بغداد– يعتمد العراق بأكثر من 95% على صادرات النفط الخام لبناء الموازنة العامة سنويا، في حين لا تشكل قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة وغيرها سوى نحو 5% من المالية السنوية.
وصدّر العراق خلال يوليو/تموز الماضي نحو 100 مليون برميل من الحقول النفطية في وسط وجنوب البلاد، أما صادرات حقول كركوك (شمال) عبر ميناء جيهان التركي فبلغت نحو مليونين و350 برميلا.
صورة حصرية مرسلة من قبله – المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء العراقي – مظهر محمد صالح
صالح قسّم ديون العراق إلى داخلية وخارجية وميسرة جدا طويلة الأجل (الجزيرة نت)
حجم المديونية
وحسب المستشار الاقتصادي للحكومة العراقية الدكتور مظهر محمد صالح، فإن ديون العراق تنقسم إلى 3 أنواع: داخلية، خارجية، وميسرة جدا طويلة الأجل.
وفي حديث للجزيرة نت فصّل صالح تلك الديون بالأرقام قائلا إن الدين العام الداخلي يبلغ 50 مليار دولار، وما زال بحوزة البنك المركزي العراقي نسبة 63% من أصل الدين وفوائده، وتتراوح الفائدة السنوية بين 2 و3%، أما بقية الدين الداخلي فلا تزال في حوزة المصارف التجارية الحكومية، مما يعني أنها تسويات داخل الجهاز المالي الحكومي حصرا بشكل حوالات خزينة مدتها عام واحد، والتي تأجل تسديدها حتى ظلت تدفع الفائدة السنوية عليها من التخصيصات السنوية في الموازنة العامة.
وأشار إلى أن مجلس الوزراء أقر قبل أشهر خطة تدريجية سنوية لتسديد الدين العام الداخلي.
وبخصوص الدين العام الخارجي، يوضح صالح أنه على شقين، الأول ديون واجبة الدفع وتبلغ 20 مليار دولار وتسدد حاليا بشكل سنوي منتظم من جانب وزارة المالية، متوقعا سدادها بحلول العام 2028.
أما الشق الثاني من الديون الخارجية البالغة 40 مليار دولار فيمثل ديونا شبه معدومة لم يطالب بها الدائنون بموجب بنود اتفاقية نادي باريس للعام 2004 والخاصة بشطب 80% من ديون العراق الخارجية قبل عام 1990، وتعود إلى حقبة النظام السابق.
وبحسب صالح، فإن “الدين الخارجي المعلق يخص 8 بلدان، 4 منها خليجية قد أقرضت العراق أثناء حربه مع إيران، وتعد في الأعراف الدولية من الديون البغيضة أو الكريهة لكونها مولت الحرب ولم تخدم التنمية الاقتصادية، ولكنها ما زالت تظهر في الدفاتر الحسابية لتلك البلدان، ويتوقع شطبها بنسبة 100% دون تحديد الوقت”.
أما الشق الأخير الذي تحدث عنه المستشار الاقتصادي فهو ديون ميسرة جدا طويلة الأجل تتعلق بتمويل مشاريع التنمية قدمت بعد عام 2003 بموجب تعهدات مؤتمر مدريد للمانحين في أكتوبر/تشرين الأول 2003، وتستحق الدفع بعد أكثر من 20 عاما، وتقدر بنحو 6 مليارات دولار تخص وكالة التعاون الاقتصادي الدولي اليابانية وبعض صناديق دول الاتحاد الأوروبي.
دعدوش يرى بأن الوفرة المالية النفطية تساهم بسداد الديون لكن من الخطأ الاعتماد عليها (الجزيرة نت)
دعدوش يرى أن الوفرة المالية النفطية تساهم في سداد الديون لكن من الخطأ الاعتماد عليها (الجزيرة نت)
التنويع أم الريعية؟
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي الدكتور علي دعدوش أن العوائد النفطية تلعب دورا مهما في خفض الدين العام إذا استمرت الأسعار بين 90 و100 دولار للبرميل في الأسواق العالمية، لكنه حذر من اعتماد الحكومة العراقية عليها لتسديد الديون كون الأسعار متقلبة.
وقال دعدوش للجزيرة نت إن تنشيط القطاعات غير النفطية ينهض بالاقتصاد العراقي ويساعد على خفض مديونيته، موضحا أن المستوردات من السلع والخدمات في هذه الحالة ستقل وتنعكس بصورة إيجابية مزدوجة على الاقتصاد من حيث تقليل خروج العملة الأجنبية وتحديدا الدولار، إضافة إلى تشغيل العمالة.
وأشار إلى أن عملية التنويع الاقتصادي يجب أن تكون من خلال استثمار الفوائض المالية المتأتية من النفط وتطوير القطاعات الاقتصادية الحقيقية لتوليد القيمة المضافة عن طريق الاستثمار في القطاع الصناعي لكافة السلع والمنتجات محلية الصنع والتوجه نحو الزراعة الرأسمالية المتطورة والمعتمدة على الآلات والمعدات الحديثة.
في موازاة ذلك، يحدد الخبير في شؤون النفط والطاقة الدكتور بلال الخليفة استخدام الحكومة العراقية الوفرة المالية من النفط في أمور أخرى غير سداد الديون.
وأوضح الخليفة للجزيرة نت أن جزءا من الوفرة المالية في العراق استخدم في شراء السندات الأميركية، حيث ارتفعت حيازته من السندات في مارس/آذار الماضي بمقدار مليارين و117 مليون دولار بنسبة 8.79% لتصل إلى 26 مليار دولار.
وأضاف أن العراق قام بزيادة رصيده الاحتياطي من العملات الأجنبية ليبلغ 72 مليار دولار، فيما قام بخطوة ثالثة باستغلال الوفرة المالية لشراء الذهب ليمتلك الآن 130 طنا ليحتل المرتبة الـ30 عالميا والرابعة عربيا.
ويختم بأن الحكومة لم تستغل الوفرة المالية لسداد الديون، وتصر على الاقتراض الداخلي والخارجي، وهذا ما أقر في قانون الأمن الغذائي الطارئ الذي احتوى على فقرة الاقتراض.
بدورها، قالت عضوة البرلمان العراقي زينب جمعة الموسوي إن الحكومة منتهية الصلاحية -التي يقودها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي- لم تقدم برنامجا اقتصاديا لسداد الديون، بل عملت على رفعها من خلال قانون الأمن الغذائي الطارئ.
وتضيف الموسوي للجزيرة نت أن الوفرة المالية من صادرات النفط تغني العراق عن الاستدانة، خصوصا في الوقت الحالي الذي يشهد ارتفاعا مستمرا في أسعار الخام، والذي سيرتفع مع اقتراب فصل الشتاء نتيجة قطع الإمدادات الروسية من النفط والغاز عن الاتحاد الأوروبي.
وختمت الموسوي بمطالبة الحكومة المقبلة بالعمل على استغلال أمثل للوفرة المالية والابتعاد عن الاستدانة الداخلية أو الخارجية، كاشفة عن تحرك برلماني في حال عودته قريبا لمناقشة مسألة ديون العراق وطرق سدادها.
المصدر : الجزيرة