الحريري يأمل في تشكيل الحكومة اللبنانية نهاية العام

الحريري يأمل في تشكيل الحكومة اللبنانية نهاية العام

رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري أبدى تفاؤلا بقرب انتهاء أزمة التشكيل الحكومي المستمرة منذ سبعة أشهر جراء إصرار حزب الله على وضع عراقيل وآخرها تمسكه بتوزير أحد النواب السنة الموالين له.

لندن – ألمح رئيس الحكومة اللبنانية المكلف إلى إمكانية تشكيل حكومته نهاية العام الحالي. وأتي إعلان الحريري متسقا مع تقارير صدرت في بيروت خلال الساعات الأخيرة تتحدث عن حلحلة محتملة للعقد التي تحول دون ولادة الحكومة، بعد اتصالات أجراها رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون.

وجاء كلام الحريري خلال جلسة له في معهد “تشاتام هاوس” المعروف رسميًا باسم المعهد الملكي للشؤون الدولية. وقال الحريري “أنا صابر وصبري لا يحبه البعض”، واعتبر أن الأولوية في لبنان هي “المحافظة على الالتزام بالدستور وتشكيل الحكومة بأسرع وقت لمباشرة الإصلاح والاستثمار ورفد الاقتصاد الوطني”.

ورأى مراقبون أن تأكيد الحريري تمسكه بالمحافظة على الدستور، يهدف إلى الرد على انتهاكات مارسها حزب الله كما الرئيس عون، من حيث الخروج بأعراف في مسألة تشكيل الحكومة لم يلحظها الدستور اللبناني.

واعتبر الحريري في لندن، بعد يوم على حضوره مؤتمرا اقتصاديا حول الشراكة البريطانية اللبنانية، أن لبنان، بالرغم مما يعانيه، “أصبح واحة للسلام بعد تجربة الحرب الأهلية”.

وأشار إلى أن لبنان محاط بالأزمات، لا سيما الضغوط التي يسببها وجود أعداد كبيرة من اللاجئين، و”أننا نسعى لحث المجتمع الدولي وبريطانيا على لعب دور مساعد في لبنان”. وأعاد الحريري التذكير بمواقف لبنان الرسمية حيال الصراع مع إسرائيل.

وقال إن لبنان يواجه التصعيد الإسرائيلي عبر الالتزام بالقرارات الدولية والشرعية الدولية. وشدد رئيس الحكومة المكلف على أنه “رغم كل الأزمات التي تحيط بنا إلا أن حكومتنا تبنت سياسة الحياد”.

واعتبر المراقبون أن الحريري يسعى إلى تأكيد تمايز الموقف الرسمي اللبناني عن موقف حزب الله، ويسعى أيضا إلى طمأنة الرأي العام الدولي كما المستثمرين الأجانب، لا سيما البريطانيين، على صلابة موقفه وموقف حكومته من مسألة السلم في المنطقة.

رئيس الوزراء سعدالحريري يسعى إلى تأكيد تمايز الموقف الرسمي اللبناني عن موقف حزب الله وطمأنة الرأي العام الدولي

وتحدث الحريري أمام جمهور من رجال السياسة والإعلام والاقتصاد في بريطانيا، عن برامج الحكومة اللبنانية لرفع شأن التعليم والثقافة في لبنان.

وقال إن خطط حكومته في السابق انصبت على إجراء إصلاحات في القطاعات الإنتاجية والخدمية وتوفير القوانين لفتح المجال أمام الاستثمارات، لا سيما تلك التي يمكن أن يقدمها القطاع الخاص. واعترف الحريري بأن نسبة النمو شهدت انخفاضا في الأعوام الماضية، لكنه عزا ذلك إلى التحديات الصعبة التي تمر بها المنطقة.

وقال الحريري إن حكومته استطاعت، رغم العراقيل، إصدار قوانين ومراسيم تم تشريعها من قبل مجلس النواب اللبناني. وأوضح أن هذه القوانين هدفها الدفع بالإصلاح، على الرغم من أن حكومته حاليا تقتصر صلاحياتها على تصريف الأعمال.

ولفت الحريري إلى أن لبنان هو مركز دولي للخدمات بإمكانه أن يساهم في تنمية المنطقة برمتها. وقال إن سوريا معبر بري للبنان نحو الخليج، كما أنها والعراق لطالما كانا سوقا كبيرة للبنان. واعتبر محللون أن الحريري يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي تشير إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه لبنان في ورشة إعمار سوريا.

ورأى الحريري أن الأزمة الداخلية اللبنانية “تتجلى بأن كل الأطراف اللبنانية كانت تتكلم عن بعضها البعض ولم تتكلم مع بعضها البعض ولم تستمع لبعضها البعض”. وأضاف أن سياسته لتجاوز العقد الداخلية كانت دائما “عبر تقديم مصلحة الوطن على مصلح تيار المستقبل”.

وفي معرض حديثه عن مشكلة حزب الله قال الحريري إنها “ليست قضية لبنان بل هي قضية إيران”. واعتبر أن الحرب ضد حزب الله ليست حلا، قائلا إن “الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تضعف” الحزب، وأن الأخير كان يمتلك 10 آلاف صاروخ خلال حرب 2006، فيما يمتلك 100 ألف هذه الأيام، موضحا “هذه ليست أرقامي بل أرقام المختصين بهذا الشأن”.

وأشاد الحريري بعلاقة لبنان مع السعودية مؤكدا أن الرياض ستقوم بدعم الاقتصاد اللبناني بمجرد تشكيل الحكومة.ولفت إلى أن العقوبات الأميركية على إيران ظهرت آثارها على الاقتصاد هناك بشكل كبير، و“نحن نلمس ذلك في لبنان، فالصادرات الإيرانية إلى لبنان انقطعت”.

وأكد أن لبنان لم ينخرط في الأزمة السورية باستثناء حزب الله الذي أرسل قواته للقتال بجانب نظام الأسد، موضحا أن المقاتلين المتشددين الذين ذهبوا إلى سوريا من لبنان هم أقل بكثير مما جاء من باقي الدول.

وحول مستقبل علاقة لبنان مع سوريا، قال الحريري إن الأمر رهن وضوح مستقبل سوريا “فالأزمة لم تنته بعد”. وأضاف أن وضع سوريا اليوم يشبه وضع العراق بعد الانسحاب من الكويت؛ فـ“العراق كان تحت رعاية الأمم المتحدة وسوريا الآن تحت رعاية روسيا”. ولفت إلى أن “سوريا لا تملك قرارها فهي تحت سيطرة روسيا وأميركا وإيران وتركيا وإسرائيل”.

وتساءل الحريري عما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد “مستعدا لمواجهة العدالة وتحقيق المصالحة الوطنية بين السوريين”، وعما إذا كان سيجري “حل سياسي ويتشكل دستور جديد للبلاد”، معلقا “ليس عندي الجواب”.

العرب