بادرت سلطنة عمان إلى عرض مبادرة حوار للحل في اليمن في مسعى لتبريد التصعيد الدولي الذي يمكن أن يتحول إلى ضغوط شديدة على حليفتها إيران بعد الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية في شرق السعودية، وتبناها الحوثيون لكن مؤشرات وتسريبات تقول إن الاستهداف تم عن طريق إيران وإن جاء بطرق ملتوية للتمويه.
ونقلت شبكة سي.أن.أن الإخبارية الأميركية عن مصدر مطلع على التحقيقات أن الصواريخ أطلقت فوق العراق والتفت فوق الكويت وصولا إلى منشأتي النفط لإخفاء مصدر إطلاقها.
فيما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مسؤولين أميركيين أطلعوا الرياض على معلومات استخباراتية تشير إلى أن الهجمات التي استهدفت منشأتين نفطيتين في السعودية بطائرات مسيّرة شُنّت من إيران.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم تحددها أن التقييم الأميركي توصل إلى أن “إيران أطلقت أكثر من 20 طائرة مسيّرة وعشر قذائف على الأقل”.
واعتبرت مصادر دبلوماسية خليجية أن سلطنة عمان تسعى لتسويق فكرة أن الهجوم ناجم عن الصراع في اليمن، وليس استهدافا للسعودية من إيران وأذرعها في المنطقة في تحدّ للقانون الدولي، وهو ما تريده طهران التي ستسعد بالمبادرة العمانية بوصفها مخرجا ذكيا يتيح لها في المستقبل معاودة الكرة بتهديد إنتاج النفط في المنطقة وحركة تصديره دون أي رادع.
وقالت المصادر ذاتها إن مسقط ستوفر، بهذه المناورة، غطاء لتبرئة إيران من الهجمات التي تكررت بأساليب مختلفة، لكنها تشترك في خاصية واحدة، وهي اعتماد أسلحة وأساليب متطورة لا تقوى على تنفيذها سوى دولة تخطط لإرباك الأمن الإقليمي ونشر الفوضى في الشرق الأوسط.
وأعربت الخارجية العمانية، في بيان لها الاثنين، عن أسفها العميق لتعرض بعض منشآت الطاقة بالمملكة العربية السعودية للهجمات، معتبرة أن ذلك “تصعيد لا طائل منه”، وهي الصياغة التي أثارت غضب السعوديين لما فيها من استهانة بخطر الهجمات.
وطالبت مسقط مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، بدعوة أطراف الحرب في اليمن إلى طاولة المفاوضات للتوافق على إنهاء الصراع.
ويعتبر متابعون للشأن الخليجي أن لا معنى لعرض الحوار على جماعة الحوثيين التي باتت تهدد الأمن الخليجي، وأنه كان على مسقط أن تطالب بتحرك دولي لوقف الاستهداف العشوائي الحوثي للسعودية أولا قبل الحديث عن حوار سيشجع المتمردين الحوثيين على سياسة الهروب إلى الأمام، ويمثل غطاء للحرب بالوكالة التي يقومون بها لفائدة إيران.
وتوعد محمد عبدالسلام، الناطق باسم جماعة أنصارالله الحوثية، الثلاثاء، بشن المزيد من العمليات الدفاعية “القاسية والأشد إيلاما”.
وبدا واضحا أن “المبادرة” العمانية ليست سوى صدى لتصريحات وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الذي أعلن أن المقاربة الإيرانية للحل في اليمن هي الأفضل لدول المنطقة ونحن مستعدون لمناقشتها.
ويشير المتابعون إلى أن عروض الوساطة عادة ما تتم لإعادة تصويب الوضع وخلق مناخ للتوصل إلى حل، ولا يمكن أن توفر غطاء سياسيا لهجمات ممنهجة ضد أمن السعودية وأمن الملاحة الدولية وحركة تصدير النفط، لافتين إلى أن سلطنة عمان تستفيد بدورها من ضبابية الموقف الدولي لطرح مبادرة تحرف الأنظار عن الأزمة وتفرش الطريق أمام استمرار التهديد الإيراني لأمن الملاحة.
وقال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثلاثاء، إن بلاده قادرة على مواجهة آثار الاعتداءات “الجبانة” التي استهدفت منشأتي “أرامكو” السبت الماضي.
جاء ذلك خلال كلمته في اجتماع لمجلس الوزراء السعودي، تعليقا على استهداف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو بطائرات مسيرة، شرقي البلاد.
ووفق وكالة الأنباء الرسمية، أكد العاهل السعودي أن تلك الاعتداءات “لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب، إنما تستهدف إمدادات النفط العالمية، وتهدد استقرار الاقتصاد العالمي”.
وصباح السبت، أعلنت الرياض السيطرة على حريقين وقعا في منشأتين تابعتين لشركة أرامكو، شرقي المملكة، جراء استهدافهما بطائرات مسيرة.
وأخذت الكويت احتياطاتها من تداعيات قادمة لهذه الأزمة ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الثلاثاء، أن وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح دعا القوات المسلحة إلى “ممارسة أقصى درجات الحذر واليقظة والاستعداد لمواجهة أي أحداث تؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد”.
ولا تزال الردود الدولية في حدود التعبير عن القلق والتخوف على أمن حركة النفط في العالم دون أن تلامس أساس الأزمة، وهو تعنت إيران ورغبتها في أن تتحول إلى شرطي بالمنطقة.
وأعرب ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، عن قلقه إزاء تعرض منشآت شركة أرامكو السعودية لهجوم السبت الماضي. وقال إن كافة الفعاليات التي تهدد الطلب العالمي للنفط، تقلق أعضاء الناتو.
من جانبه، طالب خبير الشؤون الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي الألماني، نوربرت روتجن، بمبادرة أوروبية لتهدئة الأزمة.
وقال روتجن، الذي يترأس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (بوندستاج)، الثلاثاء، “هذه منطقة جوارنا. عندما يدوي شيء هناك، فإنه يصيبنا أيضا على نحو شديد المباشرة”.
ويرى روتجن أن الوضع في المنطقة “على وشك حرب”، مضيفا أنه من اللافت للانتباه أنه عقب الهجمات لا تتعالى مطالب بالانتقام.
العرب