عقب قرار الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بإعادة فتح إجراءات المراقبة فيما يتعلق بتركيا، أُثيرت أصوات معارضة بين دول الكتلة. بينما يطالب بعض المسؤولين عن موقف أكثر صرامة تجاه أنقرة، طالب آخرون باتباع نهج أكثر بناءً.
يعكس الخطاب البديل والأصوات المختلفة للسياسيين الأوروبيين استراتيجية الاتحاد الأوروبي غير المتناسقة بشأن تركيا. فالعلاقات بين أنقرة والاتحاد الأوروبي ما زالت واقفة على أرض هشّة، خاصة بعد فشل الاتحاد الأوروبي في الوفاء بوعده لتركيا بشأن صفقة المهاجرين، وغياب الدعم بعد فشل محاولة الانقلاب 15 يوليو.
كما أضرّ تقرير منظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول الاستفتاء الدستوري في تركيا بالعلاقات المتوترة بالفعل بشدة، حيث ظهر أن بعض المشاركين في التقرير، بمن فيهم نائب رئيس حزب اليسار الألماني أندريه هونكو وحزب النهضة الدنماركي نيكولاج فيلومسن، ومراقبين من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على الاستفتاء، كانوا متعاطفين مع منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية وعملوا بنشاط لدعم جبهة “لا” خلال حملة الاستفتاء.
أدت هذه القضية إلى أزمة جديدة بين أنقرة والاتحاد الأوروبي، حيث انتقد السياسيون الأتراك اختيار حزب العدالة والتنمية لمراقبين متعاطفين مع حزب العمال الكردستاني للمراقبة وكتابة التقرير.
بعد تبادل الانتقادات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا إعادة فتح إجراءات المراقبة فيما يتعلق بتركيا، والتي كانت المراقبة منذ عام 2004 خلال دورتها الربيعية التي عُقدت في 25 أبريل الماضي. أدانت تركيا القرار وقالت إنه اتُخذ بدوافع سياسية.
مع ذلك، تعكس تعليقات السياسيين الأوروبيين على تركيا خريطة الطريق غير المُتسقة للاتحاد الأوروبي بالنسبة لتركيا، حيث ارتفعت أصوات مختلفة بشأن ما ينبغي أن يكون الخطوة التالية ضد أنقرة.
دعت مُقررة الشأن التركي في البرلمان الأوروبي كاتي بيري الاتحاد الأوروبي إلى تعليق مفاوضات انضمام تركيا فورًا، إذا لم تتعهد أنقرة بالامتناع عن تطبيق التغييرات الواردة في الحزمة الدستورية التي وافق عليها الشعب في استفتاء 16 أبريل.
أضافت: “إن تركيا لا تستطيع الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بهذا الدستور”، باعتبار أنه لا يتفق مع معايير كوبنهاجن.
إلا أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حثت على “الحوار البنّاء” بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، ورفضت دعوات المعارضة بتعليق محادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي أو إنهاء التعاون مع أنقرة.
قالت ميركل أمام البرلمانيين في البرلمان الألماني قبيل قمة قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن التوترات السياسية الأخيرة “ضربت بشدة” العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، والعلاقات بين ألمانيا وتركيا.
كما أكدت أنه “لا يمكن فصل تركيا عن أوروبا، ولا أوروبا عن تركيا. أود أن أقول بحذر، لن يكون هذا في مصلحة ألمانيا ولا مصلحة أوروبا”.
من جانبه، دعا المفوض الأوروبي لسياسة الجوار وتوسيع المفاوضات جوهانس هان، أعضاء الاتحاد الأوروبي إلى وضع “استراتيجية أكثر عقلانية” تُمكنهم من العمل مع تركيا في المجالات الهامة، عقب التوترات الأخيرة.
خلال خطابه في الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي حول التلاعب في تركيا، قال هان إنه من المهم للاتحاد الأوروبي أن يخرج بطريقة جديدة للعمل مع تركيا.
كما سلط هان الضوء على أن العمل بالطريقة المعتادة ليس خيارًا بعد الآن، وأنه ينبغي أيضًا تجنب المناقشات المصطنعة.
من ناحية أخرى، حث رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الاتحاد الأوروبي على دعم الاستقرار في تركيا.
قال أوربان في مؤتمر صحفي عقب خطابه في جلسة البرلمان الأوروبي يوم الأربعاء إنه هنأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد نتيجة الاستفتاء، مؤكدًا على أهمية استقرار تركيا فيما يتعلق بأوروبا.
أضاف: “يجب أن ندعم من يستطيع الحفاظ على الاستقرار في تركيا. إذا لم تنعم تركيا بالاستقرار سنواجه مشكلة قريبًا”، قائلًا إنه على العكس ستتحول جميع المناطق إلى فوضى كاملة، وستواجه أوروبا “ضغوطًا لا تُطاق. لذلك أدعم أردوغان في خلق مناخ سياسي ثابت في تركيا”.
في الوقت نفسه، وّجهت اليونان في وقت سابق من هذا الأسبوع الانتباه إلى الأداء الجيد لاتفاقية المهاجرين، وقالت إن تركيا تعتزم إتمام صفقة تهدف إلى الحد من الهجرة إلى أوروبا، مُستشهدًا بانخفاض معدل الوافدين باستمرار.
وصل ما يقرب من 36 شخصًا إلى الجزر اليونانية منذ بداية أبريل، بعد أن أخذوا الطريق البحري المحفوف بالمخاطر من تركيا عبر بحر إيجة، وفقًا لما ذكرته هيئة تنسيق إدارة الأزمات في البلاد.
التقرير