مع تسلم أوكرانيا أول دبابة ألمانية متطورة من طراز ليوبارد، يكون حلفاؤها قد أطلقوا الإشارة الأولى لتشكيل حلف الدبابات الكبير، إلا أن ترسانة روسيا لا تخلو من علاج لهذه العقبة التي تواجهها في الميدان.
وتزامنا مع حلول الذكرى الأولى لاندلاع الحرب، في الـ24 من فبراير/شباط الماضي، أعلنت بولندا تسليم أوكرانيا أول دفعة من دبابات “ليوبارد 2” ذائعة الصيت، لما تتمتع به من قدرات أبرزها الحماية الشاملة ضد العبوات الناسفة والألغام والصواريخ.
وينتظر أن تحسم دول أخرى في حلف شمال الأطلسي (الناتو) موقفها من المضي قدما في إرسال دفعات من دباباتها ذات التكنولوجيا المتطورة، وعلى رأسها الدبابة الأميركية “أبرامز” التي يصفها البنتاغون بالأفضل في العالم، ونظيرتها “تشالنجر” درة تاج سلاح البر البريطاني.
ورغم هذه الخطوات المتسارعة التي رافقت احتدام المعارك على جبهات القتال في الشرق الأوكراني، أعرب حلفاء كييف مرارا عن مخاوف من تسبب بعض الإمدادات العسكرية بتصعيد وتيرة الصراع، وتحوله إلى حرب شاملة مع الدب الروسي.
تهديد ووعيد روسي
وفي أكثر من مناسبة، لم تتردد موسكو في اتهام الناتو بالدخول على خط المواجهة المباشرة في الحرب، محذرة الحلف من تحمل عواقب ذلك، لكنها لم تخف أيضا قدرة ترسانتها العسكرية على إلحاق الهزيمة بأعتى الأسلحة الغربية أيا كان تطورها.
وبنبرة تحد وتباه، أكد مسؤولون عسكريون روس على قدرة أنظمة الصواريخ الروسية المضادة للدبابات والدروع على حسم النزال مع دبابات الناتو، في إشارة صريحة إلى منظومة “الكورنيت”.
وتتكون هذه المنظومة من صاروخ موجه ومُصوّب بأشعة ليزر، وبشكل نصف أوتوماتيكي، بحيث يُصوّبه الرامي نحو الهدف، ويوجه علامة تصويبه حتى الإصابة، ويمكن إطلاقه من خلال منصة تُثبت على الأرض أو الكتف مباشرة.
ويتم توجيه الصاروخ عبر موجّه بصري من خلال الرامي الذي يتابع توجيهه حتى يصل إلى هدفه، ويمتلك قدرة على المناورة من خلال الالتفاف في حلقات دائرية أثناء تحليقه باتجاه الهدف حتى المرحلة الأخيرة، التي يطبق فيها على الهدف ويتوجه إليه بشكل مباشر.
وتأكيدا لنجاعة وفاعلية المنظومة، يقول مسؤول في شركة روسية متخصصة في تصدير الأسلحة والمعدات الحربية، إن منظومة “الكورنيت” كفيلة بتحقيق مبدأ “ارمِ وانسَ”، لأنها تضمن احتمالية إصابة الهدف بنسبة لا تقل عن 97 و99%.
وفيما يلي أبرز خصائص منظومة الكورنيت:
مدى عمل يناهز 10 كيلومترات نهارا و8 كيلومترات ليلا فضلا عن حماية عالية من التشويش.
استخدام نهاري وليلي من المواقع غير المعدة ومن وضعيات مختلفة: الاستلقاء، على الركبة، في الخندق، مع إمكانية استخدام المنظومة.
تطلق النيران بصواريخ ذات رؤوس مزدوجة جوفاء قادرة على اختراق الدروع حتى 1300 مليمتر.
يمكن تجهيز رأس الصاروخ بحشوة شديدة الانفجار قادرة على إصابة أحدث أنواع الدبابات من مسافة 10 كيلومترات.
