شخصت عيون العالم منذ القدم على مضيق هرمز، الذي يعد معبرا للتواصل والسلام والحياة بين الشعوب، فهو جسر تسير فوقه التوترات والحروب ، وفيه تتصل وتتفرق المصالح الدولية ، يغذي العالم بالدفء والطاقة ، وتعتمد عليه اسواق البورصة والمال، اذ بإقفاله تنهار اقتصاديات دول، وتهتز بورصات عالمية، ومنذ اكتشاف القوى الدولية خيرات المضيق، ومنطقته اصبحت شأنها دوليا.
مضيق هرمز احد اهم الممرات المائية الذي يربط الشرق والغرب، وله اهمية كبيرة في حركة السفن، يقع في منطقة الخليج العربي فاصلا ما بين مياه الخليج العربي من جهة، ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة اخرى ، وهو المنفذ البحري الوحيد للعراق والكويت وقطر.
يقع المضيق بين دائرتي 25-27 درجة شمالا، وبين 55- 57 درجة شرقا ، وتشرف ايران على ساحله الشمالي والشرقي من خلال منطقة بندر عباس، وتشرف سلطنة عمان من خلال محافظة مسندم على ساحله الجنوبي والغربي، بالإضافة الى الامارات العربية المتحدة التي تشرف على جزء بسيط من الساحل الجنوبي، طوله 104 اميال بحرية ( اذا قيس من منتصف المسافة بين الساحلين ، عرضه 525 ميلا بحريا عند الخط الي يصل الى راس دبا بمنطقة دماجة .
يضم المضيق عددا من الجزر الصغيرة غير المأهولة بالسكان اكبرها قشم ولاراك وهرمز الايرانية، اضافة الى الجزر الإماراتية الثلاثة التي تحتلها ايران حاليا طنب الكبرى وطنب الصغرى وابو موسى، اذ يبلغ عرض المضيق عند اضيق نقطة 34 كم ، وبعمق 40-50 قامة ، مع عمق يبلغ 80 قامة عند جزيرة مسندم العمانية ، ويبلغ عرض ممري الدخول فيه والخروج منه ميلين بحريين، وتعبره 20-30 ناقلة نفط يوميا بمعدل ناقلة كل 6 دقائق في ساعات الذروة محملة بنحو 40% من النفط المنقول بحرا على مستوى العالم .
وتبرز الاهمية الاقتصادية للمضيق باتساع النشاط الاقتصادي الذي تشغله في حركة التجارة والتبادل الدولي ، وحركة الاقتصاد الدولي في الحفاظ على عملية الانتاج والتوزيع، ولضمان الاستقرار المالي والنقدي للأسواق الدولية .
مضيق هرمز يشكل عصب الحياة لمعظم دول العالم، لأهميته التاريخية والحالية والمستقبلية ، كممر تجاري واقتصادي يصل بيتن الاسواق الدولية .
وتكمن اهمية موقعه الجغرافي من الناحية السياسية والاقتصادية ، بانه المتنفس لدول الخليج ، وايران ، المصدرة للنفط، والتي تمتلك اكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، حيث تصدر من خلاله كامل انتاجها من النفط، وتستورد من خلاله 90% من احتياجاتها .
وللمضيق الاهمية ذاتها بالنسبة للدول الصناعية الكبرى ، اذ يمثل اساس استقرارها الاقتصادي والسياسي ، وفي مقدمة تلك الدول الولايات المتحدة الامريكية، والدول الاوروبية واليابان والصين .
وادى اكتشاف النفط الى زيادة اهمية المضيق الاستراتيجية نظرا للاحتياطي النفطي الكبير في المنطقة الذي يصدر معظمه عبر المضيق، ودفعت الازمات السياسية التي حدثت في المنطقة الدول لتقليل اعتمادها على المضيق ، بالاستعانة بمد خطوط انابيب لتصدير النفط، الا انها ظلت محدودة الاثر خصوصا بالنسبة لاستيراد الخدمات والتكنولوجيا والاسلحة ، اذ يبقى المضيق موضوع رهان استراتيجي بين الدول الكبرى .
وكان الاتحاد السوفيتي السابق يسعى الى الوصول الى المضيق لتحقيق اهدافه بالسيطرة على نفط المنطقة ، بينما اطلقت الولايات المتحدة الامريكية اساطيلها في مياه المحيط الهندي والخليج العربي للغاية ذاتها، و عملت على توثيق العلاقات والروابط السياسية والتجارية والعسكرية مع دول المنطقة ضمانا لوصولها الى منابع النفط والاشراف على طرق امداده انطلاقا من مضيق هرمز الذي تعده جزءا من امنها الوطني باعتبار ان تامين حرية الملاحة فيه مسالة بالغة الاهمية ولاسيما انه الطريق الاهم لا مدادات النفط الذي يعد الشريان الحيوي للاقتصاد الامريكي .
