دعمت القوى السياسية الكويتية ردة الفعل الشعبية المستنكرة لظهور خالد الجار الله نائب وزير الخارجية الكويتي في صورة تجمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في ختام مؤتمر وارسو.
وشدد ممثلو القوى السياسة الفاعلة في المجتمع -الليبرالية منها والإسلامية على حد سواء- تأكيدهم على رفض هذا المشهد الذي اعتبروه مخالفا للثوابت التي طالما أكدت عليها الحكومة الكويتية، وعلى رأسها أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وفي مهرجان خطابي احتضنته جمعية المحامين الكويتية مساء أول أمس الخميس استذكر ممثلو التيارات السياسة عبر كلماتهم بطولات شهداء الكويت في الحروب المختلفة ابتداء بحرب 1948 وحتى حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، واعتبروها دليلا على قدم الموقف الرافض لأي محاولة للتطبيع، كما أكدوا أن الكويت كانت سباقة منذ عقود على احتضان حركة التحرير الفلسطينية ورموز حركات التحرر كافة.
وفي كلمته، قال رئيس لجنة القدس في جمعية المحامين الكويتية حمد الصراف إن الموقف الرسمي والشعبي كان ولا يزل مساندا للحقوق الفلسطينية وثوابت القضية، وفي مقدمتها القدس عاصمة أبدية، إضافة إلى إدانته الدائمة لمحاولات الاستيطان المستمرة والجائرة، منتقدا ظهور بعض الأصوات الفردية التي نادت مؤخرا بالتطبيع.
التطبيع جائز
واعتبر الصراف أن أخطر ما استجد على الساحة مؤخرا ظهور بعض الأصوات لرجال الدين الذين يعتبرون التطبيع أمرا جائزا قياسا على عقد الرسول محمد لمعاهدة صلح مع بعض اليهود آنذاك، معتبرا هذا القياس خاطئا جملة وتفصيلا استنادا لكون اليهود في عهد النبي محمد مثلوا جزءا من سكان الجزيرة ولم يكونوا أغرابا، أما اليوم فإن دولة الاحتلال تعد تجمعا ليهود الشتات من كافة بلدان العالم ممن جاؤوا ليحتلوا بلدا عربيا ويطردوا منه أهله، سواء من المسلمين أو المسيحيين أو حتى اليهود العرب.
وأشار إلى وجود بعض الأصوات التي باتت تنادي بالتطبيع من باب الاقتصاد مقابل السلام أو تحت زعم أن الشعوب ملت من الحروب، مؤكدا أن المحاولات الفردية للتطبيع مجرمة وفقا لقانون جرائم أمن الدولة الكويتي الذي يدين كل من يسعى للتواصل مع دولة أجنبية في حالة حرب مع الكويت، وهو أمر قائم حاليا استنادا إلى المرسوم الأميري الصادر عام 1967 الذي ينص على أن الكويت في حالة حرب مع الكيان الصهيوني، وهو ما يفرض التصدي لأي محاولة فردية للتطبيع، وهي المحاولات التي تلهث وراءها إسرائيل.
أما عضو الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) فهد الفيلكاوي فأكد أن القانون رقم 21 لسنة 1964 يحظر على كل شخص اعتباريا كان أو طبيعيا عقد اتفاقيات بالذات أو بالواسطة مع أي منتم للكيان الصهيوني، وكذلك الحال بالنسبة للمرسوم الأميري الصادر في 6 يوليو/تموز 1967 الذي يقر بأن الكويت منذ صباح ذلك اليوم في حالة حرب مع الكيان الصهيوني.
ولفت الفيلكاوي في كلمته إلى أن المعركة اليوم هي معركة المحافظة على الوعي العربي الشعبي في ظل محاولات التطبيع التي تقوم بها بعض القنوات المأجورة، معتبرا أن التطبيع خيانة للأمة وغدر وطعن للقضية وبيع رخيص لكل الثوابت، وأن المقاومة هي خيار الأمة الأوحد الذي يجب أن يلتف حوله الجميع.
وفي كلمته، قال أمين عام التحالف الوطني الليبرالي بندر الخيران إن الحضور هو رسالة لتأكيد الرفض الكويتي الشعبي لأي شكل من أشكال التطبيع، وهو موقف جبل عليه كل أهل الكويت ويؤكده الشباب الكويتيون في كل المحافل الدولية الرياضية والعلمية وغيرها، منتقدا بعض الأصوات التي اعتبرت الرفض الشعبي للصورة التي جمعت الجار الله بنتياهو من قبيل المزايدة.
الموقف الشعبي
الباحث في القضية الفلسطينية عبد الله الموسوي قال للجزيرة نت إن تنظيم تلك الفعالية يأتي تأكيدا على الموقف الرافض لكل محاولات التطبيع مع دولة الاحتلال، معتبرا أن الموقف الرافض الذي شهدته الساحة الكويتية طوال الأيام الماضية للصورة التي جمعت نائب وزير الخارجية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي هو أبرز دليل على الموقف الشعبي المشرف تجاه القضية الفلسطينية.
وذكر الموسوي أن الفترة الأخيرة شهدت ممارسة ضغوط كبيرة على الحكومات والشعوب الخليجية عموما من أجل التطبيع، إلا أن الشعوب تصدت ولا تزال لتلك المحاولات المستميتة.
وأشار إلى أن ما يمكن اعتباره أمرا طبيعيا في بعض البلدان العربية هو أمر مرفوض في الكويت على المستويين الرسمي والشعبي، مستذكرا تأسيس تجمع “كويتيون ضد التطبيع” عقب اقتحام شارون المسجد الأقصى عام 2000، وهو التجمع الذي يعاود نشاطه اليوم مع تنامي محاولات التطبيع.
من جهته، قال عضو اللجنة المركزية للحركة التقدمية الكويتية الدكتور فواز فرحان للجزيرة نت إن جميع القوى السياسية لا تزال على موقفها الرافض لأي محاولة للتطبيع، معتبرا أن تبرير وزير الخارجية الكويتي لتلك الصورة لم يقنع الفعاليات الشعبية على الرغم من منطقيته قياسا على الظروف التي جاء فيها.
وذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي ضجت الأيام الماضية برفض أي محاولة للتطبيع، وهو أمر يؤكد الالتزام بالمسؤولية الشعبية تجاه القضية العربية الأولى، وهي القضية الفلسطينية.
وفي تصريح نشرته وكالة الأنباء الرسمية “كونا” الأسبوع الماضي أكد وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله تعليقا على حالة الغضب الشعبي أن موقف الكويت واضح في رفض التطبيع مع إسرائيل، وأنها ستكون آخر من يطبع معها، مشددا على أن يعتقد الصورة الجماعية في مؤتمر وارسو تغييرا في موقف بلاده الراسخ والرافض للتطبيع واهم.
الجزيرة