تنطلق اليوم الثلاثاء قمة “بريكس” الـ 15 بمدينة جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا، التي تمتد حتى 24 أغسطس/آب الجاري، وسط توقعات بتوسيع المجموعة وقبول أعضاء جدد، إلى جانب وضع خريطة طريق اقتصادية وتجارية ومالية للتكتل.
ويجتمع أكثر من 40 رئيس دولة وحكومة من دول الجنوب العالمي، الذين أدان العديد منهم -منذ سنوات- النظام الدولي الذي يقوده الغرب، واتهموه بـ”تهميشهم”.
ويسعى أعضاء “بريكس” إلى تقوية التكتل، ضمن جهود تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد، وزيادة الضغط على مجموعة السبع.
وكان تكتل “بريكس” خرج إلى العلن عام 2006، وعقد أول اجتماعاته في 2009، وهو مؤلف من: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب أفريقيا، واسم “بريكس” مشتق من الأحرف الأولى لأسماء دولها الأعضاء بالإنجليزية.
ويمثّل “بريكس” الآن 23% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و42% من سكان العالم، وأكثر من 16% من التجارة العالمية.
وطلبت قرابة 20 دولة من دول الجنوب العالمي، رسميًا، الانضمام إلى التكتل، بينما أعربت دول عدة أخرى عن اهتمامها، علمًا بأن المجموعة لم تضم أي عضو جديد منذ جنوب أفريقيا في 2010.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ، وصل إلى جوهانسبرغ -أمس الاثنين- في زيارة إلى جنوب أفريقيا، وأعرب في بيان صحفي -نقلت تفاصيله وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”- عن ثقته بأن القمة المرتقبة ستصبح معْلَمًا مهمًا في تطوير آلية “بريكس”، وستساعد في دفع وحدة وتعاون الدول النامية إلى مستوى أعلى.
من جانبه، قال وزير الخارجية الهندي فيناي كواترا، إن لدى بلاده نية إيجابية بشأن توسيع دائرة المجموعة.
وسيجتمع رؤساء وقادة البرازيل والصين والهند وجنوب أفريقيا، إضافة إلى وزير الخارجية الروسي، تحت شعار “بريكس وأفريقيا”، حسبما أعلنت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدي باندور.
هل تكوّن بريكس نظامًا اقتصاديًا جديدًا؟
مع فرضية قبول أعضاء جدد، فإن المجموعة يمكن أن تولّد حوالي نصف الإنتاج العالمي بحلول 2040، حال تمت الموافقة على ضم الأعضاء الراغبين؛ مثل: إندونيسيا، أكبر منتج لزيت النخيل في العالم، والسعودية، أكبر مصدر للنفط، وفق “بلومبيرغ”.
في المقابل، فإن إسهام مجموعة السبع من الناتج المحلي الإجمالي العالمي ستنخفض إلى الربع، وهو ما يمثل فعليًا انهيارًا لحصتها التي بلغت 45% قبل 15 عامًا.
وتتألف مجموعة السبع، من القوى الصناعية العالمية الكبرى: الولايات المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وكندا، واليابان، وفرنسا، والمملكة المتحدة.
ومن شأن فرضية قبول أعضاء جدد في التحالف “بريكس” الصاعد، فإنها ستمثل -أيضًا- ما يقرب من نصف سكان العالم، وفقًا لسفير جنوب أفريقيا لدى “بريكس” أنيل سوكلال.
هذا التوسع المحتمل، الذي قاد فكرته الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يحظى بدعم روسيا وجنوب أفريقيا، يُشعر الغرب بعدم الارتياح.
ويتمثل عدم الارتياح في أن تصبح مجموعة “بريكس” الأكبر حجمًا، ناطقًا باسم الصين وتضعف مكانة الأعضاء الآخرين، بينما التفاؤل في هذا التوسع يكمن في أنه سيوفر صوتًا للدول الناشئة وسط عالم منقسم ومستقطب.
لكن في المقابل، يواجه أعضاء “بريكس” بعض الوهن الاقتصادي، خاصة في البرازيل وجنوب أفريقيا، بينما تعاني الصين -ثاني أكبر اقتصاد عالمي- من تباطؤ اقتصادي.
ومن شأن هذا الضعف أن يقلل من فرص التجانس بين الأعضاء، ليكون قادرًا على ترجمة القوة الاقتصادية والديموغرافية إلى قوة سياسية تتحدى مجموعة السبع.
حلم بعيد المنال
وعلى الرغم من الجهود المدروسة لتحالف “بريكس”، في طرح عملة مشتركة بين الأعضاء، فإنه لا يزال حلمًا بعيد المنال، إذ لا تزال الاقتصادات المتباينة من حيث القوة، ورفض دول أخرى للفكرة، تقف عائقًا أمام تبني المشروع.
ولا يتوقع الغرب أن يكون للضجيج الحالي بشأن التحرك نحو عملة مشتركة بين دول “بريكس” تأثير كبير، إذ قد يكون التأثير الأكبر مرتبطًا بتبني عملات الأعضاء في مدفوعات التجارة.
لكن وبعد سبع سنوات من إضافة صندوق النقد الدولي العملة الصينية إلى سلة عملاته الاحتياطية، لا يزال (اليوان) يمثل حصة ضئيلة للغاية من احتياطيات الدول العالمية، بما لا يتجاوز 2.5%، حسب بيانات الصندوق.
كذلك، تخشى اقتصادات في “بريكس” فرضية تأثيرات سلبية على الدولار ومن ثم على اقتصادها، فمن بين التهديدات الكبيرة لاحتمالية تدهور الدولار: انهيار معيار الذهب، وارتفاع أسعار الصرف المعومة، وعجز الحساب الجاري الأميركي، وعجز الميزانية، والوقوع في أزمة مالية عالمية.
كما أنه على الرغم من الدور الكبير المنتظر لبنك التنمية الجديد -وهو المقرض الذي أنشأه “بريكس” ليصبح ثقلًا موازنًا لصندوق النقد أو البنك الدولي-، فإنه لا يزال يواجه ضعفًا في السيولة النقدية.
لكن رغم ذلك، تشعر الأسواق الناشئة بالغضب من تولي أميركا رئاسة البنك الدولي، وتولي أوروبا رئاسة صندوق النقد، معدّين أن الولايات المتحدة هي صاحبة المصلحة الكبرى في كليهما بنهاية المطاف.
المصدر : الجزيرة + وكالات