كوبا وإيران: الجرأة المتأخرة لأوباما

كوبا وإيران: الجرأة المتأخرة لأوباما

من خلال تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع الملف الكوبي والملف الإيراني، حاول الرئيس أوباما فتح صفحة جديدة بعد العلاقات العدائية القديمة التي أصبحت بمرور الوقت ركائز السياسة الخارجية الأمريكية.

فما الذي يستطيع فعله الرئيس الأمريكي الذي لم يبق على انتهاء ولايته إلا عامان، وهو الرئيس الذي أثارت قراراته شكوكا جدية بين مواطنيه؟ خاصة وأن أوباما اليوم غير معني بإعادة الانتخاب فالمسالة أصبحت من اهتمام هيلاري كلينتون!

وقد أدلى رئيس الولايات المتحدة برد أولي على هذا السؤال بعد محاولته دخول التاريخ بعمل يبقى شاهدا على فترة حكمه، فها هو مع كوبا وإيران يسعى لفتح صفحة جديدة بعد العلاقات العدائية القديمة التي أصبحت بمرور الوقت ركائز السياسة الخارجية الأمريكية.

وكلا من كوبا، التي تقع غير بعيد عن ساحل فلوريدا، وإيران، الواقعة في قلب منطقة الشرق الأوسط المضطربة، يذكران  الأميركيين بالصدمات العميقة التي كان لها تأثيرها في حياتهم.

كوبا، نهاية النبذ

المصافحة بين باراك أوباما وراؤول كاسترو، يوم 10 نيسان ببنما، خلال قمة الأمريكتين، مثلت نهاية النبذ الذي دام فترة طويلة جدا. وبالتأكيد، ستبقى كوبا دائما مرادفا للحرب الباردة بعد “أزمة الصواريخ” سنة 1962 التي كانت وراء الاقتراب الخطير بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من المواجهة النووية؛ ولكن ومنذ نهاية الاتحاد السوفياتي، لم تبق كوبا إلا رمزا باليا وضحية لحصار عقابي من دون أي مبرر.

ومع ذلك، فقد فقدت الرؤية والشجاعة ما أفشل إلى حد الآن التغلب على العداء بين البلدين. وبين عشية وضحاها، مرت كوبا في الولايات المتحدة “من قائمة الإرهاب إلى قائمة السياحة”. وهكذا تم غلق قوس استمر لأكثر من نصف قرن.

إيران نحو الاتفاق النووي

مع إيران، فمن الواضح أن الوضعية أكثر تعقيدا من الملف الكوبي. مرة أخرى، شهدت العلاقة بين إيران والولايات المتحدة ذكرى مريرة، وهي احتجاز الرهائن في سفارة الولايات المتحدة في طهران سنة 1979، تليها العملية الفاشلة التي قادها جيمي كارتر، والتي كلفته انتخابات سنة 1980. ومنذ ذلك الحين، أصبح كل من هذين البلدين “الشيطان الأكبر” للآخر.

ويعتبر الاتفاق الإطاري النووي الذي أبرم في لوزان، والذي سيتم تأكيده قبل نهاية يونيو، خطوة جريئة بالنسبة للإدارة الأميركية، بالرغم من تزايد العداء لإيران في جزء من الكونغرس ولدى حلفائها الإسرائيليين وفي المملكة العربية السعودية.

وإذا ما تأكد هذا التطور في العلاقات، فسيكون أوباما قد غير بصفة جذرية من مسار الدبلوماسية الأمريكية التي استمرت لعشرات السنين. علما وأن ما يحصل حاليا كان واحدا من أهداف أوباما عند دخوله البيت الأبيض في يناير كانون الثاني عام 2009، فقد ورث عن سلفه جورج دبليو بوش، حربين مدمرتين -أفغانستان والعراق- وعداء عالمي لأمريكا التي بدت أضعف من ذي قبل .

سوريا وإسرائيل وأوكرانيا … طعم المرارة

بالرغم من نجاحه الجزئي، تبقى السياسة الخارجية لأوباما في ما يتعلق بسوريا وإسرائيل وأوكرانيا ذات مذاقا مرا نتيجة خيبة الأمل، فقد كان يفتقر إلى القيادة والرؤية أمام التشنجات التاريخية التي تهز العالم العربي والمسلم منذ عام 2011، وتبقى سوريا النقطة السوداء خلال فترة حكمه. أما في ما يخص القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فهي الآن في حالة أسوأ مما كان عليه عند وصوله لسدة الحكم.

وماذا يمكن لباراك أوباما أن يفعله خلال ما تبقى من فترة رئاسته، قبل أن يمرر الرئاسة، إذا أمكن، لمنافسته الديمقراطية سنة 2008 ووزيرة خارجيته السابقة هيلاري كلينتون؟ كما إن الاختبار الأوكراني، والعلاقات المقيتة مع فلاديمير بوتين، مع عدم الثقة من القوة الصينية الصاعدة جميعها ملفات معقدة ومسجلة على المدى الطويل، والتي تجعل من هذا العالم لا يزال خطرا جدا.

التقرير