قادرة على تدمير الدبابات والمدرعات والمدافع الذاتية الحركة والطائرات والمروحيات المحلقة على ارتفاع منخفض وكذلك المسيّرات من مختلف الأنواع.
يمكن نصبها على مدرعات “تيغر-إم” و”تايفون-كا” و”بي إم دي-4 إم” والمدرعات الروسية الحديثة الأخرى التي تحمل 16 صاروخا من هذا النوع، بما في ذلك 8 صواريخ جاهزة للقتال.
في حال نصبها على مدرعة قتالية، يمكن توجيه 4 منظومات إلى هدفين في آن واحد.
طاقم المدرعة بحاجة إلى 8 ثوانٍ فقط لتحويل المنظومة من وضع المسير إلى وضع القتال.
الكورنيت.. في فلسطين ولبنان وسوريا
وقد علا صيت منظومة الكورنيت في كل من لبنان وفلسطين وسوريا، لكن نجم المنظومة سطع أولا في حرب يوليو/تموز 2006 أثناء الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.
وقد أسهم استخدام عناصر حزب الله للكورنيت في إلحاق خسائر كبرى للجيش الإسرائيلي وما أسماه الحزب وقتها بـ”مجزرة دبابات الميركافا”، ودحض “أسطورة الدبابة الإسرائيلية التي لا تقهر”.
وفي غزة، أسهمت الكورنيت في الضغط على قوات الاحتلال التي تُسيّر دورياتها العسكرية على حدود القطاع، وتحقيق خسائر ضخمة في صفوف قواتها ومستوطنيها.
وتنظر إسرائيل بخطورة بالغة لصاروخ الكورنيت لأنه مضاد للدروع والتحصينات، ويحمل رأسا شديد الانفجار وقدرة اختراق تدميرية.
وقد ابتكرت الصناعات العسكرية الإسرائيلية عام 2011 منظومة دفاعية تدعى “معطف الريح”، وهي تقنية عسكرية يتم تزويد الدبابات بها لاعتراض الصواريخ المضادة للدبابات.
المنظومات المنافسة للكورنيت
ورغم أن الكورنيت يعد بشهادة الخبراء العسكريين أقوى صاروخ موجه مضاد للدبابات، فإن منظومات أخرى لا تقل فاعلية عن الكورنيت أثبتت أيضا دقتها وأبرزها “جافلين” الأميركي (FGM-148 Javelin) الذي دخل الخدمة في 2017 وحل محل منظومة “دراغون”.
ويعتبر صاروخ “جافلين” المضاد للدروع والدبابات من أغلى المنظومات الدفاعية وأكثرها تطورا، ولهذا يطلق عليه “صائد الدبابات”، ويمكن حمله على الكتف ويعد من أكثر الأسلحة دقة والأكثر فعالية لدى الجيش الأميركي. ويعمل هذا الصاروخ بالأشعة تحت الحمراء، مع إمكانيات كبيرة لتكبير نطاق الرؤية قبل الإطلاق نحو الهدف، وعند إطلاقه يرتفع بحوالي 160 مترا حتى يضرب المدرعة أو الدبابة من أعلى.
يبلغ مدى الصاروخ 2.5 كيلومتر ووزنه 23 كيلومترا، وهو قادر على اختراق أجسام مدرعة بسمك 800 مليمتر، وبالنظر لتطوير دروع الدبابات الحديثة فإن الصاروخ يستهدف الجزء العلوي للدبابة لإعطابها.
كما يتباهى الجيش الأميركي بعميد منظومة أخرى لا تقل أهمية عن الجافلين وهي “تاو 2” الذي بدأ استخدامه عام 1983، ورغم أن عمره تجاوز الـ40 عاما، فإنه ما زال محل طلب كبير، حسب مختصين عسكريين.
وفي بقية دول العالم، أثبتت منظومات أخرى مضادة للدبابات فاعليتها كذلك، وبينها “أومتاس” التركي و”إم إم بي” الفرنسي و”إتش جي 12″ الصيني، وكذلك “شيرشين” البيلاروسي، و”ميلان إي آر” الذي تشترك في تصنيعه كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة.
المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية