التقاء مصالح بين أردوغان والأسد شرق الفرات

التقاء مصالح بين أردوغان والأسد شرق الفرات

دمشق – تحول شرق نهر الفرات إلى محط تركيز أطراف الصراع في سوريا، ومنها تركيا التي تعتبر أن سيطرة الأكراد على تلك المنطقة القريبة منها تشكل تهديدا لأمنها القومي، وأنه وجب القضاء على هذا التهديد، مع إدراكها أن ذلك قد يدخلها في مواجهة مع الولايات المتحدة لا تستطيع في حقيقة الأمر الصمود فيها.

واللافت أن تنظيم الدولة الإسلامية نفسه نشط بالتوازي على خط هذه الجبهة، ضد قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي، الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات.

وتواجه قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة صعوبة كبيرة في المعركة التي أعلنتها ضد آخر جيوب داعش شرق الفرات في سبتمبر الماضي بل إن التنظيم كانت له المبادرة في شن عمليات هجومية نوعية أدت إلى أسر رهائن، ما أثار الكثير من الارتباك.

ولطالما تعرضت تركيا لاتهامات بنسج علاقات تعاون مع قيادات التنظيم الجهادي.

ووجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة ما قال إنه “تحذير أخير” لمن يعرّضون حدود تركيا للخطر وقال إن أنقرة عازمة على التركيز على المقاتلين الأكراد شرقي نهر الفرات.

وأضاف أردوغان، الذي كان يتحدث لمجموعة من القياديين الإقليميين في حزب العدالة والتنمية في أنقرة، “لم نشهد مشكلة في إدلب منذ التوقيع على اتفاقية سوتشي، حيث أن المنطقة تشهد استقرارا وهدوءا” مؤكداً “عازمون على توجيه تركيزنا وطاقتنا نحو شرق الفرات بدلا من الالتهاء بمنبج”.

روسيا تحاول الاستثمار في قلق تركيا حيال طموحات الأكراد، وأي تصعيد في شرق سوريا يصب في صالحها والنظام السوري

وكان الرئيس التركي قد عقد في 17 سبتمبر الماضي اتفاقا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، أفضى إلى تجنب عملية عسكرية وشيكة للنظام السوري على محافظة إدلب شمال غربي البلاد.

ويقضي الاتفاق بإنشاء منطقة منزوعة من السلاح الثقيل على مسافة 20 كلم، وخالية من الجماعات الجهادية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة النصرة، وتقول موسكو ودمشق إن الاتفاق مرحلة مؤقتة يمهد لعودة النظام وسيطرته على المنطقة.

وهناك حالة من التعتيم بخصوص ما يجري في إدلب ومدى نجاح الطرفين الروسي والتركي في تنفيذ بنود الاتفاق، ولكن الظاهر أن موسكو تبدي ارتياحا لما يحدث هناك.

وإزاء الاطمئنان لسير اتفاق إدلب توجه تركيا أنظارها إلى ما تعتبره التهديد الأخطر وهو مناطق سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي في شمال سوريا وشمالها الشرقي.

وتشعر تركيا بأنه تم خداعها من قبل الولايات المتحدة عبر إلهائها بمنبج وقضية تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن تلك المنطقة في يونيو الماضي، والذي يشهد تعثرا وسط اتهام أنقرة لواشنطن بالمماطلة، حيث أن وحدات الشعب الكردي لا تزال موجودة في المدينة.

وترى أنقرة أن الولايات المتحدة تعمدت إشغالها بملف منبج، لتعزيز قوة الأكراد في شمال البلاد وشمالها الشرقي عبر إرسال المزيد من الدعم العسكري.

واللافت أن روسيا بدورها تبدي اهتماما بتلك المنطقة وسبق أن انتقد مسؤولون روس خلال الفترة الأخيرة ما يعتبرونه مساعي أميركية لضرب وحدة وسيادة سوريا عبر الأكراد، محذرين من وجود أمور مريبة تحدث في الجزء الذي يسيطر عليه التحالف الدولي بقيادة واشنطن.

ويرى مراقبون أن روسيا تحاول الاستثمار في القلق التركي المتنامي حيال طموحات أكراد سوريا، وبالتأكيد أي تصعيد تركي في شرق سوريا هو في صالحها وحليفها النظام السوري.

وشدد أردوغان على أن “تركيا مهددة من قبل منظمة إرهابية في شرق الفرات، وكما لا نُهدد أحداً فلن نسمح لأحد بتهديدنا قرب حدودنا”.

وكان الرئيس التركي قد ألمح مطلع الشهر الجاري إلى قرب عملية عسكرية لبلاده شمال سوريا، وعلى وجه التحديد في مناطق شرق الفرات.

وأكد آنذاك في كلمة له خلال مشاركته بمراسم تخرج دفعة من العسكريين، في محافظة إسبارطة جنوب غربي البلاد، أن “بلاده عازمة على القضاء قريباً على أوكار الإرهاب شرقي نهر الفرات في سوريا” قائلاً “قريبًا إن شاء الله سنقضي على أوكار الإرهاب شرقي الفرات”.

ويستبعد مراقبون أن تقدم تركيا على مغامرة عسكرية شرق الفرات على غرار عملية “درع الفرات” التي قامت بها في العام 2016 ومكنتها من طرد الوحدات الكردية من مدينة الباب التابعة لمحافظة حلب، والعملية الثانية التي أطلقت عليها “غصن الزيتون” في يناير الماضي وأدت إلى سيطرتها على عفرين.

ويشير مراقبون إلى أن العمليتين العسكريتين اللتين قامت بهما تركيا في ريف حلب، لا يمكن النسج على منوالهما في شرق الفرات لعدة أسباب أهمها أن هناك قوة قوامها أكثر من مئة ألف مقاتل منضوين ضمن قوات سوريا الديمقراطية، والنقطة الأهم هي أن هناك حضورا عسكريا أميركيا مباشرا، يحول دون إقدام أنقرة على أي مغامرة هناك.

بالمقابل يلفت هؤلاء إلى أن تركيا لديها أوراق أخرى قادرة على أن تلعبها ولكن قد يكون عليها قبل ذلك التوصل إلى اتفاق مع دمشق، وهذا ما تدفع له موسكو.

ويصر النظام على استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية بما فيها تلك التي تحت سيطرة الأكراد وقد وجه في الفترة الأخيرة تحذيرات للأكراد بشأن استمرار ارتباطهم بالولايات المتحدة.

ويرى محللون أن المعركة في شرق الفرات لا تخاض فقط من الجانب العسكري فهناك الجانب السياسي والمقصود اللجنة الدستورية حيث تصر واشنطن على إشراك الأكراد في اللجنة الدستورية فيما تضع أنقرة ودمشق فيتو على هذه المشاركة.

ولا يستبعد مراقبون أن تصطف تركيا إلى جانب وجهة نظر النظام وحليفته روسيا حيال اللجنة الدستورية وأهدافها حيث أن أنقرة قد تجد أن من صالحها إعادة صياغة الدستور الحالي، وليس وضع دستور جديد قد يفتح المجال أمام تمكين الأكراد في شمال سوريا وشمالها الشرقي.

الرئيس التركي يهدد بطرد أكراد سوريا من شرق الفرات، بيد أن مراقبين يرون أن الأمور ليست بالسهولة التي يتحدث بها أردوغان

وأبلغ المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، مجلس الأمن الدولي، الجمعة، رفض وزير الخارجية السوري للدور الذي تقوم به الأمم المتحدة حاليا في عملية إطلاق اللجنة الدستورية.

جاء ذلك في الإفادة التي قدمها دي ميستورا، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من بيروت، خلال جلسة لمجلس الأمن، انعقدت بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.

وقال المبعوث الأممي لأعضاء المجلس “وليد المعلم، يفهم دور الأمم المتحدة بشكل مختلف”. وأضاف “اجتمعت مع وزير الخارجية السوري، الأربعاء، وأكد لي أن اللجنة الدستورية أمر سيادي لبلاده، وأن الخلاف الأساسي يتعلق بدور الأمم المتحدة في تلك اللجنة”.

وتابع دي ميستورا “لم يقبل المعلم بدور للأمم المتحدة في تشكيل أو تحديد أسماء أعضاء القائمة الثالثة في اللجنة الدستورية”.

وأردف “المعلم أوضح أن روسيا وضامني أستانة (تركيا وإيران)، يمكن أن يتفقوا على إعداد قائمة ثالثة، ويقدموها للأمم المتحدة”.

ولفت دي ميستورا إلى أن وزير الخارجية السوري “طلب مني سحب القائمة الثالثة المعروضة على الطاولة (من قبل الأمم المتحدة)، وقال إن ضامني أستانة يرفضونها، وقلت له إن ذلك غير حقيقي”.

وسيقوم دي ميستورا، اليوم السبت، بزيارة لإسطنبول لمعرفة حقيقة موقف الأتراك من اللجنة الدستورية وعما إذا كان ما أدلى به وزير الخارجية السوري صحيح لجهة تبني أنقرة وجهة نظر النظام وحليفته روسيا.

وتأتي زيارة دي ميستورا بالتزامن مع استضافة أردوغان قمةً رباعية هي الأولى من نوعها يشارك فيها كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل لبحث سبل تحقيق تسوية سياسية في سوريا والتي تصر برلين وباريس على وجوب أن تنطلق من تشكيل اللجنة الدستورية.

العرب