لندن – أكد تقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن أسعار العقارات في الدول المتقدمة بلغت مرة أخرى ذروة مقلقة تهدد بانفجار فقاعة خطيرة.
وقالت كبيرة الاقتصاديين في المنظمة كاثرين مان، إن أسعار العقارات في تلك الدول ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 التي تسببت بها أزمة قطاع الرهن العقاري الأميركي.
وتتحسب المؤسسات الدولية الكبرى لاحتمالات ارتفاع التضخم هذا العام، وكذلك التغييرات المتوقعة في السياسات النقدية واحتمالات رفع الفائدة لكبح جماح التضخم، ما يمكن أن يؤدي إلى كارثة انهيار قطاع العقار.
وحددت كاثرين مان بلدانا مثل كندا والسويد كمثال على ارتفاع أسعار العقارات السكنية والتجارية، بما لا يتناسب مع مؤشرات استقرار السوق العقارية.
وتشهد أسعار الأصول عامة وفي مقدمتها العقار، شبه غليان في السنوات الأخيرة يجعل أغلب المحللين يتحسبون لاحتمالات عملية تصحيح للأسعار بشكل مفاجئ وكبير يقود إلى أزمة.
ومن بين دول أوروبا، ينظر دوما إلى القطاع العقاري البريطاني كنموذج حيث تملك نسبة كبيرة من السكان بيوتها، كما أن الكثير من الشركات الدولية الكبرى تتخذ من لندن مقرا لها، مما يزيد الطلب على العقارات التجارية والإدارية.
وأكدت مان “لقد بدأنا نشاهد تغيرا ملحوظا في أسعار العقارات في بريطانيا وتحديدا لندن”.
جوني موريس: نتوقع استمرار تراجع أسعار العقارات ببريطانيا في ظل حالة عدم اليقين
ومنذ النصف الثاني من العام الماضي، شهدت العقارات البريطانية تباطؤا في الأسعار، خاصة في لندن مع توقعات بهبوط الأسعار في العاصمة خلال عام 2017.
وتقول مان إن هذا الهبوط إن حدث فإنه أمر جيد للاقتصاد البريطاني، ويمثل محاولة للهروب من كارثة عقارية جديدة طالما كان هذا الهبوط تدريجيا في إطار تصحيح الأسعار، وليس هبوطا حادا يضعضع الاقتصاد، وهو رأي يؤيده معظم الخبراء.
لكن المشكلة، التي تظهرها أرقام أغلب شركات السمسرة العقارية في بريطانيا، أن السوق تعاني من شبه جمود مع تراجع عدد العقارات المعروضة وانخفاض الطلب، ما يجبر البائعين على القبول بأسعار أقل.
وبلغت أسعار عقارات لندن ذروتها في بداية عام 2016، لكنها تراجعت في الربع الأخير، بينما لم يكن الانخفاض كبيرا على مستوى بريطانيا ككل.
وترجع مان سبب انخفاض أسعار العقارات في بريطانيا إلى عدم اليقين السائد في هذا البلد بعد التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي. وأكدت أن ذلك يؤثر أيضا على بقية أوروبا خاصة اقتصاداتها الرئيسية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
وتظهر البيانات الصادرة عن سماسرة سوق العقارات في بريطانيا، أن قطاع البيوت وصل إلى نقطة الإشباع في تضخم الأسعار، وتؤكد تلك المعطيات على مدار عام 2016 وتحديدا في لندن.
وتشير إلى أن البائعين يعرضون عقاراتهم لبيع ما لديهم بأسعار أقل مما كانوا يريدون الحصول عليه، بينما توقف المشترون عن الإقبال على السوق في ظل عدم وضوح مستقبل البلاد بعد صدمة التصويت للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
كاثرين مان: الهبوط التدريجي لأسعار العقارات سيساعد في تفادي حدوث كارثة عقارية عالمية
ويقول الباحث الاقتصادي جوني موريس إن”بريطانيا تعاني من قلة المنافسة في سوق العقارات، وأن صعوبة البيع وتردد المشترين، بدآ يدفعان البائعين إلى تغيير قرارهم بالبيع وسحب العقارات من السوق”.
وأكد تقرير صادر عن المعهد الملكي للمسح العقاري أن عدد المشترين كان في أدنى مستوياته في النصف الثاني من عام 2016 كما تراجع عدد العقارات المعروضة للبيع إلى مستويات قياسية متدنية، مما حال دون انخفاض هائل في أسعار العقارات وجعل الانخفاض في إطار المقبول أو ما يمكن وصفه بالانخفاض التدريجي.
ويتوقع موريس أن تستمر الأسعار في الانخفاض مع استمرار حالة عدم اليقين مما يعني أن البيع سينخفض وسيجعل المضطرين للبيع يفكرون جديا في تخفيض الأسعار أكثر فأكثر. ورجح نشوب أزمة عقارات جديدة إذا تدهورت الحالة واستمرت لمدة أطول.
ولئن كانت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد ركزت على الدول المتقدمة والكبرى فإن القطاع العقاري في أغلب دول العالم، مثل الصين، يمر بحالة مشابهة تقريبا ما يزيد من احتمال انفجار الأزمة على نطاق واسع، إذا ما حدثت بشكل مفاجئ.
وحذر تقرير المنظمة من أن التوقعات الاقتصادية تشير الى استمرار حالة التصحيح في العقارات المسعرة بأعلى من قيمتها نتيجة التضخم في السنوات القليلة الماضية. كما حذرت هيئة مراقبة المخاطر المالية في الاتحاد الأوروبي من أن 8 دول في الاتحاد تواجه تدهورا اقتصاديا، رغم تبنيها سياسة تخفيض أسعار الفائدة.
وتتوقع كاثرين مان أن ينعكس استمرار ارتفاع الدولار سلبا على الدول ذات الديون المرتفعة، وأن تواجه تلك الدول مشكلة في تبني سياسة نقدية مستقرة حتى نهاية عام 2018. وقالت إن ذلك سيقود الى هشاشة في أسواق الدول الناشئة.
وقالت أيضا إن هناك شركات عملاقة حصلت على قروض كبيرة بالدولار، وتبيع منتجاتها لتلك الدول الناشئة المضطرة للدفع بالدولار، مما يجعل تلك الدول أمام مشكلة ارتفاع أسعار السلع التي تستوردها من الخارج نظرا لارتفاع الدولار أمام عملاتها.
العرب اللندنية