عرش الأقحوان.. لماذا تمنع اليابان المرأة من تولي مقاليد الإمبراطورية؟

عرش الأقحوان.. لماذا تمنع اليابان المرأة من تولي مقاليد الإمبراطورية؟

يقول المؤرخون إن أول زعيم للعائلة الإمبراطورية في اليابان تولى السلطة منذ أكثر من 1400 عام، عندما صعدت الإمبراطورة “سويكو” -أول إمبراطورة لليابان- لـ”عرش الأقحوان” عام 592 بعد الميلاد. وشغلت منصبها لمدة 35 عاما، وأصدرت أول دستور لليابان.

ورغم هذا التاريخ، فإن عهد “سويكو” في الوقت الحالي لن يكون ممكنا، ففي القرن الحادي والعشرين، تمنع تقاليد الإمبراطورية اليابانية النساء من تولي العرش.

لا طريق لإناث العائلة الملكية للعرش
وقد عرض نظام الخلافة هذا بشكل علني الأسبوع الماضي، حيث تنازل الإمبراطور أكيهيتو البالغ من العمر 85 عاما يوم الثلاثاء عن الحكم. وقد مرر لقب الإمبراطور لوريثه الأكبر سنا وولي العهد الأمير “ناروهيتو” البالغ من العمر 59 عاما.

وأصبح ناروهيتو امبراطورا لليابان، ويأتي بعده في صف الخلافة ولي العهد، شقيقه الأصغر، الأمير أكيشينو، وبعده، ابن الأمير، الأمير “هيساهيتو” البالغ من العمر 12 عاما.

ولكن من يأتي بعده؟ لا أحد. من ضمن الـ18 عضوا من العائلة الملكية اليابانية، 13 منهم إناث. لا يوجد لهن أي طريق للعرش.

“سويكو” أول إمبراطورة لليابان عام 592 بعد الميلاد وشغلت منصبها لمدة 35 عاما (مواقع التواصل)
بعد “سويكو” كان لليابان سبع حاكمات
وبالعودة للتاريخ، بعد “سويكو” كان لليابان سبع حاكمات، الإمبراطورة “كويوكو” في القرن السابع إلى الإمبراطورة “جو ساكوراماشي” أواخر القرن الثامن عشر.

أما الإمبراطورة “جينجو” التي قد تكون من الأساطير اليابانية، سبقت “سويكو” بأكثر من ثلاثمئة عام، رغم أن المؤرخين ليس لديهم دليل قاطع على فترة حكمها.

كانت الرغبة في أن تتبنى اليابان السياسة الغربية هي السبب الذي دفعها إلى حظر الورثة الإناث رسميا في أواخر القرن التاسع عشر.

فبعد أن أطاحت طموحات الإمبراطور ميجي عام 1868 بالنظام الإقطاعي، بدأت الطبقة الحاكمة الجديدة باليابان تتطلع لأوروبا والولايات المتحدة، على أمل إعادة تشكيل البلاد كقوة “متقدمة” مع ترسيخ القوة التقليدية للإمبراطور الياباني.

درس السياسي “إيتو هيروبومي” الأنظمة السياسية المختلفة قبل أن يستقر على الدستور البروسي كنموذج لعام 1850.

وقام اليابانيون بتوظيف قانوني ألماني، “هيرمان رويسلر”، للمساعدة في ابتكار نظام سياسي مماثل. حيث كان نظام بروسيا نموذجا محافظا للحكومة، مع وجود صلاحيات كبيرة للملك، واستثناء جميع الورثة الإناث من الخلافة.

“إكيهيتو” تنازل عن لقب الإمبراطور لوريثه الأكبر سنا وولي العهد الأمير “ناروهيتو” (لأوروبية)
النظام الملكي الياباني عكس باقي الأنظمة الملكية
وقف النظام الملكي في اليابان عكس باقي الأنظمة الملكية فيما يخص توريث النساء للعرش، فمثلا في بريطانيا، كانت الملكة “فيكتوريا” في أوج حكمها الذي استمر 63 عاما.

لكن الخبراء القانونيين جادلوا بأن هذا الأمر مناسب لأن الدستور الياباني الجديد سوف يجعل الإمبراطور قائد جيوش البلاد.

وأضفى دستور “ميجي” لعام 1889 الطابع الرسمي على نظام الحكم الذي يهيمن عليه الذكور، في حين أوضح قانون الأسرة الإمبراطوري المصاحب لنظام الحكم أن الورثة الذكور أعطوا الأولوية على الإناث في نظام “الأقدمية الأبوية” الذي يستثني جميع إناث الأسرة الحاكمة وذريتهن من الخلافة.

ومن المفارقات أن النظام البروسي لم يدم طويلا. بعد توليه العرش عام 1888، كان “وليام الثاني” هو آخر ملك لبروسيا وآخر إمبراطور ألماني عندما تنازل عن العرش بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى.

وبعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، أعادت الأمة (التي كانت محتلة من الولايات المتحدة) صياغة دستورها وأزالت معظم سلطات الإمبراطور، حتى أصبح النظام أقرب إلى النظام الملكي البريطاني.

أدخل قانون الأسرة الإمبراطوري المعاد صياغته تغييرات كبيرة على العائلة المالكة، لا سيما الحد من حجم الأسرة الإمبراطورية، ولكنه أبقى القواعد المتعلقة بخلافة الذكور.

خلال فترة سابقة من النقاش حول نظام الخلافة في عام 2005، عمد ابن عم الإمبراطور العودة لنظام المحظيات لضمان وجود وريث ذكر.

وكتب الأمير “توموهيتو” في خطاب خاص “استخدام المحظيات، كما اعتدنا، هو خيار واحد”.

وأضاف “أنا أوافق كليا على هذا، لكن قد يكون هذا صعبا بعض الشيء بالنظر للمناخ الاجتماعي داخل البلاد وخارجها”.

استطلاعات الرأي تشير إلى أن العديد من المواطنين اليابانيين يفضلون ببساطة السماح للعائلة الإمبراطورية بأن تقودها امرأة (الأوروبية)
اليابانيون يفضلون قيادة “امرأة”
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن العديد من المواطنين اليابانيين يفضلون ببساطة السماح للعائلة الإمبراطورية بأن تقودها امرأة، فقد كان 68% من سكان البلاد مؤيدين، وفقا لاستطلاع أجرته صحيفة “ماينيتشي شيمبون” اليابانية عام 2017.

ورغم أنهم يصمتون عموما بشأن القضايا السياسية، فمن المحتمل أن يكون بعض أفراد العائلة المالكة منفتحة عليها، حتى في عام 2002، كتبت الأميرة “تاكاماتسو”، البالغة من العمر 92 عاما في مجلة للنساء، أنه إذا كانت هناك امرأة شابة تمكنت من الوصول إلى العرش، فهذا ليس شيئا يُنظر إليه على أنه غير طبيعي.

الجزيرة