سجل الاقتصاد الإيراني نموا سلبيا بنسبة 3.8 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الإيراني الماضي، الذي انتهى في 20 مارس/ آذار 2019، في مؤشر على تأثر البلاد بالعقوبات الأميركية المتجددة، عقب انسحاب الرئيس دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو/ أيار الماضي.
وأظهرت بيانات نشرها مركز الإحصاء الإيراني على موقعه الإلكتروني، اليوم الأحد، أن نسبة النمو السلبية البالغة 3.8 في المائة تأتي مع احتساب مبيعات النفط، بينما بدونها فإن الرقم يبلغ 1.9 في المائة.
وأشار المركز إلى أن النمو السلبي في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات خلال الأشهر التسعة قد وصل إلى 2.1 و7.9 و0.6 في المائة على الترتيب.
وكان فرع البحوث الاقتصادية التابع لمركز بحوث البرلمان الإيراني قد توقع مؤخراً أن تصل نسبة النمو السلبي للاقتصاد خلال العام الإيراني الماضي إلى ما بين 2.6 و5.5 في المائة.
كذلك تنبّأ المركز أيضاً بأن تصل النسبة خلال العام الإيراني الجاري الذي بدأ في 21 مارس/ آذار الماضي إلى ما 4.4 و5.5 في المائة.
وينشر مركز الإحصاء الإيراني هذه الإحصائيات في وقت تقول فيه إيران إنها تتعرض لأشرس حرب اقتصادية أميركية تهدف إلى انهيار اقتصادها.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني في وقت سابق من العام الجاري إن معظم مشاكل بلاده تعود إلى الضغوط الأميركية. كما أكد نائبه إسحاق جهانغيري أن إيران تمرّ بظروف صعبة وخطيرة نتيجة الضغوط الاقتصادية الأميركية.
وكانت رويترز قد نقلت نهاية الشهر الماضي عن مسؤول كبير في إدارة ترامب قوله إن واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على إيران تستهدف قطاعات من اقتصادها لم تخضع للعقوبات من قبل.
وذكر المبعوث الأميركي الخاص لإيران، برايان هوك، في وقت سابق من إبريل/ نيسان الجاري، أن ثلاثاً من الدول الثماني التي منحتها واشنطن إعفاءات من العقوبات لاستيراد النفط الإيراني أوقفت شراء الخام الإيراني، من دون أن يفصح عنها.
وتستفيد الصين والهند واليونان وإيطاليا وتايوان واليابان وتركيا وكوريا الجنوبية، لمدة 180 يوماً، من الإعفاءات من الحظر الذي بدأ سريانه في الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وكثفت إيران مساعيها لتقليص تداعيات العقوبات، عبر توسيع الشراكات الاقتصادية مع دول مجاورة وحلفاء لها مثل العراق وروسيا.
وقال مدير مكتب الرئاسة الإيرانية، محمود واعظي، أمس السبت، إن بلاده وقعت اتفاقاً مع العراق على إنشاء 5 مدن صناعية مشتركة، معتبراً أن العراق وإقليم كردستان يشكلان “فرصة كبيرة لتنمية الصادرات الإيرانية وتجاوز العقوبات”.
ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن واعظي قوله إن “الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي الشريك الأول للعراق، وهي تحتل المركز الأول في وارداته”.
يذكر أن اتفاقية إنشاء المدن الصناعية الخمس المشتركة بين إيران والعراق كانت ضمن جملة الاتفاقيات الاقتصادية التي توصل إليها الجانب الإيراني مع بغداد، في أثناء زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى بغداد الشهر الماضي.
ويأتي الحرص الإيراني على تعزيز العلاقات التجارية والمالية مع العراق، بينما أصابت طهران حالة إحباط من الآلية الأوروبية “إنتكس” لدعم التجارة معها، إذ وصفها المرشد الإيراني، علي خامنئي، في وقت سابق، بأنها “مزحة مريرة”.
كما أشار رئيس الغرفة التجارية المشتركة بين إيران وروسيا، هادي تيزهوش تابان، إلى إمكانية رفع التبادل التجاري بين البلدين من ملياري دولار سنويا إلى عشرة مليارات دولار “إذا ما توفرت البنية التحتية الضرورية له”.
وقال تيزهوش تابان في حوار مع وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء “إرنا” أمس السبت إن “العقوبات الغربية الظالمة والظروف الخاصة التي أوجدتها روسيا لاستيراد المواد الغذائية والصناعات الخفيفة، يجب أن تدفعنا لاتخاذ توجه جديد لتنمية الصادرات إليها”.
وأضاف أن ذلك “يتطلب معرفة دقيقة بالأسواق الروسية التي تفرض قوانين صارمة في مجال الواردات”، لافتا إلى أن اتحاد أورآسيا الذي يضم كلا من روسيا وكازاخستان وقرغيزستان وبلاروسيا وأرمينيا قد وافق على انضمام إيران إليه.
وتابع أن “اتحاد أورآسيا يمثل فرصة يجب اغتنامها، وخصوصاً في قطاعات الزراعة والصناعات الخفيفة”، مشيرا إلى أن ربط سكة الحديد لإيران مع أذربيجان خلال الأشهر الماضية يشكل فرصة جيدة لتنمية التبادل التجاري بين إيران ودول اتحاد أورآسيا.
وقال: “علينا التوجه نحو التخطيط بعيد المدى وتدبير تسهيلات في التشريعات لتوفير المواد الأولية اللازمة لازدهار الإنتاج في البلاد”.