الاستنزاف القاتل: آفاق حزب الله في المستنقع السوري

الاستنزاف القاتل: آفاق حزب الله في المستنقع السوري

20156119649968734_19

يحاول هذا النص مقاربة بعض القضايا المتَّصلة بسياسات حزب الله في لبنان وسوريا خلال السنوات العشر الماضية، أي تلك التي أعقبت خروج الجيش السوري من لبنان في إبريل/نيسان 2005 بعد تسعةٍ وعشرين عامًا على دخوله، كما يناقش أسباب انخراط الحزب في الصراع الدائر في سوريا، وتبعات الأمر عليه وعلى الساحة الداخلية اللبنانية.

ويمكن القول: إن حزب الله سعى بين العامين 2005 و2010، سِلمًا وعنفًا، إلى لعب دور الوصاية السياسية على لبنان؛ وإذ فشل جزئيًّا في ذلك لأسبابٍ لها علاقة بخصائص النظام السياسي اللبناني وتوزيعة الحصص الطائفية من جهة، وبتصدِّي أطرافٍ عديدين له من جهة أُخرى، آثر الانتقال إلى خيار عرقلة عمل المؤسَّسات الدستورية وشلِّها؛ بما يحول دون تعريض أولويَّاته الاستراتيجية وخياراته “الخارجية” لأيِّ مساءلة “رسمية”، ويفرضها بالتالي أمرًا واقعًا على اللبنانيِّين.

وابتداءً من عام 2011، اندفع حزب الله تدريجيًّا -بطلب إيراني- إلى المشاركة في حماية النظام السوري بعد اندلاع الثورة عليه، وأصبح بُعَيد منتصف عام 2013 طرفًا عسكريًّا فاعلاً على الساحة السورية، قبل أن تجعله قيادةُ معركة النظام التي قرَّرت إيران تولِّيها مباشرةً في عام 2014 الطرفَ الأكثر فاعلية، والأكثر تسبُّبًا في رفع مستوى الخطاب المذهبي في سوريا كما في لبنان.
وكلُّ هذا ترك، وسيترك، آثارًا شديدة السلبية في البلدين الجارَين، بمعزل حتَّى عمَّا ستُفضي إليه التطوُّرات العسكرية والسياسية المقبلة.

مقدمة

شكَّل خروج القوات السورية من لبنان في إبريل/نيسان من عام 2005 عقب “انتفاضة الاستقلال” التي تلت اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري(1) أزمة كبرى لحزب الله؛ فحتى ذلك التاريخ كان الحزب يستند إلى إدارة النظام السوري للشؤون اللبنانية وتوزيعه المهام والمسؤوليَّات فيها؛ وذلك على نحو يُبقيه منصرفًا إلى بناء قوَّته العسكرية بدعم وتمويل وتدريب إيراني، وعلى نحو يمكِّنه أيضًا من الاحتفاظ بقوَّته هذه من دون مساءلةٍ سياسية لآليات إدارتها وأهدافها وظروف استخدامها؛ خاصة بعد اندحار القوات الإسرائيلية عن الجنوب عام 2000(2).

وقد دفعت أزمة عام 2005 حزبَ الله إلى العمل على إنشاء معسكر لبناني داعم لنظام الأسد (معسكر “8 آذار”)(3)، وقيادته بوصفه ركنًا من أركان “محور الممانعة” الممتدِّ من طهران عبر دمشق إلى بيروت، وحاول الحزب من خلال المعسكر المذكور تأدية دور الوصيِّ على لبنان؛ أي الدور نفسه الذي كانت دمشق تؤديه سابقًا؛ لكن الأمر لم يكن باليُسر الذي اعتقده، فبنية النظام اللبناني الطائفية وقواعد المحاصصة وإلزامية التعدُّد فيها(4)، على ركاكتها وإضعافها للفلسفة المواطنية، حالت دون طغيانه -كطرف أحاديِّ التكوين والهوية مذهبيًّا- على الحياة السياسية وعلى مؤسَّسات الدولة، كما أن الانتخابات النيابية الحرَّة نسبيًّا التي أُجريت في مايو/أيار ويونيو/حزيران عام 2005 منحت خصومه في معسكر 14 آذار(5) أكثرية نيابية جعلتهم يُشاركونه الحُكم من موقع قوَّة.

الصراع على السلطة في بيروت

ولم يتمكَّن حزب الله بعد ذلك من تغيير المعادلة “سلميًّا”، فشهدت البلاد -وعلى مدى ست سنوات- صراعًا مفتوحًا على السلطة، وعلى خيارات التحالفات الخارجية، وعلى الموقف من المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري(6). وتخلَّلت الصراع اغتيالاتٌ استهدفت مثقَّفين وصحافيِّين وسياسيِّين من معسكر 14 آذار(7). وتخلَّلته أيضًا حربٌ ضارية خاضها حزب الله مع إسرائيل في يوليو/تموز وأغسطس/آب 2006، وصمد عسكريًّا خلالها، ثم حاول توظيف صموده لقلب توازنات الحكم لبنانيًّا؛ فانسحب من الحكومة وعطَّل المجلس النيابي(8). وتخلَّلت الصراع كذلك توتُّراتٌ أمنية، وتبدُّلات تحالفاتٍ وصدامات ارْتَدَت الطابع المذهبي، ومعارك في مخيَّم البارد للاجئين الفلسطينيين(9)، واعتصاماتٌ في وسط مدينة بيروت؛ وذلك إلى أن كان يوم السابع من مايو/أيار 2008 حين اجتاح حزب الله العاصمة عسكريًّا، وحاول اجتياح بعض مناطق الجبل، فسقطت الحكومة، وتدخَّلت أطراف عربية ودولية أفضت وساطاتها إلى اتِّفاق سياسيٍّ بين الأطراف المتخاصمين، عُرف باتِّفاق الدوحة(10). وقد انتُخب بعد الاتفاق قائد الجيش ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية، وأُجريت انتخابات نيابية حامية التنافس في يونيو/حزيران 2009 تكرَّر فيها فوز قوى 14 آذار على قوى 8 آذار، فتشكَّلت بعد مفاوضات طويلة وشاقة حكومة جديدة برئاسة خصم حزب الله الرئيسي سعد الحريري، وبمشاركة من الحزب وحلفائه (حركة أمل، والتيار العوني بخاصة).

شهد العامان 2009 و2010 تطبيع علاقاتٍ إقليمية ودولية مع النظام السوري، تلاه انفتاحًا فرنسيًّا ثم أميركيًّا، بتشجيع قطري وتركي؛ مما أنهى عُزلته التي تسبَّب فيها اتِّهامه باغتيال الحريري، وانعكس الأمر لبنانيًّا؛ إذ سادت بيروت أجواء تهدئة سياسية ونقلٍ للخلافات داخل المؤسسات الدستورية.

وقد دفع التطبيع المذكور المملكة السعودية إلى الطلب من رئيس الحكومة سعد الحريري زيارة الأسد في سوريا، وفصل العلاقات الثنائية بين البلدين عن مسار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال والده، وتبع زيارتَه لقاءُ قطب 14 آذار وليدِ جنبلاط الأسدَ في دمشق، وبدا أن حزب الله تقدَّم سياسيًّا على خصومه؛ الذين تفكَّك معسكرهم، وانتقد بعض أطرافه سلوكَ الحريري وجنبلاط.

لكنَّ الهدوء السياسي العام لم يلبث أن تحوَّل توتُّرًا في أواخر عام 2010، لأسباب لها علاقة باستمرار الخلاف حول المساهمة اللبنانية في تمويل المحكمة الدولية، وحول ملفَّات داخلية وتعيينات وصلاحيَّات معينة، وحول سلاح حزب الله؛ الذي صار خصومه يعتبرونه سلاحًا للدفاع عن البرنامج النووي الإيراني الآخذة معالمه في التبلور(11). ثم جاء اندلاع الثورات العربية في تونس ومن بعدها في مصر والبحرين واليمن وليبيا، ليُعقِّد الأمور أكثر؛ كلُّ ذلك على وقع تفاقم الخلافات الإيرانية السعودية، وشروع الولايات المتحدة الأميركية في تنفيذ تعهُّد أوباما بالانسحاب من العراق، وعودة الصدامات السياسية والأمنية إلى التصاعد فيه بالتزامن مع توسُّع النفوذ الإيراني.

وفي يناير/كانون الثاني 2011 انسحب وزراء حزب الله وحلفاؤهم من الحكومة اللبنانية، فسقطت على اعتبار أنها فقدت النصاب، وتبع ذلك انتشار أمني بقمصان سوداء لمقاتلي الحزب في المفاصل الرئيسة للعاصمة؛ بما فُهِم سياسيًّا كرسالة تهديد للأكثرية النيابية، التي انسحب منها جنبلاط فأضعف موقفها. وأتاحت التوازنات المتغيِّرة استبعاد الحريري عن رئاسة الحكومة، وتشكيل رجل الأعمال نجيب ميقاتي لحكومة جديدة خلت لأوَّل مرة منذ عام 2005 من ممثِّلين رسميِّين عن قوى 14 آذار.

بهذا، فرض حزب الله بالقوة (أو بالتلويح بها) تغيير السلطة التنفيذية لمعاقبة الحريري؛ لكنه اضطُرَّ لاحقًا -نتيجة التوازنات الطائفية، وضرورة مراعاة رئيس الحكومة الجديد (غير القادر على استفزاز أكثرية ناخبي طائفته المستمرِّين على ولائهم للحريري)- إلى القبول بما لم يقبل به سابقًا، وهو: استمرار تمويل المحكمة، وتمرير تعيينات كان يعارضها (مقابل الكفِّ عن إثارة مشروعية سلاحه).

حزب الله حامي الأسد في مواجهة الثورة السورية

على أن التطوُّر الأهم والأعمق أثرًا في مسار حزب الله السياسي لبنانيًّا ثم سوريًّا، وَقَعَ في شهر مارس/آذار 2011، مع اندلاع الثورة السورية.

ذلك أنَّ تعرُّض النظام السوري للتهديد، عدَّه الحزب وراعيته إيران تهديدًا مباشرًا لهما أيضًا، لأسباب عديدة؛ من هذه الأسباب أن سوريا تُشَكِّل بالنسبة إلى إيران ممرًّا إلزاميًّا نحو لبنان، وحدوده الجنوبية التي تسمح لطهران بالقول: إنها على تماسٍ مباشر (من خلال حزب الله) مع إسرائيل. ومنها أن سوريا منفذٌ إيراني على البحر المتوسِّط، وهي الدولة الحليفة الوحيدة لطهران منذ عام 1980؛ إذ إن باقي الحلفاء في المنطقة هم أحزاب ومنظَّمَات سياسية عسكرية. ومنها كذلك أن سوريا صارت -منذ عام 2003 وتقدُّم إيران عراقيًّا عبر حلفائها إثر إسقاط الأميركيين لصدَّام حسين- عقد القوس الرابط طهران استراتيجيًّا -وفي مدًى ترابي متواصل- ببيروت(12).

لهذه الأسباب، وخوفًا من تبدُّل موازين القوى في دمشق، دفعت إيران بحليفها اللبناني باكرًا إلى الساحة السورية، ويمكن القول: إن مراحل انخراط حزب الله في الدفاع عن نظام الأسد تطوَّرت واتّخذت أشكالاً مختلفة.

ففي المرحلة الأولى، مرحلة مارس/آذار 2011 ولغاية يناير/كانون الثاني 2012، وضع الحزب ماكينته الإعلامية و”رأسماله الرمزي” (الذي كوَّنه عربيًّا وفي أوساط يسارية غربية لمقاومته إسرائيل) في خدمة نظام الأسد، متحدِّثًا عن مؤامرات خارجية تستهدفه، ومقلِّلاً من شأن التظاهرات السلمية ضدَّه وحجمها، نافيًا الجرائم التي يرتكبها، ومتمنِّعًا عن ذكر الانشقاقات في جيشه، وبَدْء تشكيل وحدات “الجيش الحر”، ثم سيطرة الأخيرة على أحياء في مدينة حمص. وفي الوقت ذاته دفع الحزب بمقاتلين إلى بعض المناطق السورية القريبة من حدود لبنان لمنع تسلُّل منشقِّين وناشطين معارضين، ولحراسة مستودعات أسلحة إيرانية عائدة إليه ومخزَّنة في الأراضي السورية.

وفي المرحلة الثانية، مرحلة فبراير/شباط ولغاية أغسطس/آب 2012، استمرَّ حزب الله في التعامل إعلاميًّا مع ما يجري في سوريا بوصفه مؤامرة خارجية؛ لكن معارك حي بابا عمرو في حمص، ثم اقتحام المعارضة السورية للأحياء الجنوبية للعاصمة دمشق، وسيطرة المعارضين على بعض الأحياء شرقي مدينة حلب، وخروج مناطق عديدة على أطراف البلاد عن سيطرة جيش النظام لم تسمح له بالاستمرار في التقليل من حجم الأحداث وسرعة التطوُّرات، فعدَّل من شكل تغطيته الإعلامية للأخبار السورية بحيث بدأ يُمهِّد للحديث عن حرب تُشَنُّ على محور المقاومة بأسره، وعن “استهدافٍ للأسد بسبب دعمه لحزب الله في حرب يوليو/تموز 2006 وقبلها”(13). وفي الفترة عينها، ظهرت لأولِّ مرَّة في بلدات جنوبية وبقاعية لبنانية مناعٍ لمقاتلين من الحزب ذُكِر أنهم “سقطوا خلال تأديتهم الواجب الجهادي”، وقيل: إن تشييعًا واحدًا على الأقل أُعلن فيه رسميًّا أن القتيل سقط في سوريا؛ مما دلَّ على أن الحزب كان قد انخرط فعليًّا خلال هذه الفترة في المعارك العسكرية دفاعًا عن النظام.

أما في المرحلة الثالثة، مرحلة سبتمبر/أيلول 2012 ولغاية يونيو/حزيران 2013، فقد شهدت الساحة السورية تصعيدًا عسكريًّا كبيرًا تغيَّرت معه معالم الصراع؛ ذلك أن النظام الذي فقد خلال أشهر نصف مساحة البلاد تقريبًا كان قد بدأ استخدام طيرانه وصواريخه البالستية (سكود) وترسانته الكيماوية(14) ضد المدنيِّين والمقاتلين، وكان قد بدأ أيضًا -بمساعدةٍ وتوجيهٍ إيرانيَّيْنِ- تدريب ألوف الشبَّان وتشكيل ميلشيا “الدفاع الوطني” الموالية له، وباتت خطَّته المحافظة على دمشق وربطها عبر حمص ومنطقتها بالساحل السوري، والسيطرة على المناطق الحدودية مع لبنان إضافة إلى إشغال قوات المعارضة بمعارك في مناطق لم يعد للنظام فيها سوى القواعد العسكرية والمطارات، وقصف المدنيِّين فيها بما يجعل إدارتها والحياة فيها بمنتهى الصعوبة.

في هذه المرحلة عدَّل حزب الله مرَّةً ثالثة تعاطيه الإعلامي السياسي مع الواقع السوري؛ إذ بات تركيزه ينصبُّ على ثلاثة أمور:

التحذير من “الهجمة السعودية-القطرية-التركية على سوريا والمقاومة”.
إكثار الحديث عن دور جبهة النصرة (المتزايد حضورها ميدانيًّا) في قتال النظام بوصفه تهديدًا إرهابيًّا لسوريا ولبنان.
التأكيد على عزمه التدخُّل في منطقة وادي العاصي بحمص لحماية لبنانيِّين مقيمين داخل الأراضي السورية من ناحية، واستباق تهديد المناطق اللبنانية المحاذية في البقاع الشمالي من ناحية ثانية.

كما جرى الترويج في الفترة عينها -في لبنان وفي العراق- لأخبار عن تهديدات تتعرَّض لها المقامات الشيعية في محيط دمشق، لاسيَّما مقام السيدة زينب، وجرى تشكيل مجموعات عسكرية للتمركز في هذه المقامات بذريعة حمايتها؛ مما أدَّى إلى ظهور شعارات مذهبية جرت التعبئة القتالية على أساسها(15). وخاض حزب الله أولى معاركه الكبرى في سوريا في أواخر المرحلة الثالثة المذكورة؛ إذ اقتحمت قوَّاته مدينة القصير وسيطرت عليها بمساعدة طيران النظام ومدفعيته، كما سيطرت على البلدات الواقعة بين حدود لبنان ومدينة حمص (ضمن خطة حماية العاصمة دمشق عبر ربطها بالساحل السوري وبالبقاع الشمالي اللبناني).

بعد يوليو/تموز 2013 دخل حزب الله في مرحلة سوريَّة رابعة، فتضاعف حضوره على الجبهات؛ ليصبح ابتداءً من ربيع عام 2014 القوة العسكرية الأبرز في معسكر النظام، والمعوِّض عن ضعف القدرات القتالية لدى الأخير؛ الذي لم يعد يتفوَّق على خصومه بِغير الطاقة النيرانية والقدرة على القصف الجوي اعتمادًا على البراميل المتفجِّرة (بعد تراجع مخزون الصواريخ الروسية الموجَّهة لديه وارتفاع كلفتها)(16). وفي هذا السياق، وضعت إيران طائرات صغيرة بلا (طيَّار) تحت تصرُّف قوات الحزب اللبناني، لاسيَّما في المعارك حول دمشق وعلى مقربة من الحدود اللبنانية.

في هذه المرحلة الرابعة برز عنصر جديد على الساحة السورية؛ هو عنصر “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”؛ الذي استقطب معظم الجهاديِّين الأجانب الذين كانوا في الأراضي السورية(17). وقد أعلن أبو بكر البغدادي زعيم هذا التنظيم، الذي فرض سيطرته بعد معارك عنيفة على أجزاء واسعة من سوريا كانت المعارضة قد حرَّرتها(18)، قيام “الخلافة” وحوَّل اسم التنظيم ابتداءً من يوليو/تموز 2014 إلى “الدولة الإسلامية”. وجاء إعلانه إثر تقدُّم تنظيمه في العراق، وسيطرته على الموصل وتكريت ومناطق في وسط البلاد وشمالها.

وقد مدَّ دخول تنظيم الدولة على خطِّ الصراع السوري حزب الله وإيران بذرائع إضافية لتبرير القتال في سوريا، وللتدخُّل المباشر في العراق، فاستخدما الأمر بوصفه أبرز أسباب انخراطهما، كما عمد حلفاءُ حزب الله المسيحيون في لبنان إلى اعتبار قتاله في سوريا حمايةً لوجودهم من خطر التهجير؛ وذلك على الرغم من أن خريطة المعارك التي يُشارك فيها الحزب أو يقودها تخلو في أغلب مواقعها من وجود تنظيم الدولة(19).

يستمر حزب الله اليوم في توسيع نطاق قتاله في سوريا، ويُعتقد أنه دفع بقوَّات إضافية بلغت ذروة تعبئتها في شهر مايو/أيار المنصرم في منطقة القلمون وفي جرود عرسال (على حدود البلدين). يرافق ذلك استخدامٌ دائم في وسائل إعلامه لمقولة: “قتال التكفيريين الإرهابيِّين” بديلاً عن سائر المقولات؛ بما يُتيح تدعيمًا لموقف الحزب في بعض الأوساط المسيحية اللبنانية، ومُفاضلةً أميركية وغربية بينه وبين خصومه المزعومين تُبَيِّضُ صورته، وتجعله وإيران “مقاتلين للإرهاب”.

يبقى أن نشير هنا إلى أن مطلع عام 2015 شهد إرساء حزب الله وإسرائيل قواعد اشتباك بينهما في سوريا، ولو أنَّها بقيت ضمن حدود العمليات الموضعية الْمُوظَّفة لأغراض المصداقية لدى كل طرف؛ فإسرائيل قصفت غير مرَّة حمولات أسلحة كانت تُنقل عبر الحدود السورية إلى لبنان، وقصفت موكبًا للحزب على مقربة من مواقعها في الجولان المحتل؛ وذلك بهدف تثبيت خطوط حمراء يُحظر التحرُّك خلفها، وإظهار حزم في مواجهة “المخاطر”(20). وحزب الله ردَّ على العملية الأخيرة بقصف آليات إسرائيلية خلف الخطِّ الأزرق شمال مزارع شبعا، بما أوحى بضبطه الردَّ حجمًا وحيِّزًا جغرافيًّا (على مقربة من الجولان). الواضح أن الطرفين لم يشاءا التصعيد أكثر كلٌّ لأسبابه، وأن إيران اكتفت بالردِّ عبر الحليف اللبناني رغم استهداف أحد ضبَّاطها.

آثار قتال حزب الله في سوريا لبنانيًّا

في موازاة القتال في سوريا وربطًا به، شهد لبنان تطوُّرات دراماتيكية تمثَّلت بتدفُّق مئات ألوف اللاجئين السوريين وألوف الفلسطينيين السوريين؛ خاصة من محافظات دمشق وحمص وإدلب ودرعا، وبعض هؤلاء وصل بعد انخراط حزب الله الواسع في القتال في مناطقهم، وشهد لبنان كذلك -في صيف العام 2013، أي بعد أكثر من عامين على بداية الثورة السورية وأكثر من عام على إعلان حزب الله رسميًّا قتاله ضدَّها داخل الأراضي السورية- سلسلة تفجيرات استهدفت مدنيِّين في مناطق ذات أكثرية شيعية، واستمرَّ مسلسل التفجيرات هذا حتى مطلع عام 2014(21). وقد تبع ذلك تعاون وثيق بين الأجهزة الأمنية اللبنانية وأجهزة حزب الله حال دون تفجيرات إضافية.

وفي الوقت عينه، عرف لبنان توتُّرات أمنية متنقِّلة بين صيدا وطرابلس وعرسال، واستقالت حكومته التي سبق أن أعلنت حيادًا تجاه الأوضاع السورية لم تترجمه إلى واقع ملموس في ظل سياسات حزب الله وانحيازاته الميدانية (رغم كونه ركنًا أساسيًّا في المؤسَّستين التنفيذية والتشريعية)، وجرى بعد أشهر طويلة تشكيل حكومة جديدة (برئاسة المستقلِّ تمَّام سلام) عادت إليها بعض قوى 14 آذار؛ وذلك نتيجة تفاهم ضمني بين حزب الله والحريري (ومن خلفهما إيران والسعودية) على تجميد الصراعات السياسية لبنانيًّا بسبب خطورة الأوضاع، وعلى تأجيل الانتخابات النيابية إذا تعذَّر الاتفاق على قانون انتخاب جديد.

وفي مايو/أيار 2014، انتهت ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ولم ينجح البرلمانيون بعدُ في انتخاب بديل له بسبب غياب التوافق من جهة، وبسبب مقاطعة نواب حزب الله وقوى 8 آذار للجلسات النيابية الانتخابية، ومنعهم بالتالي النصاب القانوني من جهة ثانية.

هكذا دخل لبنان أزمة حكم تُضاف إلى أزماته السياسية والاقتصادية والأمنية، ولا يبدو أنه جاهز للخروج من الأزمة المذكورة لأسباب عديدة؛ منها ربط النزاع فيه بمآل الأمور في سوريا وفي المنطقة عمومًا، ومنها عجز النظام السياسي عن إدارة النزاعات، والدفع في اتجاه الحلول لافتقاده المرونة اللازمة.

خلاصة

يمكن القول في ختام هذا التشخيص لواقع الأمور في لبنان ولأشكال انخراط حزب الله في القتال في سوريا: إن المؤشِّرات الميدانية والخطاب السياسي والمُعطيات الإقليمية والدولية تُشير إلى أن الأمور ذاهبة إلى المزيد من التصعيد سوريًّا (وعراقيًّا)، وإلى استمرار المراوحة وتنقُّل الأزمات لبنانيًّا.

ولعلَّ مجريات الأحداث في السنوات الماضية والأوضاع الراهنة تسمح لنا باستنتاج عددٍ من الأمور:

أوَّلها: أن حزب الله فرض خياراته الخارجية على الاجتماع السياسي اللبناني من خلال حربه السورية، وهذا يُحيل إلى أمرين:
فائض قوة الحزب واستعداده لاستخدام العنف ضدَّ خصومه اللبنانيِّين إن عارضوه.
النظام اللبناني الذي وصل في ظلِّ الضعف المسيحي والقسمة السُّنِّيَّة الشيعية الطاغية ومشروطية الفلسفة التوافقية حول أكثرية الثلثين في الاستحقاقات الكبرى إلى حالة من الشلل المعمَّم. فأكثر من عامٍ مضى على شغور الكرسي الرئاسي، وأكثر من عام مضى -أيضًا- على انتهاء ولاية المجلس النيابي الذي جدَّد لنفسه، وأكثر من حكومة سقطت في السنوات الخمس الأخيرة، وتطلَّب تشكيل بديلٍ عنها أشهرًا طويلة، وهذا كلُّه يؤدِّي إلى غياب قيادة فعلية للدولة وغياب قرار، يستفيد منه حزب الله ويعمل على إطالة أمده.
ثانيها: أن الحزب دخل في حرب استنزاف سوريَّة طويلة لا يستطيع رغم قوَّته ودعم إيران له ونجاحه في تعبئة أنصاره اختيار “مواصفاتها” أو شروط نهايتها؛ ذلك أن ارتفاع خسائره المضطرد مع تصاعد مشاركته في القتال والاتِّساع التدريجي منذ عام 2013 للرقعة الجغرافية التي يُغَطِّيها بدأ يتسبَّبُ له بالإنهاك، وكلُّ مكابرة في نفي ذلك تورِّطُه أكثر وتزيد من خسائره في سوريا وذلك تاليًا من توتُّره في لبنان، ولا شكَّ أن ما نُقل عن أمينه العام السيد حسن نصر الله في شهر مايو/أيار الماضي من تخوين واتهامات بحقِّ خصومه داخل الطائفة الشيعية وخارجها، ومن تعهُّدٍ بمواصلة القتال ولو “سقط نصفنا”؛ يُشير إلى مقدار التوتُّر الناجم عن بداية الإنهاك.
ثالثها: أن الاحتقان المذهبي في المنطقة بأسرها ومن ضمنها لبنان مرشَّح للتفاقم، وأن السياسة التوسُّعية الإيرانية، وإصرار طهران عليها عشيَّة استحقاق توقيعها النهائي للاتفاق النووي ستدفع دولاً مثل السعودية وقطر وتركيا إلى مضاعفة الجهود لاحتوائها، أقلُّه في سوريا (بعد التدخل العسكري السعودي المباشر في اليمن)، وهذا سيُترجَم على الأرجح دعمًا متعاظمًا لفصائل معارضة تواجه بقايا النظام وحُماته الإيرانيين واللبنانيين والعراقيين.

بذلك، يصعب توقّع تهدئة عسكرية أو تسوية سياسية في المدى المنظور؛ ممَّا سيبقي الساحة السورية ساحة حرائق تستنزف جميع المقاتلين فيها، وفي طليعتهم حزب الله. والأمر يعني بالتالي -إضافة إلى الخسائر العسكرية والإنهاك والتشنُّج السياسي وحملات التخوين- المزيد من الكوارث الإنسانية، وفي مقدِّمتها كوارث اللاجئين السوريِّين الذين يعيش قسم كبير منهم في لبنان في ظروف بالغة الصعوبة.
________________________________
زياد ماجد – كاتب وأستاذ جامعي لبناني، صدر له عام 2013 في بيروت كتاب “سوريا الثورة اليتيمة”.

مراجع
(1) اغتيل رفيق الحريري في 14 من فبراير/شباطـ 2005 في بيروت؛ وذلك في خضمِّ معركة تبعت رفض بعض القوى السياسية اللبنانية قرار النظام السوري تعديل الدستور للسماح بالتمديد لرئيس الجمهورية المنتهية ولايته أميل لحود، وقد جاء الاغتيال -وفق التقرير السياسي للجنة تقصِّي الحقائق التي أرسلتها الأمم المتَّحدة، ثم وفق المقدِّمة للتقرير النهائي للجنة التحقيق- في سياق التجاذبات الداخلية والإقليمية على القرار الأممي (1559) القاضي بخروج القوات الأجنبية من لبنان، ونزع سلاح الميلشيات واحترام الدستور. وتبعت الاغتيال تظاهرات حاشدة في بيروت معارضة لنظام الأسد، ترافقت مع ضغوط دولية أدَّت إلى فرض انسحاب قواته من لبنان.
(2) تحرير الجنوب مقاومةً كان الحجَّة التي أبقت حزب الله مسلَّحًا بعد اتفاق الطائف وقرار حلِّ الميلشيات، وفي مايو/أيار عام 2000 انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، فاعتمد حزب الله حججًا أُخرى للاحتفاظ بسلاحه؛ منها بقاء مزارع شبعا تحت الاحتلال (عِلمًا أنها في خرائط الأمم المتحدة الرسمية تابعة لسوريا)، ومنها أيضًا حماية لبنان من التهديدات الإسرائيلية.
(3) سُمِّي معسكر حزب الله بمعسكر “8 آذار” ربطًا بتاريخ اليوم الذي تظاهر فيه الحزب وحلفاؤه تحت شعار: “شكرًا سوريا الأسد”.
(4) يقضي النظام التوافقي اللبناني بتوزيع المناصب والصلاحيات في الدولة وفق “كوتا” تعتمد المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الحكومة والمجلس النيابي والوظائف العليا في الدولة، كما يحدِّد النظام طوائف: رئيس الجمهورية (مسيحي ماروني)، ورئيس المجلس النيابي (مسلم شيعي)، ورئيس الحكومة (مسلم سنِّي) وصلاحيَّاتهم. وهذا التوزيع لجميع المناصب يحول عادةً دون تحكُّم طرف ذي لون مذهبي واحد في المؤسسات والقرارات؛ لكنَّه يؤدِّي إلى أزمات دورية، ويؤدِّي كذلك إلى تقديم الانتماءات الطائفية في أحيان كثيرة على المواطنة، وعلى الهوية الوطنية الجامعة.
(5) تسمية 14 آذار هي نسبة إلى يوم 14 من مارس/آذار 2005 الذي احتشد فيه قرابة المليون لبناني؛ وذلك مطالبةً بانسحاب القوات السورية من لبنان ومحاكمة قتلة الحريري، وقد انشقَّ تيار ميشال عون عن 14 آذار لاحقًا، وانضم في فبراير/شباط 2006 إلى معسكر حزب الله.
(6) ارض حزب الله -ومن خلفه نظام الأسد- التحقيق الدولي في ملابسات اغتيال الحريري، كما عارضا تشكيل محكمة دولية خاصة بلبنان، وفجَّر بند التعاون الرسمي اللبناني مع التحقيق، ثم مع المحكمة أكثر من جلسة حكومية ونيابية، وكان السبب الأبرز للكثير من الإشكالات، ولاحقًا للاستقالات.
(7) استهدف أول الاغتيالات في 2 من يونيو/حزيران 2005 المؤرِّخ والصحافي والناشط السياسي اليساري سمير قصير؛ الذي كان من أكثر الصحافيين حدَّة في موقفه المعارض للنظام السوري، وتوالت الاغتيالات بعد ذلك واستمرَّت حتى عام 2008 لتتوقَّف فترة، قبل أن تُستأنف في أواخر عام 2012.
(8) انسحب وزراء 8 آذار من الحكومة؛ فأصبحت عاجزة عن العمل رغم رفض رئيسها فؤاد السنيورة استقالاتهم، كما عطَّل رئيس المجلس النيابي (ورئيس حركة أمل حليفة حزب الله) نبيه برِّي المجلس؛ إذ امتنع من دعوته للاجتماعات، ورفض قبول مشاريع القوانين المقدَّمة إليه من الحكومة.
(9) وصلت في عام 2007 مجموعة مسلَّحة بقيادة شاكر العبسي الْمُطلق سراحه من السجون السورية إلى مخيم البارد الفلسطيني قرب طرابلس في شمال لبنان، واستهدفت المجموعة المذكورة الجيش اللبناني، فدارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين على مدى أسابيع؛ أدَّت إلى خراب المخيَّم وفرار العبسي وبعض معاونيه، واعتُبرت العملية تنفيذًا لتهديدات النظام السوري بتفجير الأوضاع الأمنية في لبنان (من بوابة المخيمات الفلسطينية) إن واصل خصومه سعيهم لإقامة المحكمة الدولية.
(10) وُقِّع اتفاق الدوحة برعاية قطرية فرنسية، ونصَّ على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وإجراء انتخابات نيابية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تملك فيها المعارضة ضمانات شرط ألَّا يُقدِم وزراؤها على الاستقالة في حالات الخلاف.
(11) اعتبر خصومُ حزب الله اللبنانيون أن الحزب في حلفه العضوي مع إيران إنما أصبح ذراعها العسكري على حدود إسرائيل، تُهدِّد به كلَّما هدَّدت إسرائيل برنامجها النووي، وهذا في ذاته مثَّل مصدر قلق وخوف بالنسبة إليهم؛ إذ ليسوا مضطرِّين إلى دفع أثمان صراعات إقليمية ليسوا أصحاب شأن أو مصالح فيها.
(12) لقراءةٍ في العلاقات الإيرانية السورية، يمكن مراجعة كتاب: Goodarzi, Jubin, Syria and Iran, I.B.Taurus, 2009.
(13) ذكر أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله الأمر في أكثر من مناسبة، وركَّز عليه في يوليو/تموز 2012.
(14) ذكرت مصادر معارضة (دعمتها تحقيقات صحافية) أن النظام استخدم موادَّ كيماوية في حمص في ديسمبر/كانون الأول 2012، وجرى لاحقًا في مايو/أيار 2013 تأكيد مختبرات عسكرية فرنسية استخدامَ النظام لأسلحة كيماوية في شهري مارس/آذار وإبريل/نيسان في حي جوبر الدمشقي؛ حيث جلب صحافيَّان فرنسيان عيِّنات من الضحايا ومن تربة الأمكنة؛ التي استُهدفت لتحليلها.
(15) رُفعت في أوساط الحزب في لبنان -كما في أوساط حلفاء إيران في العراق- شعارات من نمط: “لن تُسبى زينب مرَّتين”، و”لبَّيكِ يا زينب”، لتعبئة مقاتلين أو تجنيدهم وإرسالهم إلى سوريا.
(16) لعلَّ التطوُّر الأخطر في هذه المرحلة كان المجزرة الكيماوية التي ارتكبتها قوات نظام الأسد في 21 من أغسطس/آب 2013 ضد المدنيِّين في غوطتي دمشق الشرقية والغربية؛ التي أسفرت عن مصرع ما لا يقلُّ عن 1500 شخص، وتبعت المجزرة صفقة أميركية روسية قضت بنزع ترسانة النظام الكيماوية مقابل عدم التعرُّض له بعقوبات عسكرية مباشرة.
(17) بدأ وصول هؤلاء من العراق وعبر الحدود التركية إلى سوريا في صيف عام 2012، وكان معظمهم يلتحق بجبهة النصرة، فيما التحق بعضهم القليل بأحرار الشام أو بألوية “مهاجرين” التي تم تأسيسها عند وصولهم، ومع قيام “الدولة الإسلامية في العراق والشام” التحقت أكثرية الجهاديين الأجانب بها، وتركت تنظيماتها السابقة، التي انحلَّت أو أصبحت سوريَّة الطابع، أو ذات أغلبية سوريَّة.
(18) سيطر التنظيم على الرقة ودير الزور بعد معارك مع المعارضة، كما سيطر على مناطق في أرياف حلب وإدلب قبل أن تهاجمه المعارضة وتطرده منها في إدلب ومن بعضها في حلب.
(19) قاتل حزب الله حسب بياناته، وحسب مناعي قتلاه، وحسب مصادر المعارضين السوريين في جوبر وفي الغوطتين وفي حوران والقنيطرة والقلمون والقصير وحمص وفي نبّل والزهراء (في حلب)، وهذه جميعها إما لا حضور لمقاتلي الدولة الإسلامية فيها، أو ثمة حضور هامشي لهم لا يجعل منهم قوَّة راجحة، علمًا أنهم في القلمون هاجموا في مايو/أيار 2015 مقاتلي النصرة والمعارضة؛ الذين يقاتلون حزب الله، وكذا فعلوا في بعض المناطق الجنوبية.
(20) قتلت إسرائيل في غارتها على موكب حزب الله قرب الجولان في شهر يناير/كانون الثاني 2015 ضابطًا إيرانيًّا من الحرس الثوري، وعددًا من كوادر الحزب؛ كان بينهم جهاد مغنية ابن المسؤول الأمني الرفيع في الحزب عماد مُغنية؛ الذي اغتيل في ظروف غامضة في دمشق عام 2008.
(21) اتَّهم حزبُ الله “التكفيريِّين” بتنفيذ التفجيرات، وأعلنت جبهة النصرة مسؤوليتها عن بعضها، فيما لم تتَّضح كامل ملابسات الانفجارات حتى الآن، لاسيَّما تلك التي زُعِم أن انتحاريِّين نفَّذوها.

 المصدر: مركز الجزيرة للدراسات