الملخص
بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي، اصبحت مهمة الحلف الاساسية ذات طبيعة أمنية بحتة ، ومع ابتداء الالفية الثالثة حدث ما يشبه بالتحول الجذري لحلف شمال الاطلسي، سواء من ناحية طبيعة دوره ، او من حيث نطاقه الجغرافي.
وتوضح الدراسة ان الحلف أضحى واحدا من الفاعلين المؤثرين في البيئة الدولية ، حيث تسمح الاستراتيجية الجديدة للحلف ، بالتدخل في دول اوروبية من خارج الحلف ، بالإضافة للتدخل في مناطق من خارج اوروبا.
وتسلط الدراسة الضوء على التوجه الكبير لحلف شمال الاطلسي لمنطقة الخليج العربي باعتبارها تمتلك احد اهم مصادر الطاقة. وتقدم الدراسة فرضية: ان حلف الناتو اصبح منظمة عسكرية سياسية له ادوار خارج نطاقه الجغرافي.
وتستنتج الدراسة ، ان البيئة الدولية فرضت تحولات جديدة في العلاقات مع بداية القرن الحادي والعشرين ، حيث جعلت من منطقة الخليج العربي نقطة جذب الصراعات الدولية ، ونجحت السياسة الغربية عبر استراتيجية توسيع الحلف من السيطرة على مناطق البترول في كل من اسيا الوسطى والخليج العربي.
وتوصي الدراسة ، امكانية الاستفادة من الاستراتيجية الجديدة للحلف في دعم القضايا العربية ، مثل إقامة الدولة الفلسطينية ، وحل مشاكل الحدود بين الدول العربية.
الكلمات الدالة :الصراعات الدولية، توسع الحلف، الخليج العربي.
Abstract
After the end of the Cold War and the collapse of the Soviet Union, the basic mission of NATO has become in nature purely security, however, with the starting Third Millennium, semi radical transformation of NATO has happened, both, in its nature of role or in geographical scope.
The study shows that, NATO has become one of the most influential actors in the international environment, whereas the newly strategy of NATO allows, to intervene in European countries from outside the alliance, as well as to intervene in areas outside of Europe.
The study sheds light on the large orientation of NATO towered the Gulf region as one of the most important sources of energy. The study presents hypothesis is that: NATO has become a military political organization have roles outside its geographical scope.
The study concludes that, the international environment has imposed new transformations in relations with the beginning of the twenty-first century, where made from the Arab Gulf region, attracting international conflicts, and succeeded western policy through a strategy of expanding the alliance control on the oil areas in all of Central Asia and the Gulf Arab states.
The study recommends that, to take advantage of the new strategy for NATO in supporting of Arab issues, such as, the establishment of a Palestinian state and solving borders problems between Arab states.
Keywords: international conflicts, NATO expansion, Arab Gulf.
1-المقدمة:
تشكل حلف شمال الأطلسي في4 نيسان/ابريل 1949تطورفي عصر الحرب الباردة، لمجابهة التحديات التي فرضتها الثنائية القطبية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سابقا، ولتحقيق نوع من التوازن العسكري في مواجهة كل منهما، وعندما تراجع نظام الثنائية القطبية ليحل محله النظام العالمي الجديد الأحادي القطبيةعام 1991،كان ذلك يشكل – م نوجهة نظر صناع السياسات الأميركية – فرصة تاريخية لقيام النظام العالمي الجديد على قاعدة الأحادية القطبية التي تمارسها عمليا الولايات المتحدة الأميركية.
تحتل منطقة الخليج العربي موقعاً استراتيجياً على خارطة الاهتمامات والمصالح الدولية، باعتبارها منطقة ذات بعد جيواستراتيجي وجيوبولتيكي، وتأتي أهمية الخليج العربي من أهمية الموقع الجغرافي الذي يسيطر على ممرات استراتيجية تمر عن طريقها الإمدادات النفطية العالمية مثل مضيق هرمز،مضيق باب المندب، خليج عمان، إضافة إلى امتلاكها للاحتياطيات النفطية التي تبلغ % 65 من نسبة الاحتياطي العالمي، وهذا بدوره يجعل من منطقة الخليج مصدر استقطاب للقوى الكبرى للسيطرة على تلك المنطقة.
بدأ اهتمام حلف شمال الأطلسي بمنطقة الخليج العربي مشاركته بحرب الخليج الثانية عام 1991، زاد اهتمامه بأمن الخليج بعد احداث أيلول \ سبتمبر 2001 في إطار الإستراتيجية الجديدة التي تبناها والتي تقوم على ضرورة توسيع الحلف لنطاق عملياته إلى خارج أوروبا وبناء علاقات تعاون مع كل جيرانه بمن فيهم أعداؤه السابقون وعلى رأسهم روسيا.
وقد أصبح الشرق الأوسط بصفة عامة، ومنطقة الخليج العربي بصفة خاصة، في السنوات الأخيرة بعد احداث ايلول \ سبتمبر 2001 موضع اهتمام دولي كبير، من النواحي الأمنية والسياسية والاقتصادية، وقد أدت حرب الخليج الثالثة عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق إلى تراجع مستوى الاستقرار والأمن الإقليميَّين، والى تزايد الوجود العسكري الأجنبي في بمنطقة الخليج العربي .
وقد تبين ذلك جليا من خلال استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكي، التي أكدت على أهمية التعاون العسكري مع دول الخليج العربي، بوضع استراتيجيات دفاعية خليجية يمكن أن تتكامل مع الاستراتيجيات الأمريكية، بالرغم من وجود خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية واوربا، حول كثير من أهداف ومهام السياسة الخارجية، فأنهما متفقان على مد نطاق الناتو الى منطقة الخليج العربي . حيث طرح حلف شمال الأطلسي في عام 2004 مبادرة اسطنبول للتعاون الأمني لينحى بذلك منحى أخر غير التدخل العسكري في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين من خلال الاستشارات والتدريب والتعاون في مجالات شتى .
2-مشكلة الدراسة وأسئلتها :
تتبلور مشكلة الدراسة في سعي حلف الناتو انتهاج استراتيجية جديدة ما بعد انتهاء الحرب الباردة ، تستجيب ومعطيات البيئة الأمنية العالمية المتغيرة في منطقة الخليج العربي، ومن خلال هذه المشكلة يبرز عدد من التساؤلات الآتية :
1–ما الاوضاع الجديدة في العلاقات الدولية؟
2–ما المفهوم الاستراتيجي الجديد لحلف شمال الأطلسي.؟
3–ما موقف دول الحليج العربي تجاه الدور الجديد للحلف .؟
4- ما مستقبل العلاقة بين الحلف ودول الخليج العربي . ؟
3-اهمية الدراسة :
تكمن اهمية الدراسة ببيان مدى نجاح اسهام حلف شمال الاطلسي في الحفاظ على السلم و الامن الدوليين في منطقة الخليج العربي ، بعد التغيير في عقيدة الحلف من الدفاع الى المشاركة في مناطق خارج نطاقه الجغرافي . كما تأتي أهمية الدراسة للباحثين والمختصين بالشؤون السياسية الدولية وتحديدا صناع القرار للاستفادة من الثقل السياسي والعسكري للحلف ، في مد جسور التعاون والتدريب الامني في محاربة الارهاب .
4-اهداف الدراسة :
1-بيان الدور الوظيفي والقانوني الجديد لحلف الناتو .
2- الكشف عن المفهوم الاستتراتيجي الجديد للحلف .
3- التعرف على موقف دول الخليج العربي من الدور الجديد للحلف .
4- تقديم رؤية واضحة لمستقبل العلاقة .
5- منهجية الدراسة :
تستخدم الدراسة المنهج الوصفي التحليلي القائم على بيان أن الفكر الامني يتطور من فترة لاخرى ، وسيقوم المنهج بتحليل الادوار الجديدة للحلف مع إيجاد توصيف قانوني لهذا الدور .
كما تستعين الدراسة بالمنهج القانوني لدراسة القوانين والمواثيق المتعلقة في الحلف .
ولغرض تحقيق اهداف الدراسة والاجابة على التساؤلات، من خلال المباحث التالية :
المبحث الاول : الاوضاع الجديدة في العلاقات الدولية :
فرضت نهاية الحرب الباردة على كل من الأوروبي وحلف شمال الاطلسي إعادة النظر فى توجهاتهما المشتركة حيال الأوضاع الجديدة في أوروبا والعالم ككل. فمع نهاية الحرب الباردة 1989-1991، كان لدى معظم الأوربيين توجهات مستعدة ومؤيدة لقبول بزوغ نظام عالمي جديد ذى طبيعة إيجابية بعد انهيار جدار برلين، وانتهاء الحرب الباردة، كما لم يكن هذا التوجه مثيراً للدهشة، أخذا فى الاعتبار الانسياب الجذري للتهديدات والأعباء التي أفرزتها تلك التطورات للقارة الأوربية (المعايطة، 2009: 65)
كما أصبح من الواضح آنذاك عدم كفاية مفهوم الأمن المعتمد على أساس عسكري فقط على نحو ما كان سائداً خلال فترة الحرب الباردة. ومن ثم أصبح على حلف الناتو، وما كان يعرف حينئذ بالجماعة الأوروبية، أن يعيدا تقييم دورهما ووظائفهما الأساسية: الجماعة الأوربية، كان عليها أن تواصل مسيرتها، وعلى الأقل، كاتحاد تجاري. وبينما كان مبرر وجود حلف الناتو، وفيما مضى، هو هدف الغرب فى الدفاع عن نفسه ضد الخطر السوفيتى، فإن زوال هذا الخطر السوفيتي قد عرض حلف الناتو لحاجة متزايدة ومتنامية لتبرير استمرار وجوده فى ظل التوقعات المستهدفة لنظام عالمي جديد، والسلام الذي كان من المتوقع أن يسود بعد تفكك الاتحاد السوفيتى (سليم، 2010: 57).
وقد وجدت كل من الجماعة الأوروبية وحلف شمال الاطلسي نفسيهما في نقطة بداية فكرية وسياسية مختلفة تماماً في مواجهة عالم ما بعد الحرب الباردة. فكما كان معروفاً، فإن الحرب الباردة ورثت تداعيات عدم الاتصال المنتظم بين الجماعة الأوروبية وحلف شمال الاطلسي. ففي خلال التسعينيات كانت تصدر تقارير من وقت لأخر عن اجتماعات غير رسمية فى بروكسل بين كبار المسئولين في المنظمتين، مما أطلق تكهنات عن التدشين المحتمل لعلاقة جديدة بينهما (عبدالله، 2009: 67).
