الامن الغذائي مهدد في العراق بين انخفاض أسعار النفط وبين وباء كورونا

الامن الغذائي مهدد في العراق بين انخفاض أسعار النفط وبين وباء كورونا

الباحثة شذى خليل*

مع استمرار انخفاض أسعار النفط عالميا وتفشي فيروس كورونا من شأنها أن يهددان الأمن الغذائي العراقي لأسباب مهمة أولا ، تمويل ميزانية الدول تعتمد وبشكل رئيس على إيرادات النفط وان انخفاض أسعار النفط يفرغ الميزانية العامة للدولة وثانيا، نتيجة تفشي وباء كورونا عالميا يصعب عملية الاستيراد الى العراق وخاصة انه يعتمد على الاستيراد بشكل شبه كلي، ويشمل ذلك استيراد المواد الاستهلاكية الرئيسية التي لها مساس بحياة الانسان في العراق السؤال الذي يطرح هل الامن الغذائي في العراق مطمأن ام مهدد بالانهيار ؟

ان انخفاض أسعار النفط علميا يؤثر وبشكل مباشر على تمويل ميزانية العراق والتي تعتمد وبشكل رئيس على إيرادات النفط ، حيث اكد مظهر محمد صالح المستشار المالي لرئيس الحكومة، أن الصادرات النفطية تشكل نسبة 98% من تدفقات العملة الأجنبية إلى العراق، في حين يشكل النفط 45% من الناتج المحلي الإجمالي، و93% من إيرادات الموازنة العامة، مما يجعله المورد الرئيس للاقتصاد.
وأن سعر برميل النفط العراقي هبط إلى أقل من 30 دولارا بعدما كان يقارب الـ60، وهو ما يكشف عن خسارة نصف إيرادات العراق النفطية مقارنة بمعدلاتها السابقة.

وبحسب التقرير الشهري الصادر عن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) الأربعاء الماضي، فإن إنتاج الدول الـ14 الأعضاء فيها بلغ 27 مليونا و772 ألف برميل يوميا في فبراير/شباط الماضي مقابل 28 مليونا و318 ألفا في يناير/كانون الثاني، بنسبة انخفاض 1.92%.
ويجري حاليا تنفيذ اتفاق لخفض إنتاج النفط من جانب التحالف المؤلف من كبار منتجي أوبك ومستقلين بقيادة روسيا، بواقع 1.7 مليون برميل يوميا ينتهي في 31 مارس/آذار الجاري، هذا ويتأثر العراق وبشكل مباشر بتأرجح الأسعار بين الارتفاع والانخفاض لتراجع الصناعة والزراعة وقطاع الاستثمار الذي كان من المفترض بناء قاعدة اقتصادية قوية توازي ثرواته الطبيعية والبشرية لكن سوء الإدارة والتخطيط وضعف الدولة حال دون ذلك .

اما كورونا وتأثيرها على الامن الغذائي في العراق :
وفقا الى منظمة الأغذية والزراعة التابعة الى الأمم المتحدة إن الحروب والاضطرابات التي عصفت بالبلد وسنين العقوبات الاقتصادية وتلتها 2003 وما نتج عنها من اضطرابات وحرب أهلية ودمار الدولة جاءت اثار وانعكاسات وبشكل مباشر على حياة المواطن ، الظروف مجتمعة دمرت القطاع الزراعي ، فقد خنقت الإنتاج الزراعي في العراق، وتركت للمزارعين معاناة نقص البذور الجيدة والأسمدة، واضطر مربو الثروة الحيوانية لبيع مواشيهم أو تركها وراءهم، كما شهد بعضهم وقوع قطعانهم ومواشيهم فريسة للمرض. وبالمثل، فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد منع العديد من الفقراء العراقيين من تكملة الحصص الغذائية التي تزودها الحكومة بأغذية طازجةٍ وطعام مغذٍ.
وفي ظل الظروف المتدهورة للأمن الغذائي تشكل الأعداد الكبيرة للنازحين داخليا عبئا على المجتمعات المُضيفة، لا سيما في ظل فرار جزء كبير منهم باتجاه المدن في المناطق الكردية من العراق.

اما الجهاز المركزي العراقي للإحصاء فقد اكد على ان  استيراد العراق من السلع الغذائية والمحاصيل الزراعية يبلغ 12.4 مليار دولار سنويا من إجمالي الاستيراد الذي يتجاوز 40 مليارا، ولا تمتلك القطاعات الإنتاجية القدرة على منافسة البضائع المستوردة بسبب عدم تنفيذ قانون التعرفة الجمركية لفترة طويلة، بالإضافة إلى سعر صرف الدولار الذي يخدم البضائع المستوردة.

وحسب تحذير اقتصاديين عراقيين، العراق يخسر 100 مليون دولار يوميا من الناتج المحلي الإجمالي جراء تداعيات كورونا وتأثيرها على المرافق الاقتصادية، خاصة مع إغلاق أغلب الدول حدودها خوفا من كورونا، واكد مسؤولون إن التجار يستخدمون حاليا المخزون لديهم من البضائع، وتواجههم مشكلة تتمثل بإغلاق الحدود والمنافذ البحرية والمطارات، وعدم قدرة التجار على الذهاب إلى الصين والبلدان الأخرى، مما يعرض المخزون للتناقص.
ان اهمال الصناعة والزراعة والقطاعات الأخرى، هدد الأمن الغذائي وفي حال حصول أزمة محلية أو عالمية، تكون نتائجها كارثية على الشعب العراقي وخاصة وهو يعاني من ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع خط الفقر، بالإضافة الى نفاد المخزون من السلع بهذا سيواجه العراقيين أيام صعبة للغاية في الأيام القادمة .
وبسبب انتشار الفيروس في كورونا في الصين وايران أدى الى ضعف الإقبال على البضائع الصينية والإيرانية في السوق المحلي هذين البلدين، مما جعل أسعارها تنهار مع ارتفاع قيمة البضائع التركية والأردنية وغيرها.

من جهة أخرى وزارة الزراعة العراقية تعلن بين فترة وأخرى عن اكتفاء ذاتي من المحاصيل الزراعية ولكن الاكتفاء يكون لفترة زمنية محددة وليس طوال السنة، وبعد فترة تمنح التراخيص لاستيراد المحاصيل الأساسية التي تحتاجها المائدة العراقية، كما أن مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بدأت تتقلص نتيجة تحويل البساتين إلى بيوت سكنية، بالإضافة إلى شح المياه وضعف إصلاح الأراضي الزراعية.
وزارة التجارة العراقية -التي توزع الطحين على العراقيين- خالفت وزارة الزراعة المسؤولة عن إنتاج الحنطة، حيث عرضت على مجلس الوزراء الحاجة لاستيراد مليون طن من القمح و250 ألف طن من الأرز من أجل برنامجها لدعم الغذاء وتامين المخزون في الأشهر المقبلة.

وقال بعض الاقتصاديون إن 75٪ من الاستهلاك العام هو من السلع المستوردة، وأن الاقتصاد العراقي هش في مواجهة الصدمات، لأن إنتاجه المحلي يعتبر ضعيفا جدا وغير قادر على تغطية الطلب.

وأن الأمن الغذائي للعراق أصبح مهددا، لأنه يواجه أزمات كبيرة سياسية تتمثل عدم تشكيل حكومة والدولة تفتقر الى الاستقرار السياسي والأمني ، واقتصادية تتمثل انهيار أسعار النفط (الذي يعتبر المصدر الرئيسي لدخل العراق) مما يعني أزمة مالية مرعبة بالانتظار، و فيروس كورونا الذي قطع أوصال العالم، فلا يستطيع العراق اليوم استيراد ما يحتاجه خوفا من تفشي هذا الفيروس.

وحدة الدراسات الاقتصادية

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية