بعد ساعات على تأكيد الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سورية، ودعوته دول المنطقة بما فيها تركيا إلى استكمال مهمة محاربة «داعش»، احتدم التنافس بين تركيا وفصائل «الجيش السوري الحر» من جهة، وقوات النظام والميليشيات الإيرانية لملء الفراغ الأميركي.
وعبّر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمس في نجامينا عن «أسف شديد» تعليقاً على الانسحاب الأميركي من سورية. وقال: «إنني آسف بشدة للقرار»، مضيفاً أنه يُنتظر من «الحليف أن يكون محل ثقة». وأشاد أيضاً بوزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس الذي استقال بعد قرار ترامب سحب قواته من سورية.
وفي حين حدد مصدر قيادي في «الجيش الحر» ثمانية شروط «من أجل طي صفحة الماضي» مع «قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، أكد الرئيس المشترك لـ«مجلس سورية الديموقراطية» (مسد) رياض درار وجود عدد من الخيارات لحماية المنطقة. وأوضح أن «أفضلها التشاور مع الجانب الروسي»، مشيراً إلى أن المجلس «منفتح على النظام من اجل حل سياسي».
وفي أول تعليق على قرار ترامب سحب قواته من شرق الفرات، أيّد رئيس «هيئة التفاوض» السورية المعارضة نصر الحريري «فكرة الانسحاب الأميركي التدريجي بالتعاون والتنسيق مع تركيا والفاعلين المحليين لمنع المآلات الخطرة».
إلى ذلك، أكد مصدر في فصائل «الجيش الحر» (مقربة من تركيا) في اتصال مع «الحياة» وصول تعزيزات كبيرة للجيش التركي إلى حدود منبج شرق حلب استعداداً للمعركة المرتقبة شرق الفرات. وذكر أن الحشود تضم أكثر من 60 دبابة ومدرعة إضافة إلى بطاريات مدفعية. وأفادت وكالة «دمير أورين» التركية للأنباء بأن نحو مئة مركبة تابعة للجيش التركي اتجهت نحو بلدة كيلس الحدودية في إقليم هطاي جنوب البلاد، وزادت أن جزءاً من العتاد العسكري والجنود سيُنشر في نقاط على الحدود، فيما عبر بضعهم إلى داخل سورية عبر منطقة البيلي (45 كيلومتراً من مدينة منبج) الخاضعة لسيطرة مجلس منبج العسكري الذي تتهمه تركيا بأنه جزء من وحدات «حماية الشعب» و«حزب العمال الكردستاني».
في المقابل، تلقف النظام السوري وإيران اشارة ترامب، وذكر «المرصد السوري لحقوق الانسان» أن تعزيزات عسكرية ووحدات من جيش النظام والميليشيات الرديفة وصلت إلى ريف دير الزور الشرقي، قبالة الجيب الأخير لتنظيم «داعش» الواقع في مدينة هجين والقرى والبلدات التابعة لها عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات في البوكمال والميادين.
وكشف المكتب الاعلامي لـ«قوات النمر» أن فوج «الطراميح» المؤلف من مئات المقاتلين تلقى توجيهات بالانتقال مع أسلحته وعتاده من ريف حماة الشمالي وريف ادلب الجنوبي إلى دير الزور.
وأكد موقع «فرات بوست» أن ميليشيا «الحشد الشعبي» العراقي و«الحرس الثوري» الإيراني الموجودة في مدينة البوكمال وريفها أرسلت تعزيزات إلى ريف الرقة الغربي وريف دير الزور الغربي.
وأفادت مصادر بأن ضباطاً من قوات النظام وقادة لميليشيا «الحرس الثوري» عبروا من الأراضي العراقية إلى المنطقة المقابلة لبلدة «الباغوز» شرق دير الزور.
وفي اتصال مع «الحياة»، قال درار إن «الحشود لا تثير الخوف رغم أن كل الضباع تنتظر هذه الفريسة بعد الخروج الأميركي».
وأوضح أن «أفضل الاحتمالات هو التشاور مع الجانب الروسي ويمكن أن نضع عبره السيناريو الجدي لانهاء الأزمة وحماية المنطقة والعودة إلى الانفتاح على النظام للتفاوض من أجل حل سلمي».
ولفت إلى أن «الجانب الفرنسي أكد في لقائنا الأخير أنه لا يستطيع إعطاء تطمينات لحماية المنطقة بعد الانسحاب الأميركي».
المسؤول السياسي في «الجيش الوطني» مصطفى سيجري، قال إن «قرار تأجيل العملية العسكرية التركية في شرق الفرات لقليل من الوقت يعد فرصة للقوى الوطنية الكردية في شمال شرق سورية للبدء في حوار وطني بعيداً عن التخندق خلف القوى المتطرفة، ولتجنيب المنطقة ويلات الحرب».
وحض في اتصال مع «الحياة» القوى الكردية على «العودة إلى حضن الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه، والحرص على مشروع الوطن سورية بعيداً عن قوى الظلم والاستبداد».
وشدد على أن «الكرد جربوا التعامل مع كل القوى الخارجية بما فيها أعداء الشعب السوري كالروس والإيرانيين، ووصلوا إلى نتيجة مفادها ألا مكان في سورية لأصحاب المشروع الانفصالي».
وأكد لـ«الحياة» مصدر قيادي بارز في فصائل «الجيش الحر» أن فصائله اتفقت مع أنقرة على نقاط يمكن أن تساهم في «طي صفحة الماضي».
وزاد أن «قرار الانسحاب الأميركي يعد فرصة للقوى الكردية من أجل صوغ علاقة جيدة مع المعارضة السورية واستكمال النضال المشترك ضد نظام الإرهاب في دمشق».
ودعا «سلطة الأمر الواقع» في شمال شرق سورية إلى «فتح الأبواب لدخول قوات من الجيش السوري الحر إلى كامل المنطقة والتمركز في قواعد عسكرية لدعم الاستقرار، وإخراج القيادات والعناصر المصنفة على لوائح الإرهاب التركية والمتورطين بدماء الشعب السوري إلى خارج المنطقة، وفك الإرتباط مع حزب العمال الكردستاني الإرهابي».
ودعا المصدر إلى «الترحيب بدخول القوات التركية لوضع نقاط مراقبة على كامل حدود المنطقة وخط التماس مع ميليشيات الأسد والمجموعات الإيرانية الإرهابية، وحل تنظيم قسد بجناحيه العسكري والسياسي، والعمل لتشكيل جسم عسكري يضم جميع أبناء المنطقة من كرد وعرب وتركمان وغيرهم».
الحياة