لندن – حذّرت وكالات التصنيف الائتماني العالمية من عواقب استمرار تدحرج كرة الأزمة المالية التركية، التي رجحت أن تسقط البلاد في ركود تضخمي يصعب الفكاك منه.
وتظهر البيانات أن الديون السيادية المترتبة على أنقرة تصل إلى 370 مليار دولار، لكن ديون الشركات التركية التي تزيد على 230 مليار دولار وفق البيانات الرسمية، هي الأكثر خطورة على مستقبل الاقتصاد.
وتشير تقارير دولية إلى أن ديون الشركات بالعملات الأجنبية، أصبحت قنبلة موقوتة، بسبب تزايد أعبائها بسرعة كبيرة مع انهيار العملة المحلية، التي فقدت نحو نصف قيمتها منذ بداية العام الحالي، ما يعني تضاعف قيمة تلك الديون عند احتسابها بالليرة التركية.
وتؤكد التقارير أن معظم الشركات الكبرى مهددة بإعلان الإفلاس لعدم قدرتها على تحمل أعباء الديون، إضافة إلى خطورة انتقال الأعباء إلى المصارف المحلية، التي لديها هي الأخرى ديون كبيرة على تلك الشركات وخاصة المصارف الحكومية.
وتكشف لهجة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتشديده على مطالبتها بعدم إعلان إفلاسها، حجم الخطر المحدق، وهو ما أثار سخرية المحللين لأن الشركات لا تملك خيار عدم إعلان الإفلاس إذا تراكمت أعباؤها.
انكشاف المصارف الأجنبية
◄إسبانيا 83 مليار دولار
◄ فرنسا 38 مليار دولار
◄ بريطانيا 19 مليار دولار
◄ أميركا 18 مليار دولار
◄ إيطاليا 17 مليار دولار
◄ اليابان 14 مليار دولار
ولا تقف الأزمة عند حدود تركيا، فقد كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية في وقت سابق من الشهر الحالي أن البنك المركزي الأوروبي يساوره القلق من تأثير الأزمة على المصارف الأوروبية، التي أفرطت في إقراض الشركات التركية في السنوات الماضية.
وذكرت وكالة دي.بي.آر.أس للتصنيفات في الأسبوع الماضي أن البنوك الأوروبية الأكثر انكشافا على أزمة الليرة التركية هي بي.بي.في.أي وأوني كريديت وبي.أن.بي باريبا وآي.أن.جي وأتش.أس.بي.سي، وأنها تتركز من خلال وحدات تابعة لتلك المصارف داخل تركيا أو استثمارات مباشرة.
وتشير تقديرات مؤسسات مالية عالمية إلى أن المصارف الإسبانية هي الأكثر انكشافا على الديون التركية بنحو 83 مليار دولار، تليها فرنسا بفارق كبير وبنحو 38 مليار دولار.
وتظهر التقديرات أن المصارف البريطانية مكشوفة على تلك الديون بنحو 19 مليار دولار والولايات المتحدة 18 مليارا ثم إيطاليا بنحو 17 مليارا والمصارف اليابانية بما يصل إلى 14 مليار دولار.
وتقول صحيفة فايننشال تايمز إن الأزمة التركية تبدو واضحة في أفق مدينة اسطنبول من خلال العدد الكبير من ناطحات السحاب التي توقّف البناء فيها بسبب انقطاع التمويل الأجنبي. وتوقعت أن تتسع الأزمة وتؤدي إلى انفجار فقاعة عقارية هائلة.
ويقول محللون إن حمى البناء دون خطط مالية رصينة هي أحد الأسباب الرئيسية لأزمة الاقتصاد التركي الحالية، والتي كانت تمثل نحو 20 بالمئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلاد وتوظف مليوني شخص خلال السنوات الأخيرة.
وتشير الإحصاءات الحكومة إلى أن ما يصل إلى 90 بالمئة من تمويل الشركات العقارية التركية جاء من قروض بالعملات الأجنبية، وهو ما يعني أن تلك الشركات سقطت في حفرة عميقة بعد انهيار العملة التركية.
وكانت الشركات تعاني انخفاض الليرة المستمر بإيقاع بطيء منذ نحو 3 أعوام، لكن معاناتها اتسعت بدرجة غير مسبوقة بعد المواجهة بين واشنطن وأنقرة بسبب استمرار احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون بتهم تتعلق بالإرهاب.
ويقول نيهات غولتكين، المحافظ السابق للبنك المركزي التركي “إن تمويل الدولة لا يختلف في الواقع عن التمويل الشخصي. إذا اقترضت المال للتفاخر فسوف يأتي يوم يطاردك فيه الدائنون، حين تكون الديون بالعملات الأجنبية فإن أعباءها ستكون مضاعفة بعد انهيار الليرة”.
370 مليار دولار حجم الديون السيادية وتبلغ الديون الأجنبية للشركات التركية 230 مليار دولار
وأعلنت وكالتا التصنيف الائتماني موديز وستاندرد أند بورز بداية الأسبوع الماضي عن خفض التصنيف الائتماني السيادي لتركيا، وحذرتا من سقوط وشيك للاقتصاد في قبضة ركود تضخمي يصعب الفكاك منه.
وخفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لتركيا إلى “بي.أي 3” وهو مستوى أدنى من درجة المخاطر العالية. وقالت إن الظروف الحالية في البلاد ستزيد من المخاطر وتؤدي إلى مزيد من ارتفاع التضخم بسبب تراجع الليرة.
وقالت إن “المحرك الرئيس لخفض التصنيف الائتماني اليوم هو استمرار ضعف المؤسسات العامة التركية والتراجع المرتبط بذلك في قدرة دوائر متخذي صنع القرار التركي على التنبؤ بالآفاق الاقتصادية”.
وتزامن ذلك مع خفض وكالة ستاندرد أند بورز لتصنيف تركيا السيادي الائتماني إلى “بي سالب” وهي درجة أعمق في الفئة غير الاستثمارية. وتوقعت أن ينكمش النمو الاقتصادي في العام المقبل.
ويقول محللون إن الخزانة العامة التركية تقترب من العجز عن سداد الديون بسبب عدم قدرتها على الاقتراض. ويؤكدون أن ذلك سيتفاقم بسبب إصرار أردوغان على معارضة القوانين الاقتصادية الراسخة، وخاصة بعد التحول للنظام الرئاسي.
العرب