وعلى الرغم من وجود قنوات اتصال مؤسسية حينئذ لتبادل المعلومات، فإن الأمر تغير بعد ذلك. فقد تم الاتفاق في قمة المجلس الأوروبي في هلسنكي في كانون الاول /ديسمبر 1999 على أن يسعى الاتحاد الأوروبي لتأسيس آليات للاتصال مع حلف شمال الاطلسي. وارتبط هذا بقرارات تطوير قدرات عسكرية مستقلة للاتحاد الأوروبي تكون قادرة على نشر قوات عسكرية لحفظ السلام ومهام أخرى متصلة بذلك. إضافة إلى ذلك، فقد تتالت مبادرات وسياسات القمة الأوربية الهادفة نحو جهود إحلال السلام، وإعادة البناء ونشر وتوسيع نطاق الديمقراطية، وإدماج دول البلقان وأوروبا الشرقية السابقة في إطار الاتحاد الأوروبي (Mark, 1999: 31).
كما جاء تعيين خافيير سولانا، والذي كان في ذلك الوقت سكرتيراً عاماً لحلف شمال الاطلسي، كممثل أعلى للسياسة الخارجية والدفاعية فى الاتحاد الأوروبي، والذي تم في قمة الاتحاد الأوروبي في كولونيا في حزيران /يونيو 1999، ليمثل دليلاً أخر على الرغبة في تنمية علاقة قوية بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي. وتكمن أهمية هذه الخطوة على طريق المواجهة المشتركة لحالة عدم الاستعداد لمواجهة لنهاية الحرب الباردة التي كانت لا تزال تفرز تداعياتها على العلاقة بينهما، خاصة وأنهما كانا قد دخلا قبلها فى فترة من الاستبطاء ترتدي قناعاً من الخطاب الواعد بمزيد من التعاون الأوروبي.
كما تبنت المنظمة وخلال النصف الأول من التسعينيات بشكل خاص، نوعا من سياسات الحذر تجاه عملية التحول إلى ما بعد الشيوعية، وتجاه بعضهما البعض، أخذاً في الاعتبار التداعيات المؤلمة لحرب البلقان، وما مثلته من تحدى شديد لهذه الرؤية، وإن كان قد تم في الوقت ذاته التعامل معها واحتوائها بشكل ملحوظ، وبصفة خاصة، أنها لم تمنع التقدم المستقر لمعظم دول ما بعد الشيوعية في أوروبا الوسطى باتجاه الاندماج الكامل في النظم الاندماجية المنظمة لكل من الناتو والاتحاد الأوروبي. ومن هذا الاتجاه تحديدا ثارت ولا تزال اهتمامات جادة من قبل بعض القوى الأوروبية الغربية من أن يؤدي هذا الاندماج إلى إضعاف وتقويض نظامهم، أي الاتحاد الأوربي ذاته (Martin, 2000: 10).
وتبدو أهمية التنسيق والتعاون المشترك في تجاوز الاهتمامات بفحص إجراءات الأمن المتشددة، أو الأمن العسكري الذي يتعامل مع القضايا والاهتمامات ذات الطبيعية العسكرية فقط، الاهتمام بأفكار ودوافع ونظام الأمن الأوروبي الشامل الذي يحتاج وبقوة إلى أن يعمل على تقليل الاختلافات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة بين الاتحاد الأوروبي من جهة، وبين شرق أوروبا ووسطها، أي بما يطلق عليه مارتين سميث بعد “الأمن الناعم Soft Security،” في دلالة واضحة على تزايد الإدراك والاعتراف المتزايد بضرورة تكامل كل من البعد السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحتى السباق العسكري لتسهيل الحركة تجاه نظام أمن أوروبي قوي، فمثل هذا النظام يجب أن يتعامل مع كل تلك القضايا فى إطار النظام الدولي الجديد، وعلى ضوء علاقة الشراكة المتميزة فيه مع الولايات المتحدة الأمريكية (Martin, 2002: 10-16).
المبحث الثاني :التحولات الاستتراتيجية الجديدة في عقيدة حلف شمال الاطلسي :
خلال العقدين الأخيرين مر حلف شمال الاطلسي في مرحلتين تاريخيتين:
المرحلة الأولى (انتهاء الحرب الباردة):
كان الهدف المعلن من انشاء حلف الناتو للمحافظة على أمن القارة الأوروبية ضد منظومة الدول الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفيتي وعلى اثر انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة وشن التحالف الدولي حرب الخليج الثانية عام 1991م، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط وحرب عام 1999م، على كوسوفو، أصبح الحلف يواجه منعطفاً تاريخياً في مسيرته تتطلب منه التكيف بناءاً على اجتماع الحلف في واشنطن في 24 نيسان 1999م وقد استجد لديه عدة أمور هي: (جاد، 2008: 207)
أ- ضرورة تغيير مفاهيمه الأمنية من مفاهيم عسكرية بحته إلى مفاهيم أمنية تعني بقضايا الأمن الإنساني المعاصرة مثل منع انتشار اسلحة الدمار الشامل، محاربة الإرهاب، مكافحة تهريب الاسلحة والمخدرات، إدارة الأزمات.
