كالعادة كان الصيادلة والأطباء أكثر الفئات المهنية تنفيذا للإضراب العام الذي دعا له تجمع المهنيين السودانيين وحلفاؤه من قوى المعارضة يوم الثلاثاء، بينما بدت الحركة في شوارع الخرطوم اعتيادية.
وقارن ناشطون بين إضراب اليوم -رغم أنه لا يستدعي المكوث في المنازل- وبين العصيان المدني الذي دعا له ناشطون في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ووقتها خلت طرقات الخرطوم من السيارات وسجلت المدارس والجامعات نسب غياب عالية، على عكس الصورة التي بدت عليها الشوارع اليوم.
وكان لافتا إغلاق الصيدليات في مدن ولاية الخرطوم حيث قيمت لجنة الأطباء المركزية المعارِضة الإضراب بين الصيادلة بنسبة 85% مما شكل حضورا طاغيا يوم الإضراب.
وشمل إضراب الصيادلة كل القطاعات الصيدلانية بمختلف التخصصات، بما فيها صيادلة المجتمع والشركات والمستشفيات الحكومية والصيادلة السريريون وصيادلة المصانع والأكاديميون فـي كل مدن ولاية الخرطوم، إضافة إلى ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة جنوب العاصمة ومدن أخرى.
إضراب الأطباء
وبالرغم من أن إضراب الأطباء دخل شهره الثالث فإنهم كانوا جزءا من الإضراب العام الذي دعا له تجمع المهنيين اليوم.
وتداول نشطاء صورا لإضراب الأطباء في مشافي ولاية الخرطوم ومدن أخرى مثل ود مدني وحلفا الجديدة وكسلا وغيرها.
وبحسب لجنة الأطباء المركزية فإن أطباء في مستشفيات الخرطوم بحري وبشائر وسوبا الجامعي وإبراهيم مالك نفذوا وقفات احتجاجية داخل مشافيهم.
وتشكل لجنة أطباء السودان المركزية عصب تجمع المهنيين المكون من عدة لجان مهنية، ومنذ ديسمبر/كانون الأول ينظم التجمع وحلفاؤه من أحزاب المعارضة مواكب سلمية تدعو لتنحي البشير الذي يحكم البلاد لثلاثة عقود.
استجابة الصحفيين
واستجاب صحفيون لدعوات الإضراب العام في عدد من صحف الخرطوم، وعمد المضربون منهم إلى تعليق ديباجات على صدورهم كتبوا عليها “صحفي مضرب”.
ورفض صاحب مطبعة قيمة بطاقات الإضراب لإحدى الصحف قائلا إن تكلفتها مساهمة وتعاطف مع الصحفيين المضربين.
واحتفى صحفيون بصحف “السوداني، اليوم التالي، المستقلة، الوطن” بإضرابهم ووثقوا لحظاته بأخذ صورة تذكارية في صالات التحرير.
وتضامنا مع ما أسمته “الانتفاضة” أعلنت صحيفة “إيلاف” الاقتصادية الأسبوعية لموظفيها مشاركتها في الإضراب، ودخلت الصحفية ماريا نمر بصحيفة “التيار” الإضراب عن الطعام بالتزامن مع إضراب الصحفيين.
كما أضرب صحفيون في “التيار، الجريدة، البعث، أخبار الوطن، الميدان” وهي صحف ظلت تتعرض لمضايقات أمنية بالمصادرة بعد الطبع والرقابة القبْلية منذ بدء الاحتجاجات.
القطاع الخاص
وفي قطاع الاتصالات، أضرب عاملون في شركة زين أكبر شركات الاتصالات بالبلاد، كما نشرت صور لعاملين في مجموعة شركات دال وهم مضربون عن العمل.
وأبدى رجال أعمال تعاطفهم مع دعوات الإضراب العام، وقرر أحدهم يدعى عصام الخواض -عبر حسابه في فيسبوك- منح كل موظفي شركته إجازة مدفوعة القيمة يوم الخامس من مارس/آذار “دفعا لضريبة الوطن.. الحصة وطن”.
وبالرغم من أن الحركة في شوارع الخرطوم بدت عادية صباح ونهار الثلاثاء، فإن مرافق خاصة لم تخل من مظاهر الإضراب.
ويقول د. فاروق البدوي (صحفي حر) للجزيرة نت إنه احتاج لإجراء معاملات مكتبية في وكالة سفر وسياحة وسط الخرطوم يوم الثلاثاء، وعندما وصل مقر الوكالة وجد العاملين فيها مضربين.
ويضيف البدوي أن الفضول دفعه لدخول مقار شركات تأمين وأدوية مجاورة، ووجد موظفين مضربين عن العمل.
لكن يبقى تنفيذ الإضراب العام -وسط التجار والمهن الهامشية بالأسواق المركزية وعمال اليومية التي تضم قطاعات واسعة- بلا وجود.
خطط المعارضة
ويمثل الإضراب العام -الذي دعا له تجمع المهنيين- إحدى الخطط التي أعلن عن تنفيذها بالتدرج، تبدأ بالاحتجاجات ثم الإضراب العام ومن ثم العصيان المدني.
وجرب السودانيون سلاحي الإضراب العام والعصيان المدني في انتفاضة أبريل/نيسان 1985 مما أدى للإطاحة بالرئيس الأسبق المشير جعفر نميري في غضون أسبوعين، وقبل ذلك ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1964 مما أسفر عن الإطاحة بنظام الفريق إبراهيم عبود خلال أسبوع.
بيد أن نظام المشير البشير يبدو صامدا حتى الآن بعد دخول الاحتجاجات شهرها الثالث مستفيدا من دولة عميقة نجح حلفاؤه من الإسلاميين في تدعيم ركائزها على مدى ثلاثين عاما.
وقال فاروق أبو عيسى رئيس هيئة تحالف قوى الإجماع الوطني -أحد مكونات إعلان قوى الحرية والتغيير المتبني للاحتجاجات- للجزيرة نت في وقت سابق إن إشهار سلاح الإضراب العام والعصيان المدني يحتاج للزمن المناسب.
واندلعت مظاهرات في مدن السودان في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي احتجاجا على مضاعفة سعر الخبز، لكنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات سياسية تطالب بإسقاط البشير ونظامه.
المصدر : الجزيرة