في 17 تموز/يوليو، لقي مسؤول تركي ومدنيان محليان حتفهم على يد مسلّح في مطعم في أربيل، عاصمة «إقليم كردستان العراق». وتشير بعض المصادر في العراق إلى أن الهجوم نفذه أفراد من «حزب العمال الكردستاني»، المصنف كجماعة إرهابية شنت حرباً متقطعة ضد الحكومة التركية لعقود من الزمن. وإذا ثبتت صحة هذه الادعاءات، فستكون لهذه الحادثة تداعيات خطيرة على السياسة التركية في الشرق الأوسط وروابط أنقرة مع الولايات المتحدة.
وكانت تركيا قد أقامت علاقات وثيقة مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، أبرز فصيل عراقي كردي. وسابقاً، توصل هذا الحزب إلى ترتيب غير رسمي وافق بموجبه «حزب العمال الكردستاني» على تجنّب تنفيذ أي هجمات ضد موظفين أتراك في المدن التي يسيطر عليها «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، بما فيها أربيل. وإذا كان «حزب العمال الكردستاني» هو الذي يقف وراء عملية إطلاق النار، سيعتبر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» هذه الحادثة بمثابة انتهاك لسيادته وتهديد لعلاقته مع تركيا.
وحتى قبل وقوع هذا الهجوم، كان «الحزب الديمقراطي الكردستاني» قلقاً بشكل متزايد جراء التواجد المتنامي لـ «حزب العمال الكردستاني» بالقرب من سنجار على الحدود مع سوريا. وقد أنشأ هذا الأخير ميليشيا وكيلة له هناك تُعرف باسم «قوات الحشد الشعبي» العراقية. وفي الشهر الماضي، تعهّدت إحدى الجماعات المنفصلة التابعة لـ «حزب العمال الكردستاني» والتي تطلق على نفسها اسم «قوات الدفاع الذاتي في جنوب كردستان» باستهداف أي تواجد تركي في «كردستان العراق». وفي ضوء هذه التهديدات، من المرجح أن يقرّب هجوم أربيل بين أنقرة و«الحزب الديمقراطي الكردستاني» بشكل أكبر في كل من العراق وسوريا.
لقد سبق أن دحرت تركيا «حزب العمال الكردستاني» على أراضيها في أعقاب سلسلة من العمليات العسكرية المحلية الناجحة. ووفقاً لذلك، تكمن خياراتها الوحيدة الآن لتنفيذ أي انتقام فعلي من الجماعة في العراق وسوريا. ولـ «حزب العمال الكردستاني» مقر رئيسي في شمال العراق على طول جبل قنديل. فضلاً عن ذلك، تخضع أجزاء كبيرة من شمال سوريا لسيطرة «وحدات حماية الشعب»، فرع «حزب العمال الكردستاني» الذي عمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة على محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وإذا تم إلقاء اللوم على «حزب العمال الكردستاني» في استهداف مسؤول تركي، فسيتم الضغط على الرئيس رجب طيب أردوغان لاتخاذ خطوات قاسية ضد الجماعة في إحدى هاتين المنطقتين أو كلتيهما. لكن ذلك قد يقوّض محادثات أنقرة القائمة مع واشنطن بشأن إقامة “منطقة آمنة” مقترحة في شمال سوريا، حيث يأمل المسؤولون في أن تتوصل تركيا و«حزب العمال الكردستاني»/«وحدات حماية الشعب» إلى اتفاق بشأن تعايش طويل المدى.
وقد يؤخر الهجوم “قانون مواجهة خصوم أمريكا من خلال العقوبات”، وهو التشريع الأمريكي الأخير الذي يستهدف شراء أنقرة لأنظمة الدفاع الصاروخية الروسية “أس-400”. وكان الرئيس ترامب قد أشار أساساً إلى أنه لا يسعى إلى فرض عقوبات على تركيا بموجب القانون المذكور في الوقت الحالي.
وفي أعقاب الهجوم، صرّح وزير الخارجية التركي أن المسؤولين يتعاونون مع السلطات العراقية لمعرفة المسؤول عن الحادثة. وإذا تم إلقاء اللوم على «حزب العمال الكردستاني» في نهاية المطاف، فمن شأن استهداف مسؤول تركي أن يمنح أنقرة مبرراً غير قابل للنقاش لإعلان الحرب على الجماعة. وفي هذا الوقت من الأزمة في العلاقات الثنائية، قد تشعر واشنطن بأنها مضطرة لإظهار التضامن والموافقة إلى حدّ ما على ردّ تركي انتقامي في العراق و/أو سوريا، وسط تداعيات غير واضحة تؤثر على «وحدات حماية الشعب».
معهد واشنطن