الرياض – يتوقع خبراء ماليون واقتصاديون أن تصبح السعودية في السنوات القادمة صاحبة أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم في ضوء ضخها 1.4 تريليون دولار في شركات مختلفة وخاصة التي تُعنى بشؤون التكنولوجيا.
ويقول الخبراء إن “دبلوماسية الريال” التي تعتمدها السعودية قد تكون معادلا مستقبليا سياسيا واقتصاديا لـ”دبلوماسية الدولار” تساعد في لعب أدوار سياسية أكبر في تحولات الشرق الأوسط، وتجعل القوى الكبرى تضع في اعتبارها أن طلب الاستثمارات السعودية مترامية الأطراف يحتاج إلى أبعد من توفير التسهيلات المالية والإدارية، وأنه يحتاج إلى مقايضة المواقف بالاستثمارات.
وأشاروا إلى أن خطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان “رؤية 2030″ الإصلاحية تهدف إلى تحويل السعودية إلى قوة اقتصادية نافذة دوليا ما يجعل تأثيرها السياسي أكثر فاعلية إقليميا ودوليا.
وقال جيرالد فيرستين، مدير شؤون الخليج والعلاقات الحكومية في معهد الشرق الأوسط، “اعتدنا أن نسمّي ذلك دبلوماسية الدولار، لكن قد يمكننا الآن أن نسميها دبلوماسية الريال”.
وأضاف فيرستين في تصريح لصحيفة التايمز البريطانية “يحاول السعوديون بناء صورة أكثر إيجابية لهم في جميع أنحاء العالم. ولكن يجب عليهم أن يعلموا أن حجم هذه الاستثمارات سيرتبط بالحركة السياسية بشكل كبير”.
وتساءلت صحيفة التايمز “عندما يكون لديك 1.4 تريليون دولار على ماذا ستصرفها؟”.
وذكرت أن المملكة العربية السعودية أرسلت رسالة واضحة عن رغبتها في الابتعاد عن الاقتصاد المعتمد على النفط، مع طرحها أسهم شركة النفط السعودية العملاقة “أرامكو” للاكتتاب العام.
جيرالد فيرشتاين: على السعوديين أن يعلموا أن حجم استثماراتهم سيرتبط بالحركة السياسية
وتعتزم الحكومة السعودية طرح أسهم عملاقة النفط “أرامكو” السعودية للاكتتاب العام، وتحويلها من شركة لإنتاج النفط إلى شركة صناعية متعددة الأنشطة تعمل في أنحاء العالم.
وتستهدف المملكة المركز الأول عالميا من حيث الاستثمار التكنولوجي.
ووفقا للخطة الاقتصادية “رؤية 2030″ لبناء اقتصاد سعودي لا يعتمد في أساسه على النفط، يرغب الأمير محمد بن سلمان في استخدام جزء كبير من عائدات شركة “أرامكو” التي تم إدراجها في سوق الأسهم لتحويل صندوق الاستثمارات العامة، أكبر كيان استثماري في المملكة، إلى قوة عالمية.
وإذا سار كل شيء وفقا للخطة، فسيصبح صندوق الاستثمارات السعودي أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، وستتضاعف أصوله أكثر من 10 مرات بحلول عام 2030، لتتحول من 600 مليار ريال سعودي إلى 7 تريليونات ريال سعودي.
ويتم تخصيص نصف هذه الأموال للاستثمارات خارج المملكة، ومن المرجح أن يتم توجيه العديد منها إلى شركات تكنولوجية عالمية بهدف كسب عوائد مرتفعة وبناء القدرات التكنولوجية في الداخل.
ويتوقع ولي العهد السعودي أن يصبح صندوق الاستثمارات هو القاطرة الرئيسية للعالم بأسره. ولن يكون هناك أي استثمار أو نشاط أو حركة تنموية في أي منطقة من مناطق العالم قبل الحصول على تصويت صندوق الاستثمارات السعودي.
وفي العام 2015 أبدى صندوق الاستثمارات السعودي اهتمامه بقطاع التكنولوجيا باستثماره 3.5 مليار دولار في شركة “أوبر” لتأجير السيارات. وقبل عام، تعهدت الرياض باستثمار ما يصل إلى 45 مليار دولار في صندوق “سوفت بنك فيجن” الياباني، والذي سيكون بمثابة الأداة الرئيسية لتحريك الاستثمارات التكنولوجية.
وقام صندوق الاستثمارات السعودي في نوفمبر من العام الماضي بشراء 50 بالمئة من مجموعة “أديبتيو” القابضة المحدودة من المستثمر الإماراتي محمد العبّار، رجل الأعمال المقيم في دبي. كما استثمر الصندوق 500 مليون دولار في شركة نون للتجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط والتي يساهم فيها العبار كمستثمر.
وفي عام 2015، اشترى صندوق الاستثمارات السعودي 38 بالمئة من أسهم شركة “بوسكو” الكورية الجنوبية لصناعة الحديد بقيمة 1.1 مليار دولار. وتعهد الصندوق كذلك بتقديم 10 مليارات دولار لصندوق الاستثمارات المباشرة الروسي الذي يستثمر في البُنى التحتية والزراعة والرعاية الصحية والممتلكات، فضلا عن التعهد بمبلغ ملياري دولار لصندوق استثماري في الشركات الفرنسية.
وقال إيفان بتريلا، الخبير الاقتصادي في كلية وارويك للأعمال، “لتطوير قطاع للتكنولوجيا نحتاج إلى مجتمع ذي تعليم عال ومنفتح. لذلك سيتطلب الأمر في السعودية جيلا بأكمله حتى تتمكن من تطوير رأس المال الاجتماعي المطلوب لقطاع التكنولوجيا الخاص بها”.
وفي بريطانيا، يأمل توني رافين، رئيس مؤسسة “كامبردج إنتيربرايز″، وهي وحدة نقل التكنولوجيا في جامعة كامبريدج، أن يتم استقطاب المزيد من الأموال السعودية بعد استثمار “سوفت بانك” بقيمة 502 مليون دولار في شهر مايو في شركة “إمبروبابل”، شركة التقنيات البريطانية لألعاب الفيديو والتي تم تأسيسها على يد اثنين من خريجي جامعة كامبريدج.
وأشار رافين إلى أن “هناك شركات تقنية في المملكة المتحدة قادرة على استيعاب استثمارات بحجم الـ100 مليون دولار التي يقدمها السعوديون. إذا استطعنا إنشاء المزيد من الشركات التي يمكنها أن تتنافس مع شركات التكنولوجيا الأميركية الكبيرة، فإنه يتوجب علينا إمدادها بالكثير من الموارد”.
العرب اللندنية