وشهود يؤكدون صحة تهمه لهم، وهذا أمر مما لاشك فيه يثلج قلوبنا وصدورنا أما اذا كانت هذه التهم مجرد افتراءات على هؤلاء النواب لتصفية حسابات شخصية أو سياسية سيكون انعكاساتها وخيمة على الوزير.
تكلمت بشجاعة ومكر من خلال استجوابك في مجلس النواب العراقي أن بعض النواب وكنت قد أشرت إليهم في معرض حديثك قد طلبوا منك الانتفاع المادي بمختلف أشكاله” العقود، والتعيينات، والاعتبارات الشخصية” من وزارة الدفاع لكنك رفضت واعتبرت ذلك شكلاً من أشكال الفساد الذي ترفضه. وهذا الأمر إن وقع حقاًّ تشكر عليه. لكن هل هناك عقود قمت بإعطائها لجهات أخرى، وهل هذا العطاء يعتبر عملا قانونياّ؟
ومن المفيد الإشارة هنا إلى المعلومات التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية التي تؤكد على أن الكثير من الشخصيات القريبة من جهات سياسية وحزبية طلبت من خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي بالحصول على منافع مادية من وزارته وقد حقق لها ذلك. كما أعطى الوزير بعض النواب العراقيون ما يحتاجونه من معدات عسكرية. وإن كانت هذه العطايا أعطيت تحت ضغوط مورست عليه لكنها كانت بمقابل .
والسؤال الذي يطرح هنا وبصوت عال: لماذا لم يكشف الوزير عن أسماء هؤلاء المنتفعين؟! فمن حق الشعب العراقي أن يعرف كل الجهات التي استفادت من وزارة الدفاع العراقية. ونقول هنا إذا قام الوزير بالكشف عن تلك الأسماء يعتبر رجلاً شجاعاً لأنه في هذه الحاله سيكشف ماله وما عليه. أما إذا أصر على عدم التطرق إلى أسمائهم، وقتها يفهم من زوبعة التي أحدثها وزير الدفاع خالد العبيدي في أثناء جلسة الاستجواب عبارة عن تصفية حسابات بين كتلته وكتلة سياسة أخرى، وربما تفهم أيضاً تصفية حسابات نيابة عن واجهات سياسة أخرى.
قال وزير الدفاع خالد العبيدي في أثناء جلسة الاستجواب التي انحرفت كثيرا عن مسارها، أن رئيس مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري طلب منه تعيين عدنان المكصوصي قائداً لعمليات دجلة، والوزير بدوره رفض هذا الطلب كون هذا الشخص فاشل ومطرود من الوظيفة الحكومية. كيف يُعقل هذا القول؟! خاصة وأن الوزير في جلساته الخاصة مع كتلته ومع الإقليم كان يشكو لهما بعدم امتلاكه صلاحيات داخل وزارته وأسهب قائلاً:” أن البعض في هذه الوزارة يرى فيه ليس إلا رئيساً للجنة العقود فيها”. أمام هذا التحجيم لمنصبه في وزارة الدفاع، هل يعقل أن رئيس مجلس النواب طلب منه ذلك التعيين مع علمه المسبق بأن الوزير لا يتمتع بصلاحيات تؤهله ليس لتعيين قائد عمليات وإنما آمر فوج؟!
ونضيف هنا أيضاً ما قاله وزير الدفاع في جلسة الاستجواب بخصوص هذه الجزئية تتناقض تماماً مع المعلومات التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية إن الذي طلب من وزير الدفاع تعيين ذلك الشخص”الفاشل والمطرود من الخدمة في عهد الحكومة السابقة ليس الدكتور سليم الجبوري رئيس مجلس النواب وإنما هناك شخصية هي التي طلبت من وزير الدفاع ذلك، خلال وجوده في لندن من خلال اتصال هاتفي . ولكن الوزير اخفى عن مجلس النواب العراقي تلك الشخصية. إذ التقى الوزير معه في بغداد وتم الاتفاق بينهما على احالته للتقاعد.
مما تقدم هذه الأسئلة برسم الإجابة عليها من قبل خالد العبيدي وزير الدفاع العراقي وفي حال عدم الجواب عليها لا تعدو تهمه لأعضاء مجلس النواب أكثر من تصفية حسابات سياسية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية