عقدت اللجنة الوطنية العليا للحد من الفقر ومعالجة العشوائيات في العراق مطلع الأسبوع الجاري، اجتماعها الأخير لوضع اللمسات الأخيرة على قانون معالجة العشوائيات قبل رفعه إلى الإقرار، فيما تبنت الحكومة إستراتيجية جديدة لإسكان 3 ملايين عراقي يقطنون حالياً هذه العشوائيات التي يقع بعضها في مناطق حساسة وأخرى تعود لمستثمرين. وأعلنت وزارة التخطيط ارتفاع عدد العشوائيات في العراق بين عامي 2003 و2012 إلى أكثر من 1552 عشوائية يقطنها نحو 3 ملايين عراقي، وتزايدت بعد عام 2012 إلى 2434 عشوائية.
وأكدت الحكومة أن الزيادة الأخيرة غير معترف بها ولا يشملها القانون الجديد المزمع تشريعه مطلع العام المقبل، لأنها غير مسجلة في سجلات وزارة التخطيط.
واستعرض الأمين العام لمجلس الوزراء مهدي العلاق، مشروع القضاء على العشوائيات في المحافظات كافة، مؤكداً إنجاز عملية حصرها من خلال الخرائط الجوية، كما أكد أن اللجنة المكلفة بإستراتيجية التخفيف من الفقر تعمل على إسكان نحو 3 ملايين مواطن يقطنون العشوائيات في مجمعات سكنية. وأظهرت دراسة لوزارة التخطيط ارتفاع نسبة الفقر في المحافظات التي سيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي إلى 41 في المئة، بينما بلغت في بغداد 13 في المئة وفي محافظات الوسط 19 في المئة والجنوب 31.5 في المئة، وفي إقليم كردستان 12.5 في المئة.
وكشف رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية احمد سليم الكناني في تصريح إلى «الحياة»، أن اللجنة «تلقت شكاوى تتعلق ببناء البعض، مساكن على مساحات كانت مُنحت إلى مستثمرين لتأسيس مشاريع، وهم يرفضون الإخلاء إلا في حال دفع تعويضات، وهذا يشكل ابتزازاً واضحاً ومخالفة قانونية». ولفت إلى أنه خاطب رئاسة الوزراء لرفع التجاوزات من الأراضي التي تملكها وزارات ويصعب استخدامها لتأسيس مشاريع خوفاً من المتجاوزين الذين يدعون انتماءهم إلى جهات نافذة، لكن عند تنفيذ الحملة الأخيرة لإجبارهم على الإخلاء، تبين أنهم ينتفعون بهذه الوسائل».
وكان رئيس «مجلس الأعمال الوطني العراقي» داود عبد زاير، أكد لـ «الحياة» أن «أهم عقبة تواجه القطاع الاستثماري في العراق هي انعدام ما يعرف بالفرصة الجاهزة، فمعظم المشاريع التي تتضمنها الخارطة الاستثمارية يعرض بمشاكله، وهنا تبدأ معاناة المستثمر الذي يتراجع عن البدء بمشروعه بعد عجزه عن إيجاد حل مناسب لهذه المشاكل التي تتعقد تدريجاً وتصل إلى حد التهديد».
وأوضح الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي أن «سكان العشوائيات يشكلون 7 في المئة من سكان العراق، وهذه العشوائيات موجودة في مختلف أنحاء العراق، ولكنها انتشرت أكثر في كل من بغداد والبصرة ونينوى»، مؤكداً أن «سبب انتشارها في هذه المناطق هو ازدياد الكثافة السكانية فيها».
وأكدت نائب رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية عضو اللجنة الوطنية العليا لعلاج مشكلة العشوائيات نورة البجاري، أن «مشكلة العشوائيات تؤثر في قطاعات كثيرة، منها الاستثمار». وحصلت «الحياة» على نسخة من مسودة قانون معالجة العشوائيات المزمع إقراره مطلع العام المقبل، والذي تضمن حلولاً صارمة مع المتجاوزين المخالفين. وتضمن القانون فقرات تسمح للمتجاوز باستئجار الأرض المتجاوز عليها قبل عام 2012 حصراً من دون مطالبته بدفع رسوم بدل عن الفترة الماضية، ويكون بدل الإيجار الجديد موازياً للدور السكنية القريبة ولمدة 25 سنة، بعدها يصبح من حقه تملك الأرض واحتساب ما دفعه من بدلات خلال الفترة المذكورة. وأمهل القانون المتجاوزين على أراضي غير مخصصة للسكن 30 يوماً للإخلاء، وإلا فعليهم دفع رسوم الإيجار والإخلاء وسيحالون إلى القانون».
وقال مدير إحصاءات السكان والقوى العاملة في الجهاز المركزي للإحصاء سمير خضير، إن «نتائج المسح الشامل للعشوائيات في العراق، باستثناء محافظات إقليم كردستان، والذي أجري عام 2013، أظهر أن عدد المساكن العشوائية بلغ 346881 مسكناً، أي 7.3 في المئة من إجمالي عدد المساكن في العراق والتي تقدر بنحو 4.752 مليون».
وأكد مجلس محافظة بغداد حاجة العاصمة إلى مليوني وحدة سكنية، ما دفع البعض إلى التجاوز على الأراضي وأملاك الدولة، مشيراً إلى إن الحكومة المحلية تضطر إلى تقديم الخدمات إلى العشوائيات التي تتجاوز نسبة السكن فيها 80 في المئة».
وعانى العراق على مدى عقود من سلسلة حروب وعقوبات اقتصادية دولية دامت 13 سنة، ليخوض بعدها مواجهة مريرة مع الإرهاب وعمليات تخريب وتهجير ونزوح وهدم للبنية التحتية. وانعكس ذلك سلباً على ظاهرة السكن في العراق الذي يتميز بمعدلات نمو سكاني عالية، قد تكون من الأعلى في العالم، عند 2.8 في المئة».
نصير الحسون
صحيفة الحياة اللندنية