لم يُتداول اسم الجامعة العربية في الحراك السياسي الحالي حول الأوضاع المتفجرة في سوريا بفعل التصعيد العسكري الروسي، أو في اليمن مع تجدد المساعي لإرساء هدنة جديدة فيها واستئناف المحادثات بين الحكومة الشرعية من جهة وبين تحالف الحوثي وصالح من جهة أخرى، أو في ليبيا في ظل أوضاعها السياسية والأمنية المتعثرة واشتداد الانقسام فيما بين قواها السياسية والعسكرية.
تغيب الجامعة تقريبا عن كل التحركات الدبلوماسية وعن كل المبادرات في كل تلك الساحات، بينما تعيش ما يشبه حالة شلل، دفعت البعض إلى اعتبارها جسما ميتا.
فحتى عضوية مصر في مجلس الأمن الدولي التي كان يفترض أن تجعل للعمل العربي المشترك معنى في المحافل الدولية، كانت مصدر خلاف، وتجلى ذلك حين صوت المندوب المصري لصالح مشروع القرار الروسي بشأن سوريا، متسببا في غضب دول عربية بينها السعودية التي وصف مندوبها التصويت المصري بالمؤلم.
في يوليو/تموز الماضي تسلم أحمد أبو الغيط الأمانة العامة للجامعة العربية من سلفه (المصري أيضا) نبيل العربي، ولم تُعلّق عليه أي آمال -مثل سابقه- في ظل شعور سائد بأن الجامعة في شكلها الحالي وفي ظل الانقسامات بين دولها الأعضاء، لم تعد قادرة على شيء، وبالتالي وجب إعادة تشكيلها وفق رؤية مختلفة.
على الهامش
وفي سوريا كما في العراق واليمن، تبدو الجامعة العربية على الهامش بينما يتصدر الأميركيون والروس والأتراك والإيرانيون المشهد، وأيضا لا حراك للجامعة على صعيد معالجة الانقسام الفلسطيني وفك الحصار عن غزة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي لخص أحمد أبو الغيط عجز الجامعة في ما يخص ما يتعرض له المدنيون السوريون في حلب وغيرها بالتعبير عن ألمه وحزنه، وتأكيده على أنه لا مخرج إلا بالتفاوض، وكان ذلك في كلمة ألقاها في اجتماع وزراء الخارجية العرب بالقاهرة.
مساء أمس أبلغ مندوب اليمن الدائم لدى الجامعة العربية أمينها العام أحمد أبو الغيط باعتذار بلاده عن ترؤس الدورة القادمة الثامنة والعشرين للقمة العربية بسبب الأوضاع التي يمر بها اليمن، وبالتالي يفترض أن تؤول رئاسة الدورة للأردن.
ويأتي اعتذار اليمن عن عدم ترؤس القمة العربية القادمة بينما تتأكد حالة الشلل التي تعيشها الجامعة العربية، في وضع كان ينبغي أن تكون فيه من خلال مؤسساتها وأمانتها العامة قاطرة لتسوية الأزمات الملتهبة في المنطقة.
ورغم حالة الشلل تلك لا تبدو في الأفق أي بوادر تدل على أن هناك من يدفع باتجاه إخراج الجامعة العربية من حالة العجز، وهذا ما قد يكون وّلد قناعة لدى كثير من الدول الأعضاء بأن التحرك في مسارات أخرى خارجها قد يأتي بنتائج أفضل.
الجزيرة