ب- اضطرار الحلف للتوسع جغرافياً ومد نفوذه خارج حدود أعضاء الحلف وفقاً لطبيعة القضايا التي تبناها فأطلق عدة مبادرات اتجاه دول محيط الناتو مثل مبادرة الحوار مع دول البحر المتوسط لضمان تعاونها في قضايا الأمن الناعم مثل وقف الهجرة غير المشروعة إلى اوروبا، ولكن بقي هذا الحوار بدون مضمون حقيقي وكان الحلف يكتفي بعقد دورات تدريبيه لأفراد من دول الجوار المتوسطي.
ج- اتباع الحلف لإستراتيجية جديدة لرأب الصدع والخلافات داخل الحلف والحيلولة دون سعي أوروبا لاعتماد سياسة دفاعية مشتركة مستقلة عن الأطلسي، حيث كانت قمة بروكسل الأوروبية عام 2003م، وكان من نتائجها إنشاء وكاله أوروبية للتسلح وإنشاء قوة رد سريع لتنفيذ عمليات للاتحاد الأوروبي دون اللجوء للأطلسي وإيجاد قيادة عسكرية بمعزل عن الأطلسي لاسيما إن أوروبا قامت بعمليات عسكرية منفردة أو كبديلة عن الحلف في بعض المناطق مثل الكونغو.)العبدالله،13:1991).
المرحلة الثانية: ما بعد11 ايلول /سبتمبر 2001.
بدأ الحلف بمرحلة تتسم بالغموض والبعد عن الأهداف واتساع المسؤوليات والحدود الجغرافية، منذ أن شنت الولايات المتحدة احد أعضاء الحلف، الحرب على أفغانستان عام 2001م، وكذلك حربها على العراق عام 2003، وهذا أدى الى انقسام حقيقي في رؤى الحلف لأدواره المستقبلية، حيث وجهت بعض الدول الأوروبية نقداً لاذعاً وكلمات قاسية لأمريكا وأذكى هذا الخلاف طموح أوروبا بالوقوف بوجه أمريكا وأخذ زمام المبادرة بالمحافظة على أمنها بنفسها وتشكيل قوة أوروبية للتدخل السريع واستمرار عدم المشاركة في إرسال قوات للعراق على الرغم من مصالح بعض الدول الأوروبية المشتركة مع أمريكا. وقد اتسمت هذه المرحلة بما يلي: (المعايطة، 2009: 28-32)
أ- يرى المعارضون بأن هدف الحلف هو لصد أي تهديد من قبل مجموعة من الدول، إلا أن انفراد الولايات المتحدة الامريكية بقرارها للذهاب للحرب نتيجة تهديد الإرهاب الدولي وتبني استراتيجية الضربات الاستباقية، ونتيجة لذلك حدث اختلاف بالرؤيا حول التهديد وكيفية مواجهته، وهذا يعني إما أن يقوم الحلف بتعديل أهدافه ووسائله واستراتيجياته أو أن تقوم الولايات المتحدة لتعديل رؤياها وأساليبها لتتوافق مع إجماع دول الحلف، ومع ذلك ما زال الضغط على الحلف لتولي مسؤوليات في العراق، كما تولاها في أفغانستان وهذا يعني توظيف الناتو لخدمة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
ب- يتوافق أعضاء الحلف على تطور الحوار مع الدول المتوسطية، بعد اتساع أهداف الحلف عن دائرة التعاون في قضايا الأمن الناعم لتشمل محاربة الإرهاب الدولي، وقضايا الإصلاح السياسي والاجتماعي في دول المتوسط والدليل على ذلك بدء الحديث عن توسيع عضوية دول الجوار المتوسطي لتشمل دول الشرق الأوسط الأوسع.
ج- يزداد الغموض تدريجياً إذا ما تم تبني الناتو لهدف محاربة الإرهاب، حيث أن الإرهاب غير محدد في بلد معين أو منطقة جغرافية محددة، والناتو غير مؤهله لذلك حالياً وبحجة الحرب على الإرهاب الدولي تورط الحلف في تولي مسؤولياته في افغانستان، و16 دولة من الحلف شاركت مع القوات الامريكية في العراق لا ترتدي زي الناتو العسكري.
د- خلال مؤتمر القمة لقادة دول حلف شمال الاطلسي، الذي عقد في مدينة “براغ” عاصمة جمهورية التشيك خلال شهر شباط/فبراير 2002م، أعلن الحلف عن انضمام سبع دول من شرق ووسط اوروبا ليرتفع بذلك عدد الدول الأعضاء إلى ست وعشرين دولة، وبذلك انضمت كل من الدول البلطيق الثلاث (استونيا، التوانيا، لاتفيا) وسلوفينيا من الاتحاد اليوغسلافي السابق، وسلوفاكيا وبلغاريا ورومانيا وتمثل تلك الدول المجموعة الثانية من دول شرق اوروبا التي تنظم للحلف، أن المجموعة الأولى من الدول التي انضمت إلى الحلف في مرحلة سابقة هي بولندا، والمجر، وجمهورية التشيك.
هـ- تم تشكيل قوة تحرك سريع تابعة لقيادة الحلف مكونة من 21 الف فرداً اعتباراً من تشرين أول 2004م (بعد عامين من قمة براغ) ومهمتها الانتشار السريع خلال ثلاثة أيام فقط.
من خلال استعراض دور الحلف ضمن التطوّرات والتغيرات الدولية, وفي ظلّ النظام الدولي وتغيراته, يرى البعض بأن الحلف سيبقى قائماً, وان هناك عدّة عوامل تساعد على وحدته وتماسكه أهمّها: (المصالحة,22:2012)
1- في ضوء التحوّلات الدولية وبروز أهمّية القوّة الكامنة المتمثّلة في الاقتصاد والتكنولوجيا فإن أعضاء الحلف يرتبطون بعلاقة اعتماد متبادل ذات آثار إيجابية على جميع الأطراف, لذا فهم حريصون على بقاء هذه العلاقة وعدم تعريضها لأيّ خطر. وحلف الناتو هو الدرع الواقي والجهاز الفعّال للحفاظ على أمن هذه العلاقة.
2- في ضوء التطوّر التكنولوجي للأسلحة النووية أصبحت معظم الدول الأعضاء تمتلك (أو قادرة على امتلاك) السلاح النووي, وبالتالي فإن بقاء حلف الناتو واستمراره يؤدّي إلى صيانة وتنظيم علاقة أطرافه ويعمل على تقييد “طموحاتهم” وتنظيم إمكاناتهم العسكرية وطاقاتهم النووية والحيلولة دون العودة إلى بناء جيوش وطنية كما كان الأمر في الماضي.
3- بالرغم من زوال الخصم (حلف وارسو) فإن حلف شمال الأطلسي محكوم بالبقاء, فضلاً عن أن أطرافه تحقق الكثير من المصالح الهامة من خلال هذا البقاء. وأبرز تلك المصالح: (العبدالله, 2004: 15)
أ- تنسيق العلاقات في ما بينها وتنظيم تسلّحها وتفادي عودتها إلى بناء جيوش, كلّ من جهتها.
ب- الحفاظ على علاقات تحالف وروابط قوية بين أوروبا والولايات المتحدة الأميركية, وتعزيز المظلّة الأمنية الأميركية لأوروبا.
ج- محافظة الأميركيين على مكسبهم الأساسي المتمثّل بوجودهم في أوروبا ودورهم الفاعل في قراراتها على مختلف الصعد.
المبحث الثالث : الموقف الخليجي تجاه الدور الجديد لحلف شمال الاطلسي :
على الرغم من أن الحوار بين دول مجلس التعاون الخليجي وحلف الناتو قد بدأ منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ، إلا أن التطور الحقيقي بهذا الشأن تمثل في مظاهر ثلاثة هي: (النعيمي، 2010: 176)
1- مؤتمر تحولات الناتو والأمن في الخليج والذي عقد بدولة قطر في نيسان/ أبريل 2004، حيث كان هذا المؤتمر بمنزلة تمهيد لقمة اسطنبول التي عقدت في العام ذاته، وقد اقترح المشاركون في المؤتمر العمل من أجل إيجاد آلية للتعاون المستقبلي بين دول الخليج الست والحلف، في الوقت الذي أعلن فيه مسئولو الحلف عن أهمية منطقة الخليج بالنسبة للناتو، وهذا ما أكده سكارل كوفاندا السفير الدائم لجمهورية التشيك لدى الحلف بالقول ” أن منطقة الخليج العربي أصبحت على سلم أولويات واهتمامات الأطلنطي” وهو المعنى ذاته الذي أكده جيمس أباثيروا الناطق باسم الحلف حيث قال: إن تعزيز العلاقات بدول المجلس يمثل أولويات الناتو في السنوات القليلة القادمة، وقد لقيت تلك المبادرة ردود إيجابية من جانب بعض الدول الخليجية، كإشارات مشجعة من دول المجلس بشأن العرض الخاص بالشراكة الصادرة عن قمة إسطنبول.
2- عكست المباحثات الثنائية بين الناتو وبعض الدول الخليجية تعاوناً ومن ذلك المباحثات التي أُجريت بين مسؤولي الحلف وعدد من الدول الخليجية في اذار/مارس 2005، والتي لقيت استجابة من بعض الدول الخليجية لوجهة نظر الناتو، ومنها دولة الكويت التي أعلنت على لسان رئيس وفدها في تلك المفاوضات أن مبادرة إسطنبول للتعاون التي أقرتها قيادة الحلف بلورت الرغبة في مد جسور التعاون مع هذه المنطقة ووضعت لها إطاراً، وأضاف أنه ليس من الصعب التعاون مع الناتو في ثوبه الجديد بعد التحولات العالمية في العقدين الأخيرين واختفاء الاتحاد السوفيتي والتهديدات القديمة مع ظهور تحديات جديدة مثل ظاهرة الإرهاب التي تعد خطرًا يهدد الجميع ومثل مخاطر انتشار أسلحة الدمار الشامل.
3- المحادثات غير الرسمية التي أُجريت خلال شهر تشرين الاول/أكتوبر 2005 بين مسئولين سعوديين ومسئولين من حلف الناتو بمقر الحلف ببروكسل، والتي وصفها الأمين العام للحزب بأنها كانت مفيدة وناجحة ومثمرة مشيراً إلى توافق في الرؤى.
وترى الدراسة أنه رغم التجاوب خليجياً مع دعوات حلف شمال الاطلسي، وهو ما عكسته التصريحات واللقاءات المكثفة بين الجانبين، إلا أن هناك ملاحظتين تجدر الإشارة إليهما:
الأولى: لا توجد رؤية خليجية موحدة إزاء مقترحات الناتو، ففي الوقت الذي أعلنت فيه أربع دول وهي الكويت وقطر والإمارات والبحرين موافقتها على تلك المقترحات، لا يزال موقف كل من السعودية وسلطنة عمان غير محدد.
