بدأت أنظار المستثمرين في أسواق الصرف العالمية تركز على النصف الثاني من العام الجاري واحتمالات حدوث انتعاش اقتصادي مع الفتح التدريجي للحدود الدولية وتشغيل الاقتصادات وإنهاء العزل الاجتماعي.
ويرى خبراء أن قدرة الدول على محاصرة انتشار جائحة كورونا والتعايش الصحي معها ستكون من العوامل الرئيسية التي ستحدد اتجاهات أسعار العملات خلال العام الجاري. وذلك ببساطة لأن ذلك سيحدد سرعة عودة الاقتصاد وتعافيه من الجائحة. وعادة ما تحدد قوة الصادرات الطلب على العملة.
في هذا الشأن أبدى خبير العملات بمصرف “آي إن جي” الهولندي، فرانسيسكو بيسول، تفاؤلاً حول المستقبل الاقتصادي خلال النصف الثاني، قائلاً “رفعت البيانات الاقتصادية القوية الآمال بعودة سريعة للاقتصادات العالمية بعد عمليات العزل والإغلاق… ولكن المستثمرين سيراقبون معدلات التفشي الجديدة لجائحة كورونا وتداعياتها على تشغيل المنشآت”، وذلك بحسب قناة “سي إن بي سي”. وبلغت حالات الإصابة بالمرض حتى أمس الأربعاء أكثر من 9.2 ملايين حالة”.
لكن يبدو أن السؤال الذي يواجهه المتعاملون في أسواق الصرف في الوقت الراهن، هو عما إذا كان الدولار سيتم التعامل فيه على أساس أنه “عملة ملاذ آمن” أم لا، وذلك وسط تزايد القلق من عودة الجائحة بعد انحسارها في الشهر الماضي.
ويقول خبير العملات بمصرف “دويتشه بانك” الألماني، سمير غول، في تعليقات لقناة “سي إن بي سي” التلفزيونية الأميركية، إن “الدولار سيضعف أمام العملات الرئيسية في حال زيادة حالات كورونا في أميركا”.
لكن حتى الآن يفضل كبار المتعاملين في سوق الصرف من المصارف والشركات شراء الدولار على العملات الأخرى خوفاً من حدوث أزمة نقص بالدولارات.
ويقدر بنك التسويات الدولية في تقرير حجم النقص العالمي في الدولارات بنحو 13 تريليون دولار، وبالتالي يتوقع خبراء الصرف أن يدعم هذا النقص الهائل في الدولار سعر صرف الورقة الخضراء على المستوى القصير، حتى وإن واصلت الحكومة الأميركية ضخ تريليونات أخرى في السوق الأميركي لدعم النمو الاقتصادي.
على صعيد اليوان الصيني الذي يرتبط بهامش حركة محدودة بسعر صرف الدولار، يرى غول أن اليوان أصبح مستقراً في الأسابيع الأخيرة ولا يتعرض لهزات كبيرة في مناطق الأوفشور مثلما حدث خلال شهر مايو/ أيار.
ويستفيد اليوان الصيني في استقرار سعره من توقيع الاتفاق التجاري الأولي بين بكين وواشنطن، كما يستفيد من البيانات الاقتصادية الإيجابية الصادرة من الصين.
وعادة يتخوف كبار المستثمرين في المراهنات على العملة الصينية من البنك المركزي الصيني الذي عادة ما يتدخل بقوة في السوق شراء وبيعاً، إذ إنه يملك احتياطات دولارية ضخمة تفوق 3 تريليونات دولار.
وبالتالي يمكن أن يكبد تدخله تجار الصرف خسائر ضخمة. يذكر كذلك أن تصريحات رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي)، جيرومي باول، بداية الشهر الجاري التي أكد فيها أنه سيحافظ على نسبة فائدة منخفضة على الدولار لفترة طويلة من أجل دعم أسواق المال، ساهمت في دعم صرف اليوان، إذ إنه يرتبط بحركة الفائدة المصرفية على الدولار.
ولكن رغم ذلك يظل سعر صرف اليوان رهينة للعلاقات التجارية بين بكين وواشنطن وسط مخاوف الحظر المالي على المصارف الصينية ومنعها من استخدام الدولار.
ويتوقع خبراء أن يكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى في نوفمبر/ تشرين الثاني تأثير كبير على حركة صرف اليوان. ومن المتوقع أن ترفع احتمالات فوز دونالد ترامب من رسوم المخاطر على اليوان، في حال تقدمه في استفتاءات الرأي.
أما بالنسبة للعملة البريطانية، فيرى محللون أن الجنيه الإسترليني أصبحت “عملة خطرة” بسبب معدل التذبذب الكبير في سعرها مقابل الدولار واليورو. وبالتالي بدأت تفقد جاذبيتها لدى تجار الصرف العالمي.
ويعاني الإسترليني من تردد الحكومة البريطانية في فتح الاقتصاد والبت في الاتفاق على علاقة تجارية ترسم صورة واضحة المعالم للرسوم الخاصة بوارداتها وصادراتها للكتلة الأوروبية، الشريك التجاري الأكبر لبريطانيا. ولا تزال حكومة بوريس جونسون تتفاوض مع دول الاتحاد الأوروبي حول شكل العلاقات التجارية والاقتصادية بعد بريكست.
في هذا الشأن قالت محللة العملات بشركة ماينيرفا البريطانية، كاثلين بروك، أمس الأربعاء: “نرى الكثير من الاضطراب في سعر صرف الإسترليني مقارنة بالعملات الرئيسية الأخرى مثل الدولار الأميركي والين الياباني واليورو والفرنك السويسري”.
أما على صعيد العملة الأوروبية، فيرى محللون أن البيانات الإيجابية التي نشرت أمس حول تفاؤل معنويات الأعمال التجارية ستدعم الطلب على اليورو، وبالتالي سيرتفع مقابل الدولار.
ويعتمد سعر صرف اليورو على توجهات الاقتصاد الألماني الذي يقود عادة ماكينة الانتعاش في منطقة اليورو وعلى صادرات ألمانيا الخارجية يتحدد الطلب العالمي على اليورو.
وبحسب رويترز، قال معهد إيفو الاقتصادي، أمس الأربعاء، إن مؤشر المعهد لمناخ الأعمال التجارية قد ارتفع للشهر الثاني على التوالي في يونيو/ حزيران بسبب اعتقاد الشركات أن أسوأ ما يمكن أن يحدث من ضرر نتيجة للعزل العام الذي يهدف لاحتواء فيروس كورونا قد مر.
العربي الجديد