وهناك أكثر من 10 ناقلات نفط ضخمة تخرج من الخليج العربي يومياً عبر مضيق هرمز، فيما يدخل عبره عدد مماثل من ناقلات النفط الفارغة، وتحمل الناقلات الخارجة ما لا يقل عن 20% من الطلب اليومي العالمي على النفط، ما يعادل 40 % من تجارة النفط العالمية.
وأي إعاقة للشحن سيكون لها تأثير مباشر على أسعار النفط العالمية. (وهناك عدد قليل لكنه متزايد من الناقلات ينقل الغاز الطبيعي المسال، حيث يزداد الطلب على الغاز ولا سيما في آسيا، حيث تعد دولة قطر أكبر مُصدّر للغاز الطبيعي المسال في العالم).
الوضع القانوني للمضيق : في سنة 1947 وبعد انشاء الامم المتحدة ظهرت منظمات دولية عديدة تعنى بشؤون البحرية مثل منظمة الامم المتحدة للتغذية والزراعة الفاو fao ، وبخصوص الصيد والمنظمة البحرية الدولية omi ذات الاختصاص في تنظيم الملاحة البحرية ، ووفقا للقانون الدولي لاتفاقية قانون البحار 1982 ، التي لم توقع عليها الولايات المتحدة الامريكية ، ولم تصدق من قبل ايران، لحد الان، اي لم يثبت قانون واضح المعالم لتنظيم الملاحة في المضيق، مما يفتح المجال لاجتهادات وتفسيرات مختلفة حول النظام القانوني لحرية المرور في المضيق ، فبين تارة واخرى تظهر تفسيرات مختلفة من شانها رفع درجة التوتر والصدام في منطقة الخليج .
اهمية المضيق لإيران :
يعد مضيف هرمز الشريان الحيوي لا يران، التي تمتلك واجهة بحرية على بحر قزوين ( بحر مغلق لا يمكنه ربط ايران بالبحار الاخرى ) ، وتمتلك واجهة بحرية اخرى على خليج عمان وبحر العرب، طولها 635 ميلا بحريا لكنها بعيدة عن النشاط الاقتصادي ، الا ان ساحل ايران المطل على الخليج العربي ، هو الذي يعد شريانها الحيوي لتصدير البترول ولاستيراد الخدمات والتكنلوجيا والاسلحة وكل ما تحتاجه ،من مواد اخرى ، واهم موانئها: عبدان وخرج .
وتسعى إيران الى ايجاد بدائل عن المضيق كي تسيطر على المنطقة دون الاضرار باقتصادها ، لكنها في ظل الوضع الحالي غير قادرة مطلقا، على تغطية النفقات الاقتصادية المتعلقة بطموحها الاستراتيجي في بحر قزوين، ولاسيما تمويل خط أنابيب بحر قزوين الذي يمر عبر أراضيها إلى الخليج العربي، و غير قادرة على تخصيص مبالغ ضخمة للاستثمار فيه، و هذا راجع للتكاليف الضخمة الموجهة لتمويل مشاريع إنتاج الأسلحة المحلية و شراء الأسلحة من الخارج، بالإضافة الى عملها على بناء قاعدة للقدرات العسكرية غير التقليدية (مفاعلات نووية)، دون أن ننسى آثار العقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران، والتي ادت مع إغلاق مضيق هرمز الى ازدياد الأمر سوءا، فإيران تصدر 90%من نفطها عبر مضيق هرمز، و بما أن الاقتصاد الإيراني يعتمد على البترو دولار، فإن إغلاق الممر المائي سيلحق الضرر بإيران اولاً، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية و حلفاءها مازالوا يفرضون المزيد من العقوبات على قطاع الطاقة و القطاع المالي الإيراني.
من جهة أخرى فإن إغلاق مضيق هرمز سيؤثر على سياسات إيران المعمول بها لتفادي الخطر الأمريكي القائم على صناعتها النفطية إذ تقوم إيران باستيراد 370 ألف برميل يوميا من النفط من أذربيجان و كازاخستان و تركمانستان عبر شبكة أنابيب نيكا-راي، لاستهلاكها المحلي في مقابل تصدير 370 ألف برميل يوميا من حقول نفطها في الخليج ، و عليه فإن إغلاق المضيق سيؤثر سلبا على علاقات إيران و الدول القزوينية، خصوصا أن هذه الدول لا تزال بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي تعيش في ظروف صعبة وأوضاع أمنية غير منضبطة، و بالتالي فهي بحاجة إلى استثمار ثرواتها النفطية مع شركاء فاعلين من خلالهم يمكن لدول بحر قزوين أن تحقق أمنها على جميع الأصعدة و المستويات، و بالتالي فعملية إغلاق المضيق ستؤثر على عملية المقايضة النفطية بين إيران و بحر قزوين، مما يدفع هذه الدول الى البحث عن شركاء جدد و طرق أكثرا منا .
وفي السياق نفسه أشار محللون سياسيون ، إلى أن التهديدات الايرانية لا تعدو كونها استعراضا أمام دول الخليج، ومحاولة لإثبات الحضور العسكري والسياسي في آن واحد، خاصة أن طهران تحاول استفزاز واشنطن بهذه التحركات التي قد تقود إلى عقوبات جديدة ضدها.
وأشاروا الى أن القلق الإيراني من تصريحات الرئيس الأمريكي ترمب يدفعها إلى التفكير والتروي وتقييم الأمور قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة التي تعرف طهران جيدا ردة الفعل الأمريكي حيالها، وهو ما يرجح فرضية أن الهدف الحقيقي من وراء الإعلان عن محاولة السيطرة الايرانية على مضيق هرمز ليس أكثر من دعاية لإثبات سيادتها على المضيق أو قدرتها على فرض السيادة عليه في أي وقت وسواء كانت هذه الخطوة الإيرانية من باب الدعاية السياسية، أو توجيه رسائل تعكس قدرتها على فرض سيادتها على مضيق هرمز والخليج العربي وقتما شاءت.
و تبلغ صادرات النفط الايراني عبر المضيق 90% ، تستورد الصين منه حوالي 22% ، على الرغم من تجارتها النفطية مع ايران التي تعد كبيرة الى حد ما الى انها لم تتردد بالموافقة على العقوبات لا نها تدرك حقيقة ان قدرة ايران على تلبية حاجياتهم من النفط تتضاءل، ولهذا لجات الصين الى تنوع مشترياتها النفطية بدءاً من السعودية ومرورا بروسيا ، وكازاخستان والسودان، وقد عمدت الى انشاء برنامج تخزين استراتيجي للنفط يكفيها شهرا من استهلكها العام ، وثلاثة اشهر من استهلاكها العسكري.
وتستورد اليابان من النفط الايراني حوالي 14% ، والهند ، 13% ، وكوريا الجنوبية 10% ، بالإضافة الى الدول الاسيوية الاخرى التي تعتمد على النفط الايراني بنسب متفاوتة .
مع كل هذا ايران تستخدم التهديد كشبح لتهديد العالم الاقتصادي بغلق المضيق على خلفية برنامجها النووي .
سياسة الولايات المتحدة الامريكية تجاه المضيق :
القادة الأمريكيون يؤكدون منذ عاصفة الصحراء أهمية شحنات النفط التي تمثل لهم لاستقرار الاقتصاد العالمي، وللمصالح الحيوية لأمريكا في منطقة الخليج، واكد القائد العام للقيادة المركزية الأمريكيةcentcom الجنرال ج.ه بينفورد BINFORD H.J أن التدفق اللامحدود لمواد البترول من دول الخليج الصديقة إلى المصافي و مرافق المعالجة حول العالم هو الذي يحرك الآلة الاقتصادية العالمية.
و انسجاما مع هذه الرؤية زادت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها في الخليج و اتخذت خطوات أخرى لحماية القوى الصديقة في المنطقة، و في الوقت نفسه عززت واشنطن من قدرتها على التدخل في بحر قزوين، و إن كان مضيق هرمز و إغلاقه سيؤثر على المصالح الأمريكية في منطقة الخليج العربي وخاصة ان الاخيرة تعتمد علية بشكل كبير .
وهذا الأمر سينعكس بالإيجاب على واشنطن في منطقة بحر قزوين، لان ذلك سيعزز من أنابيب النقل الغربية للثروات النفطية و الغازية لبحر قزوين، و بالتالي ستصبح تركيا أكثر الطرق أمانا و أكثر البلدان استقرارا في المنطقة، و سيدفع دول بحر قزوين على إيقاف تعاملاتها مع إيران لان إغلاق مضيق هرمز سيكون بلا شك نقطة انطلاق حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران في الشرق الأوسط،.
و قد يؤدي إغلاق المضيق الى توريط دول بحر قزوين في هذه المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران خاصة أذربيجان بالإضافة إلى تركيا(ارتباطها بالحلف الأطلسي مع واشنطن)، مع إمكانية تدخل القوى الإقليمية الأخرى التي لها أطماع في المنطقة و نقصد هنا روسيا و الصين و التي ستتدخل من اجل حماية مصالحها أو تعظيمها من خلال استغلال هذا الموقف لصالحها، بالإضافة إلى إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأمريكا في الخليج العربي و منطقة بحر قزوين فإسرائيل تعمل على التغلغل داخل هذه الجمهوريات من خلال الجاليات اليهودية في تلك المنطقة و تعزيز التعاون العسكري و الأمني معها، خاصة في أذربيجان و كازاخستان، و بالتالي فإن الصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران في بحر قزوين يتأثر بما يحدث في منطقة الشرق الأوسط.
أضف إلى ذلك تأثره ببقية القوى الإقليمية و الدولية روسيا و الصين و إسرائيل و حلف شمال الأطلسي و بالتالي فإن هذه القوى تعد الأقوى على الإطلاق في العالم، حيث قدرت النفقات العسكرية للولايات المتحدة الأمريكية و الصين و روسيا مجتمعة سنة 2012 بـ 938.7مليار دولار ما يمثل 53.7 % من النفقات العسكرية في العالم .
و بالتالي فهذه القوى الإقليمية و الدولية تلعب دورا كبيرا في تحديد مستقبل الصراع الدائر حاليا بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران في بحر قزوين .
ان الاستراتيجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، تقوم بالمحاولة للسيطرة على الممرات المائية، خاصة المضيق الاهم” هرمز” ، والتي تمثل محورا استراتيجيا في الوجود الأمريكي في حد ذاته.
ولو رجعنا بالتاريخ قليلاً ، لوجدنا ان الولايات المتحدة تسعى دائما للمحافظة على مصالحها بمنطقة الشرق الاوسط ، بالأخص الاقتصادية الحيوية بالمنطقة ، ففي عام 1867 زار احد الضباط الأمريكيين ( الفريد ماهان ) مسقط ، اذا قال حينها ان منطقة الشرق الاوسط من اهم المناطق في العالم ، والسيطرة عليها تتطلب قوة بحرية عظيمة وما من طريقة لتحقيق ذلك الا عندما نسيطر على الخليج العربي ، وادركت ايران اهمية المضيق والنفط على الاقتصاد الدولي في زمن الشاه رضا بهلوي مما دفعها للسيطرة على الجزر الاماراتية ( طنب الكبرى ، وطنب الصغرى ، وابو موسى ) وعينت ايران نفسها شرطي الخليج ، اذ كانت ايران في زمن الشاه من اشد الحلفاء للولايات المتحدة الامريكية في مواجهة المد الشيوعي .
واليوم وفي ظل التصريحات الجديدة للسياسة الامريكية ، الموجهة ضد ايران بخصوص ايقاف برنامجها النووي الذي له انعكاسات على امن منطقة الخليج العربي ومضيق هرمز بالتحديد .
و ينعكس على توتر القواعد العسكرية الامريكية المنتشرة في معظم الخليج العربي ، وعلى الوجود العسكري الدائم للولايات المتحدة في المحيط الهندي، فالأساطيل الامريكية لا تغادر المنطقة وتعمل الادارة الامريكية على تعزيزها .
من جهتها ايران تعمل على تعزيز قواتها البحرية في قاعدة بندر عباس المشرفة على المضيق ، وتقوم بالعديد من المناورات العسكرية في تلك المنطقة لاثارة التوتر ، على الامن والاستقرار الاقليمي للمنطقة . وهذا كله تهديد ورسائل وورقة ضغط موجهة الى الولايات المتحدة الامريكية ودول الخليج ، بإمكانية ايران اغلاق المضيق لكن الحقيقية عكس ذلك تماما فان ايران هي المستفيد الاول من المضيق، وفي حاله اغلاقه ستدمر اقتصادها والحياة داخلها قبل غيرها من الدول .
مضيق هرمز ومصالح دول الخليج :
تعتمد اقتصاديات دول الخليج بشكل اساسي على عائدات النفط التي توفرها لها امكانية بناء مشاريع لسد الاحتياجات العامة للدولة، وتلبية متطلبات المواطنين الاخرى ، وتبلغ صادرات ايران عبر مضيق هرمز 90% من نفطها ، والسعودية حوالي 88% اي حوالي 6 ملايين برميل يوميا، لكن السعودية تمتلك ساحلا على البحر الاحمر يبلغ طوله 1020 ميلا بحريا؛ مما يقلل من مخاطر الاعتماد على المضيق.
العراق وهرمز:
تشكل صادرات العراق النفطية عبر مضيق هرمز نسبة 98% ، والامر الاهم هنا ان العراق يعتمد على نسبة اكثر من 94% من إيراداته الكلية على النفط المصدر ، وفي حالة غلقة سيؤدي الى فقدان اكثر 80% من ايراداه كونه يصدر عبر ميناء جيهان التركي 500الف برميل يوميا، و مليوني برميل عبر مضيق هرمز، مما يجعل معدلات انتاج النفط واسعاره هي المتغير الحاكم بعملية تنفيذ اهداف الموازنة.
والعراق الذي لا يملك منفذا بحريا الى الخليج سوى عشرة اميال عبر شط العرب ، سيكون من اكبر الخاسرين في حال اغلاق المضيق نتيجة الانخفاض الهائل في ايراداته النفطية التي تسير الحياة الاقتصادية كل مفاصل الحياة اليومية للمواطن وللدولة ، وهنا يجب البحث بصورة جدية عن بدائل سريعة لتقليل من الاثار المحتملة للازمة التي يمكن ان تعصف بالعراق اضافة الى ازماته الاقتصادية الحالية؛ مما يفاقم مشكلة البطالة ونقص السيولة النقدية والكساد وعدم القدرة على سداد رواتب حتى الموظفين.
النفط الذي يعد في العراق الاساس للحياة يجب ان يستثمر بخطط التنمية وبرامج الانماء لتخطي الازمات الممكن حصولها بالمنطقة وتؤثر بشكل مباشر على الحياة الاقتصادية فيه التعامل مع الازمات المحتملة؛ وذلك بوضع خطط واعية ومسؤولة ، لتنويع مصادر الدخل في الاقتصاد العراقي، وانشاء لجان تضم مختصين في مجال الاقتصاد والنفط والتجارة والشؤون الخارجية لا يجاد بدائل واقعية، واستحداث منافذ للتصدير جديدة كخطوط النقل المزمع بناؤها تجاه سوريا ، والتفاوض بشان الخط الذي يمر بالسعودية لتقليل المخاطر التي تهدد الصادرات العراقية .
والامارات تصدر عبر المضيق 99% من انتاجها النفطي ما يوازي 23 مليون برميل ، وهو المدخل الوحيد لـ13 للمرافىء التجارية والعسكرية التي يمر من خلالها اكثر من 55% من واردات الخليج التجارية ، قطر 100% ، والكويت 100% ، والبحرين تصدر مليونا و 88 الف برميل يوميا .
ومن ميزات النفط العربي: سهوله العثور عليه ، وقلة التكاليف ، ووفرة انتاجه ، والموقع الاستراتيجي للإبار.
مما ذكرنا يتبين ان للمضيق اهمية كبرى لدول العالم؛ فهو معبر لبترول بعضها، وله مكانة استراتيجية واقتصادية عالية الدول ، ولكن نسبة الاعتماد تختلف بين الدول لحجم الصادرات والواردات ، فمثلا العراق لا يمتلك واجهة بحرية فهو يشرف على الخليج من خلال شط العرب ، فيما تعتمد قطر ، والكويت ،و البحرين ، عليه بنسبة 100% وتتأثر باي احداث سياسية كانت ام عسكرية صغيرة ام كبيرة التأثير مباشرة .
وازداد الاهمية لكون دول الخليج تحوي على اكبر احتياطي نفطي عالمي فهي تحوي على :
60% من احتياطي العالمي للبترول ، و70% من احتياطي العالم العربي ، و 90% من الاستهلاك الياباني ، فهو حق مستودع للنفط ، اذ يشكل مضيق هرمز القود الرئيسي المحرك لا كبر اقتصاديات في العالم .
وتزداد الاهمية حسب احصاءات ودراسات حديثة ، اذ حسب التوقعات بزيادات الانتاج النفطي :
1990 كان الانتاج 18.7 مليون برميل
2010 كان الانتاج 283 مليون برميل
2020 المتوقع ان يصبح الانتاج 368 مليون برميل .
وهذا يعطي اهمية كبيرة للمضيق وربما ضغوطات سياسية تمارسها الدول على بعضها من اجل المصالح الاقتصادية لبلدانها .
وفي ظل الطلب المتزايد على النفط ، وسعي الدول لمزيد من الاحتياطي النفطي على نحو ارتفاع مضطرد ، ازدادت المنافسة والصراع بين الولايات المتحدة الامريكية وايران ، مما يقوض السلم والامن الدوليين في المنطقة ، ويؤثر على اقتصاديات السوق القائمة حاليا .
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للدراسات والبحوث الاستراتيجية