عززت قبائل سيناء من حضورها في المواجهات الدائرة مع عناصر تنظيم «داعش» في شمال سيناء ووسطها، وكشفت مصادر تشكيل «داعش» خلايا عنقودية للعمل في المنطقة الغربية وفي العمق المصري، بعضها مسؤول عن هجمات الكنائس التي ضربت مصر وهجوم المنيا الشهر الماضي، فيما هيمنت جهود مكافحة الإرهاب على محادثات أجراها قائد قيادة حلف شمال الأطلسي للتطوير في القاهرة.
وبعدما أعلن اتحاد «قبائل سيناء» الذي تم تشكيله في نيسان (أبريل) الماضي، بزعامة الترابين لقتال تنظيم داعش، انضمام قبائل رئيسية في وسط سيناء وجنوبها إلى المواجهات، بدأت القبائل في وسط سيناء في نصب المكامن على الطرق الرئيسية والمدقات الجبلية، لتضييق الخناق على تحركات عناصر داعش الفارة من شمال سيناء. ووزع الاتحاد بياناً لعدد من عناصره المدججين بالسلاح يعتلون الجبال وينصبون المكامن على الطرق، فيما قال إن الهدف من وراء تلك الإجراءات «قطع إمدادات الدواعش».
وفي بيان لاحق حصلت «الحياة» على نسخة منه، قال اتحاد القبائل إنه وجه ضربة استباقية وناجحة، حيث عثرت عناصر القبائل على مخبأ متفجرات وألغام أفراد، مدوناً عليها نقوشاً باللغة العبرية، ومفخخات جاهزة للاستخدام، مشيراً إلى أن عناصر القبائل أحبطت تهريب تلك المفخخات إلى الدواعش في وسط سيناء.
إلى ذلك، قال مصدر مصري مطلع لـ «الحياة»، إن خليتين لـ «داعش» تم تشكيلهما في قنا (جنوب مصر) وفي القاهرة نفذا الهجمات الانتحارية ضد الكنيسة البطرسية في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وكنيستي «المرقسية» و «مار جرجس» في الإسكندرية وطنطا، والهجوم على مكمن النقب على الطريق الصحراوي– الغربي. وأحيل 48 من أعضاء الخليتين على القضاء العسكري. ونشرت وزارة الداخلية قائمة بأسماء 19 مطلوباً قالت إنهم أعضاء في خلية «داعش»، غالبيتهم من قنا في الصعيد.
وأوضح المصدر أن منفذي هجوم المنيا على حافلة تُقل مسيحيين في الظهير الصحراوي الغربي للمحافظة، على صلة بتلك الخلايا العنقودية، وعلى الأرجح هم على اتصال بخلية «قنا» المطلوب أفرادها، لافتاً إلى أن تلك الخلايا النشطة في المنطقة الغربية تسعى لتخفيف العبء عن مسلحي التنظيم في سيناء، بعد أن دلت المعلومات على أن غالبية أفراد تلك الخلايا العنقودية دُرب في سيناء وبعضهم سافر إلى ليبيا وسورية. وشدد على أن معلومات أكيدة دلت على أن منفذي هجوم المنيا تورطوا في هجمات سابقة، وأن الدعم الرئيسي لتلك المجموعة أتى من أنصار «داعش» في ليبيا.
وأشار إلى أن قوات الجيش تُحاصر مناطق شاسعة من الصحراء الغربية، وقد تم تضييق الخناق على خلايا مسلحة فيها.
وكان المتحدث باسم الجيش العقيد تامر الرفاعي أعلن مساء أول من أمس، أن معلومات مؤكدة دلت على تواجد عناصر إرهابية في منطقة الواحات البحرية، فقامت القوات الجوية باستطلاع المنطقة وتم اكتشاف وتدمير سيارتي دفع رباعي على متنهما عناصر إرهابية مرصودة، في شمال شرقي منطقة «الباويطي» في الواحات البحرية. وأوضح أنه «أثناء قيام القوات البرية بتطهير وتمشيط المنطقة والتعامل مع بعض المضبوطات انفجر أحد الأحزمة الناسفة الخاصة بالعناصر الإرهابية، ما أسفر عن استشهاد 3 ضباط وجندي».
وتقع منطقة البويطي في قلب الواحات البحرية وهي تابعة لمحافظة الجيزة جنوب القاهرة، لكنها تغوص لعمق يتخطى 350 كيلومتراً في الصحراء الغربية لجهة الجنوب.
والصحراء الغربية تمثل ثلثي مساحة مصر، وتمتد من وادي النيل شرقاً إلى الحدود مع ليبيا غرباً ومن البحر المتوسط شمالاً إلى الحدود مع السودان جنوباً، وفيها عدد كبير من المنخفضات، وأعلى مناطقها يقع عند مثلث الحدود المصرية- الليبية- السودانية، عند جبل العوينات.
وفي البويطي حدثت مطاردات واشتباكات سابقة بين الجيش ومسلحين يتبعون تنظيم «داعش» الإرهابي قبل أكثر من عامين، وقربها قصف الطيران الحربي رتلاً لسياح مكسيكيين دخل المنطقة وقت مطاردة بين قوات الجيش ورتل تابع لتنظيم «داعش» خطف أحد سكان المنطقة وقتله أمام الأهالي، بزعم تعاونه مع الأمن.
وقال مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية والاستراتيجية العميد خالد عكاشة لـ «الحياة»، إن «ملاحقات تتم في الصحراء الغربية، ومن الوارد أن تكون العملية التي أعلن عنها الجيش أتت في إطار ملاحقة المجموعة المتورطة في تنفيذ هجوم المنيا»، لافتاً إلى أن «قوات الجيش والشرطة نفذت تطويقاً واسعاً لمناطق في الصحراء الغربية منذ لحظة ارتكاب الهجوم، وهناك تمشيط على مدار الساعة». وقال عكاشة: «في اعتقادي أن منفذي هجوم المنيا لم يتمكنوا من مغادرة الأراضي المصرية، وهم موجودون في مكان من أماكن الاختباء التي استخدموها قبل تنفيذ الهجوم».
وأشار إلى أن منطقة الصحراء الغربية يبدو أن فيها مجموعات شبيهة أو على صلة بالمجموعات التي تم توقيف بعض أعضائها، وتورطت في هجمات الكنائس. ولم يستبعد أن يكون منفذو هجوم المنيا ضمن قائمة الـ19 التي أعلنتها وزارة الداخلية.
إلى ذلك، ذكرت مصادر طبية أمس، أن مسلحين استهدفوا عنصراً أمنياً جنوب مدينة الشيخ زويد (شمال سيناء)، فأصيب بطلقتين، كمت أصيب شاب (32 سنة) من قرية تقع على الطريق الدولي الساحلي غرب مدينة العريش أصيب برصاصتين مجهولتي المصدر.
في غضون ذلك، أجرى وزير الخارجية سامح شكري محادثات مع القائد الأعلى لعمليات التحول في حلف الناتو دنيس ميرسيه، الذي يقوم بزيارة مصر حالياً، وتناولا سبل تعزيز العلاقات بين مصر والحلف الأطلسي، خصوصاً في أعقاب ترفيع العلاقات بينهما بإقامة تمثيل ديبلوماسي مصري لدى الحلف منتصف كانون الثاني (يناير) الماضي.
وأوضح الناطق باسم الخارجية أحمد أبو زيد أن اللقاء تناول محاور التعاون بين مصر والحلف، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، فضلاً عن التشاور حول القضايا والأزمات الإقليمية. كما أعرب وزير الخارجية عن تطلع مصر لتدعيم صيغة الحوار السياسي بين مصر والحلف على المستويات كافة، مشيراً إلى نماذج ناجحة من التعاون بينهما مثل برنامج إزالة الألغام من الصحراء الغربية، والتعاون في ضبط الحدود.
كما بحث رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمود حجازي مع الفريق ميرسيه أوجه تعزيز التعاون العسكري بين القوات المسلحة وحلف شمال الأطلسي، في ظل تطورات الأوضاع الراهنة والتحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
أحمد مصطفى وأحمد رحيم
الحياة اللندنية