قانون الانتخابات مدار معركة بين الفرقاء العراقيين

قانون الانتخابات مدار معركة بين الفرقاء العراقيين


بغداد – تطور السجال البرلماني بشأن صيغة توزيع المقاعد على المرشحين الفائزين في قانون انتخابات المجالس المحلية في العراق، إلى مواجهة بين كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بقيادة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وتحالف نيابي واسع يجمع أطرافا شيعية وسنية تدافع عن مادة تحدّ من فرص وصول الأحزاب الصغيرة والناشئة إلى المجالس التشريعية في المحافظات.

وفي جلسة متوتّرة عقدها الإثنين تمكّن مجلس النواب العراقي من إقرار بند في قانون الانتخابات ينصّ على توزيع مقاعد مجالس المحافظات وفق نسبة 1.7 المرغوب فيها من قبل الكتل والأحزاب الكبيرة الممسكة بزمام السلطة، فيما جرى خلال الجلسة ذاتها تأجيل موعد الانتخابات المحلية التي كانت مقرّرة لشهر سبتمبر القادم إلى ربيع سنة 2018 لتدمج مع الانتخابات النيابية.

ويأتي السجال الذي دار حول القانون الانتخابي كأحد مظاهر الصراع على السلطة الذي كان متوقّعا أصلا أن يحتدم بين شركاء العملية السياسية في العراق الذي يبدو مقبلا، بعد الحرب المرهقة التي خاضها ضدّ تنظيم داعش، على مرحلة جديدة تتطلّب تغييرات جذرية مطلوبة بقوة من رجل الشارع ومن ضمنها تغيير الوجوه القديمة التي حكمت البلد منذ سنة 2003 وقادته إلى الوضع المعقّد الذي هو فيه الآن.

وكما كان منتظرا، بدأت الأحزاب والكتل الحاكمة في استخدام ما تمتلكه من أدوات من بينها الأدوات الدستورية والتشريعية لتحصين نفسها من التغييرات المحتملة، وتأمين دور قيادي لها في عراق ما بعد داعش.

وكان البرلمان العراقي قد أقرّ، الأسبوع الماضي، مادة توزع مقاعد مجالس المحافظات على المرشحين الفائزين، وفق نسبة 1.9 من عدد الأصوات، ما يحرم الأحزاب التي لا تحقق العتبة الانتخابية المفترضة من الدخول إلى المجالس المحلية.

لكن اعتراضات عدد من النواب، وتظاهرات في بغداد الجمعة الماضية، أجبرت البرلمان على إعادة النظر في هذه المادة، ليصوت على نسبة مخفضة هي 1.7 بالمئة وسط اعتراض من كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري التي لم تملك في النهاية سوى الانسحاب من جلسة التصويت، ما مثّل إشارة واضحة إلى أنّ الصدريين الذين يتمتّعون بقدر من الشعبية، سينقلون المعركة إلى الشارع.

العراق مقبل بعد الحرب المرهقة التي خاضها ضد تنظيم داعش على مرحلة جديدة تتطلب تغييرات جذرية
وعكست تصريحات لعضو المجلس عن كتلة الأحرار زينب الطائي مقدار التوتّر الذي طبع جلسة الإثنين باتهامها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري بخرق المادة 134 من النظام الداخلي من خلال إلغاء جميع المقترحات المتعلقة بالمادة 12 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، مشيرة إلى أن النائب الذي يتحدث بما لا يرغب فيه الجبوري لا يمنحه الأخير الفرصة بل “يتعمد إحراجه بتوجيه كلام غير لائق بحقه”.

والجبوري الذي ينتمي للحزب الإسلامي (سني)، من المتهمين بالتعاون مع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في منع حدوث أي تغيير والحفاظ على الوضع السياسي الحالي حماية لحصّته في السلطة.

وكان مكتب رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اقترح على مجلس الوزراء اعتماد نسبة 1.5 بالمئة، لكن الوزراء الذين يمثلون الكتل السياسية الرئيسية رفعوا النسبة إلى 1.7 بالمئة قبل أن يحيلوا المشروع إلى البرلمان، الذي زاد النسبة إلى 1.9 بالمئة قبل أن يتراجع عن ذلك في جلسة عاصفة، الإثنين، ويعود إلى اعتماد خيار مجلس الوزراء.

ومع هذا، لم تكن هذه النسبة مرضية لعدد من كتل البرلمان، وفي مقدمتها كتلة الأحرار، التي تقول إن نسبة 1.9 بالمئة تخدمها، على غرار الأحزاب الكبيرة، لكنها تمنع الأحزاب الصغيرة من الوصول إلى المجالس المحلية.

ويضم البرلمان العراقي 51 كتلة سياسية، لكن الكبيرة والفاعلة منها لا يتجاوز عدد أعضائها أصابع اليد الواحدة.

وانسحبت الكتلة الصدرية من جلسة التصويت، فيما نقل مقربون عن مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري، قوله تعليقا على التصويت، إن “أي كتلة تراعي أسس الإصلاح قد تضررت من الـ1.7 بالمئة هي مدعوة إلى التحالف مع كتلة الإصلاح التي تضم التكنوقراط المستقل، ونحن ملزمون بمراعاتهم قدر المستطاع”.

ويلمح الصدر إلى نواياه بشأن الطريقة التي سيخوض بها أتباعه الاستحقاق الانتخابي، معتمدين على مرشحين من التكنوقراط، بالتحالف مع التيار المدني في البلاد.

ويقول النائب هيثم الجبوري إن أحزاب السلطة في مجلس النواب اتفقت على “قتل الديمقراطية” بعد تصويتها على المادة 12 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، المتعلقة بالقاسم الانتخابي.

وصوت البرلمان أيضا في جلسة الإثنين على دمج الانتخابات المحلية بالانتخابات العامة وفق الموعد الدستوري المقرر لها.

وكان مقررا إجراء الانتخابات المحلية في سبتمبر المقبل، لكن الجدل بشأن قانونها أدى إلى تعطيلها.

ووفقا لقرار البرلمان، فإن الانتخابات المحلية ستجرى مع الانتخابات العامة في يوم واحد في أبريل 2018. لكن الكتل السياسية لم تحدد في أي يوم ستجرى الانتخابات.

ويقول الخبير القانوني العراقي جمال الأسدي إن “توحيد الانتخابات ينفع ولا يضر”، شارحا أن “مزايا توحيد الانتخابات، تتمثل في اختزال وتقليل الكلفة المالية التي تصرف على كلا الاستحقاقين والتي تقدر بأكثر من 400 مليون دولار، فضلا عن تقليل الصراعات الإعلامية والسياسية نتيجة الحملة الانتخابية”.

لكنه يقول إن دمج العمليتين الانتخابيتين في يوم واحد “يلغي خصوصية الناخب في المحافظة لانتخاب مجالس المحافظات، ويؤدي إلى اختلاط الدعايات الانتخابية بين مرشحي مجالس المحافظات وبين مرشحي مجلس النواب في المحافظة”.

وتنص المادة 56 أولا من الدستور العراقي على أن “تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة”، فيما نصت المادة 56 ثانيا على أن “يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسة وأربعين يوما من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة”.

وتنص المادة 6 أولا من قانون انتخاب مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 المعدل على أن “تجري انتخابات مجالس المحافظات في مرحلة أولى على أن تجري انتخابات مجالس الأقضية والنواحي في مرحلة ثانية”.

العرب اللندنية