الثانية: لا يتضمن عرض الناتو مقترحات للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة واحدة، وإنما الصيغة الثنائية هي المقترحة (27+1) وهو ما يعني أن دولة ما قد تختار برامج مهارات المراقبة البحرية، وأخرى تفضل العمل على الحدود الأرضية وغير ذلك، وبالتالي لا تكون هناك صيغة موحدة للتعامل مع برامج الناتو المقترحة مما يحد من التنسيق الخليجي في مجال الدفاع.
المبحث الرابع : حلف شمال الأطلسي ومستقبل العلاقة مع دول الخليج.
لقد أثير في الاجتماع السنوي الخمسين لأعضاء الناتو في نيسان / إبريل 1999 بعض النقاط حول دخول الناتو منطقة الخليج العربي ودوره العسكري فيها، وقد عارض هذا الاقتراح خصوصاً أعضاء المنظمة من الدول الأوروبية الأقوياء مثل فرنسا وألمانيا.
لكن أظهرت أحداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001، والتفجيرات الإرهابية في لندن ومدريد عام 2004، الحاجة إلى التصدي للإرهاب ونطاقات وجوده بصورة أكبر، والاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي باعتبارهما من المناطق المعرضة للخطر أكثر من ذي قبل (الهواري، 2009: 282).
وقد تبين ذلك جلياً من خلال “استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكي”، التي أكدت على أهمية التعاون العسكري مع دول الخليج العربي بوضع استراتيجيات دفاعية خليجية يمكن أن تتكامل مع الاستراتيجية الأمريكية، وبالرغم من وجود خلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا حول كثير من أهداف ومهام السياسة الخارجية، فإنهما متفقان على مد نطاق”الناتو” إلى منطقة الخليج العربي(Martin, 2002: 10-16).
وعلى الرغم من إعلان مسؤولو حلف الأطلسي أن دول الحلف تواجه الأخطار نفسها التي تواجهها دول الشرق الأوسط ومن بينها الدول الخليجية الست (الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل)،إلا أن القضية الأهم في هذا الشأن هي أمن الخليج والدور المحتمل أن يقوم بها لحلف مستقبلاً في الترتيبات الأمنية مع كل دولة خليجية على حده،وتثير تلك العلاقة الجديدة عدة إشكاليات:
الإشكالية الأولى:
كيف يمكن للدول الخليجية التوفيق بين التزاماتها في إطار الاتفاقيات الأمنية الثنائية المبرمة مع بعض أعضاء الناتو ومنها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والصيغ الجديدة المقترحة من جانب الناتو، فضلاً عن الدفاع الخليجي المشترك في إطار قوات درع الجزيرة. بمعنى آخر هل يمكن التوفيق بين المصالح الوطنية والمصالح الإقليمية والمصالح القومية، وهو مايثير التساؤل حول أثر هذا الدور الجديد للحلف على أمن منطقة الخليج(عبد الفتاح،2007: 75).
الإشكالية الثانية:
كيفية تعامل الدول الخليجية مع أطراف المنظومة الأمنية الإقليمية التي قد يقترحها الناتو مستقبلاً والتي تضم إلى جانب الدول الخليجية عددًا من الدول العربية، بالإضافة إلى تركيا وإسرائيل، خاصة أن الناتو مهما بلغت قدراته العسكرية لا يملك حلولاً جذرية لمعضلات تعاني منها المنطقة الخليجية عموماً ويأتي في مقدمتها الخلل بين أطراف تلك المنظومة(عبد الفتاح،2007: 77).
الإشكالية الثالثة:
كيف يمكن للدول الخليجية الست التوفيق بين التزاماتها تجاه الناتو والتزاماتها العربية بشأن الصراع العربي – الإسرائيلي، خاصة أن إسرائي لضمن أطراف الحوار والترتيبات المستقبلية، في ظل تزايد حدة التوجه الشعبي الخليجي تجاه قضية التطبيع مع إسرائيل ابتداءً بتأسيس مؤتمرات لمناهضة التطبيع، ومرورا ببعض المظاهرات التي شهدتها بعض الدول الخليجية احتجاجًا على الممارسات الإسرائيلية، وانتهاءً بمطالبة البرلمان البحريني الحكومة بالتراجع عن قرار رفع الحظر عن دخول المنتجات الإسرائيلية، وهنا تجدر الإشارة إلى تأكيد عدد من الأكاديميين الخليجيين الذين شاركوا في مؤتمر تحولات الناتو وأمن الخليج الذي شهدت فعالياته مدينة الدوحة عام 2004، على أن أي صيغة للتعاون مع الناتو لن تحظى بالقبول إلا بعد حل الصراع العربي – الإسرائيلي، ومن ثم فإن محاولات الناتو لإجراء مثل هذه الحوارات مع الدول الخليجية هو إيجاد نوع من التطبيع العسكري مع إسرائيل حتى في ظل تماديها في أعمال القتل والتخريب والدمار ضد الفلسطينيين(عبدالفتاح،2007: 80).
وتتفق الأهداف الأمريكية – من جر “الناتو” إلى منطقة الخليج العربي – مع أهمية هذه المنطقة بالنسبة “للناتو”،فالخليج العربي له أهمية كبيرة بالنسبة “للناتو” لعدة أسباب،أبرزها: النفط وتأمين موارده وخطوط انتقاله. وتنتج دول الخليج العربي يومياً 26 مليون برميل. وتتوقع أوبك أن يزيد هذا المعدل عام 2020 إلى 35 مليون برميل يومياً، ويوجد في الخليج العربي أيضاً ما يقرب من نصف احتياطي الغاز في العالم. حيث تستحوذ كل من إيران وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على المراكز من الثاني إلى الخامس من احتياطي الغاز في العالم(مرهون، 2007: 78).
وقد أشار المفهوم الاستراتيجي الجديد للناتو إلى أن مصالح دول الحلف الأمنية يمكن أن تتعرض للخطر من قطع مصادر الطاقة (مثل النفط) ولهذا ناقشت الدول أعضاء الناتو عام 2006 قضية أمن الطاقة. ووافقوا في اجتماع القمة في بوخارست (2008) على تفعيل التحالف في هذا المجال بصورة أكبر (مرهون، 2007: 79).
لكن النفط ليس هو المتغير الوحيد الذي يفسر اهتمام الناتو بمنطقة الشرق الأوسط، فمواجهة الجماعات الإسلامية “الأصولية” ومنع حصولهم على أسلحة الدمار الشامل من الأسباب الأخرى لاهتمام “الناتو” بمنطقة الخليج العربي.
ويسعى الناتو لتنظيم أعماله وإجراءاته في المناطق المعنية ومن بينها الخليج العربي خصوصا مع ظهور الحوار الأمني لمكافحة الإرهاب. وبالتالي يحاول الناتو إزالة أي خطر من قبل هذه الجماعات والمنظمات (أبوحسبو، 2010: 98).
ويسعى “الناتو” في هذا السياق لملء فراغ القوة في منطقة الخليج في ظل حالة الغياب العربي الواضح عن ترتيبات الأمن في الخليج، الأمر الذي يتيح لقوى مثل إيران الاستفادة من هذا الوضع، فمنذ حرب الخليج الثالثة 2003 ومنطقة الخليج تعيش حالة من عدم الاستقرار الأمني حيث زادت قوة إيران الإقليمية مما دفع الدول الخليجية – أكثر من ذي قبل – إلى القوى فوق الاقليمية لإحداث توازن في ميزان القوى في النظام الإقليمي الخليجي الذي أصبح يميل لصالح إيران، وما يشكل هذا كمن تهديد حقيقي لأمن دول مجلس التعاون الخليجي في ظل استمرار إيران لاحتلال الجزر الإماراتية والمطالبة بعودة البحرين للسيادة الإيرانية واستمرار النظام الإيراني التدخل في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي وقد ساعد هذا الوضع على زيادة الروابط بين دول مجلس التعاون وحلف شمال الاطلسي(مرهون، 2007: 81).
ومن ناحية أخرى يمكن القول إن قدوم حلف شمال الاطلسي إلى منطقة الخليج العربي يعني محاصرة إيران استراتيجياً، لأن “الناتو” قد سعى بوجود قواته في أذربيجان في شمال إيران، وتركيا والعراق في الغرب، وأفغانستان في الشرق، والخليج العربي في الجنوب، إلى محاصرة إيران من كل جانب. وعلى الرغم من تعاون طهران مع الناتو في بعض المجالات في أفغانستان، لكن من الواضح أنه لا يمكن اعتبار إيران صديقة ” للناتو” (عبدالفتاح،2007: 72).
كما حدد حلف شمال الاطلسي معالم استراتيجيته الجديدة التي لم تشتمل على بند مواجهة “الخطر الشيوعي” بل، أصبحت مهمته الأساسية لعب دور حاسم في السياسة الخارجية بتحديده للتهديدات المقبلة ووظائفه المستقبلية في ظل نظام أحادي القطبية، فقد شملت معالم الاستراتيجية الجديدة لحلف “الناتو” منطقة الخليج العرب بهدف مواجهة
الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل وتأمين موارد الطاقة وخطوط إمدادها والتصدي لطموحات إيران بعيدة المدى في المنطقة (النعيمي، 2010: 186).
كماهيأتمبادرةاسطنبولللتعاون 2004 مجالالتوسيعالعلاقاتبيندولمجلسالتعاونالخليجيوالناتو،وقدبحثتأيضاًدولالمنطقةالأخرىمسألةانضمامهاله. ولاشك في أن مجالات تعاون الناتو مع دول في الخليج العربي سوف تزداد، نتيجة لسياسات “الناتو” الجديدة المعتمدة على أسلوب الحوار والمشاركة والاهتمام بقضايا الديموقراطية وحقوق الانسان والإصلاحات السياسية وبناء برامج التنمية المستدامة والبشرية ودورها في حماية البيئة، وبدخول دول الخليج العربي بتحالفات مع حلف شمال الاطلسي ستتغير موازين الحكم والقوة والأمن في منطقة الخليج العربي وفي منطقة الشرق الأوسط بأكمله(حسون، 2010 : 41).
الخاتمة :
مع انتهاء الحرب الباردة وتحول النظام الدولي من ثنائي القطبية الى احادي القطبية ، وسيطرة الولايات المتحدة الامريكية على مجمل العمليات العسكرية ، من خلال حرب الخليج الثانية (1991) واحداث ايلول / سبتمبر /2001 الحرب على الإرهاب وشنها حرب الخليج الثالثة (2003) ورغم الانشقاق الذي حدث بالحلف نتيجة الموقف الفرنسي والالماني من الحرب ، الا ان الحلف أضحى واحدا من الفاعلين المؤثرين بالبيئة الدولية ، حيث تسمح الاستتراتيجية الجديدة للحلف التدخل في دول من خارج نطاقه الجغرافي .
فلم تعد مهمة الحلف امنية عسكرية بالاساس ، وإنما اكتسبت ابعادا سياسية واقتصادية واجتماعية اخرى ، إنطلاقا من حتمية الربط بين ماهو امني وبين ماهو سياسي في منطقة الشرق الاوسط بصفة عامة ، ومنطقة الخليج العربي بصفة خاصة ، لاسيما وان هذه الاخيرة تمتلك اهم مصادر الطاقة لدول الحلف ، وتقوم العقيدة والاستترايجية الجديدة لحلف شمال الاطلسي على محاور رئيسة منها : تحديد مصادر التهديد الجديدة وتعين مسرح جديد للعمليات ، إضافة الى توفير المرجعية السياسية لاتخاذ القرار .وخلصت الدراسة ان هذه الأخطار ذات أهمية بالغة لدرجةأنها ألقت بظلالها على معايير حلف شمال الاطلسي في مجال حقوق الإنسان والديمقراطية. “على الرغم من أن الدول المتعاونة مع الناتوفي الخليج العربي لا تتمتع بمعايير جيدة في مجال حقوق الإنسان فإن الناتوسيواصل تعاونه معها في مجال محاربة الإرهاب.
واستنتجت الدراسة ، ان دور حلف شمال الاطلسي في منطقة الخليج العربي مرشح للنمو والتصاعد خلال الفترة القادمة ، خاصة في ظل التوجه الجديد للحلف ، الذي يرى ضرورة الربط بين ضمان الاستقرار والامن وتحقيق الاصلاح السياسي لدول المنطقة . وتوصي الدراسة ، على دول الخليج العربي إمكانية الاستفادة من الاستراتيجية الجديدة للحلف في دعم وحل القضايا العربية العربية والعربية الاسرائيلية .
المراجع :
1-العبدلله ، رضوان ، (1991) ، تركيا وحلف شمال الاطلسي ، المطبعة الوطنية ، عمان ، الاردن .
2- الهواري ،عبد الرحمن رشدي ،(2009) ،المهام المحتملة لحلف الناتو في الشرق الاوسط ، مجلة السياسة الدولية ، الاهرام ، العدد (137) .
3-المصالحة ، محمد ، (2012) ، استراتيجية حلف شمال الاطلسي في النظام الدولي الراهن ، مجلة الدفاع الوطني اللبنانية ، العدد (124) .
4- النعيمي ، احمد نوري ، (2010 ) ، تركيا وحلف شمال الاطلسي ، المطبعة الوطنية ، عمان ، الاردن .
5- المعايطة ، صالح ، (2009 ) ، متغيرات حلف الناتو ، دراسات استراتيجية ، كلية الدفاع الوطني ، الاردن .
6- ابو حسبو ، محمد، (2010 ) ، تساؤلات حول مستقبل الاوربي في ظل تراجع الاكتشافات الجديدة ، سلسلة كتاب الاهرام الاقتصادي ، القاهرة .
7- جاد ، عماد ، (2008 ) ، حلف شمال الاطلسي (سهام جديدة في بيئة امنية مغايرة) ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ، مطبعة الاهرام .
8- حسون ، محمد ، (2010 ) ، الاسترايجية التوسعية لحلف الناتو واثرها على الامن القومي العربي ، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية ، المجلد (26 ) ، العدد الثاني
9- عبد الله ، مصطفى ، (2009 ) ، المفهوم الاوربي للامن والاستقرار في حوض البحر الابيض المتوسط ، دار الفكر العربي ، بيروت .
10- عبد الفتاح ، نبيل ، (2007 ) ، العرب من النظام العربي الى النظام الشرق اوسطي تحت التشكيل ، السياسة الدولية ، القاهرة ، الاهرام ، العدد (111 ) .
11- سليم ، محمد السيد ، (2010 ) ، المشاركة الاوربية المتوسطية : رؤية عربية لميثاق السلام والاستقرار ، سلسلة كراسات استراتيجية ، رقم (87 ) ، القاهرة مركز الاهرام للدراسات السياسية الاستتراتيجية .
12- مرهون ، عبد الجليل زيد ، (2007 ) ، أمن الشرق الاوسط بعد الحرب الباردة ، دار النهار للنشر والتوزيع ، بيروت .
13- MARK E .PIETRZYK , (1999 ) Explaining the post – Cold War Order : An International Society In the 40 , Annual Convention , Washington .
14- Martin INDYK,(2002 ) , Watershed In the Middle East , Foreign Affairs , VOL, 61 , No . , America and the World 19991-1992 .
15- MARTIN A . Smith and GRAHAMTIMMINS , (2000 ) , The EU , NATO and The Extension of International Order In Europe , World Affairs .
الأستاذ المشارك الدكتور محمدجميل الشيخلي
جامعة الشرق الأوسط / قسم العلوم السياسية