الباحثة شذى خليل*
تشهد منطقة الشرق الأوسط بأجوائها الجافة تحولا في ميزان القوى من سطوة البترول الى سطوة المياه العذبة، ويرجع ذلك الى زيادة عدد السكان وتصاعد الطلب على الماء، وتغير المناخ وسوء الإدارة المحلية المتحكمة في المياه، حيث تحاول العديد من البلدان استغلال الممرات المائية الحدودية المشتركة بصورة مكثفة غير مدروسة.
في تحليل عام للحالة المائية لكل من تركيا وسوريا والعراق، هذه البلدان الثلاث يجمعها المصير المائي الواحد، بالإضافة الى الجوار الجغرافي والتاريخ المشترك، لكن المثير في الأمر ان أنقرة بدأت باستخدام الماء الذي ينبع من اراضيها كسلاح من اسلحتها الاستراتيجية ان لم يكن أبرزها، من خلال تحويل التخمة المائية لديها الى أداة ضغط وتهديد وحرب مصالح مع دول الجوار المستفيدة من مياه نهري دجلة والفرات.
العراق:
تاريخيا وجغرافيا العراق يعتمد كلياً على مياه نهري دجلة والفرات اللذين يعتبران المصدرين الأساسيين للموارد المائية له، لقد بدأت حضارات ما بين النهرين بتنمية الأنهار منذ 4000 سنة قبل الميلاد، حيث نشأت حضارات عديدة على ضفافهما.
إن وفرة المياه ووجود تربة زراعية خصبة وفَّرت بيئة مناسبة لتطوير الزراعة المروية، ويوجد في متاحف العراق شواهد أثرية تدل على نشوء قوانين للمياه في بلاد ما بين النهرين في فترات مختلفة من تطور المراكز الحضارية العريقة مثل لاجاش (2360 ق.م) وأور (2100 ق.م) وآيسن والسومريين في أور وذلك باستخدام أنظمة ري بواسطة القنوات كما ساهم البابليون أيضاً في تطوير المعرفة بالري واستخدامات المياه، ويبين أحد الألواح الأثرية (لوح أور البابلي) الحلول الممكنة لعدد من المسائل المائية (السدود، الآبار، الخنادق المائية) ويشتمل القانون الشهير لحمورابي على تشريع مائي لتنظيم الري والحد من أضرار الفيضانات.
هنا لابد من معرفة قانون الدول المتشاطئة، النهـر الـدولي: وهـو النهـر الـذي يقع فـي أكثـر مـن دولـة، وقـد عرفتـه اتفاقية برشـلونة لسـنة ١٩٢١ بأنـه (النهـر الـذي يفصل بين دولتان أو يعبر عدة دول) و من الأمثلة على الأنهار الدولية (دجلة، الفرات، الراین والدانوب، النيل) وبحكـم هـذه الأنهـار أن اختصـاص كـل دولـة يسري علـى الجـزء الـذي يمر داخل حدودها، فتملك كل دولة حق التصرف في الجزء مـن النهـر الـذي يقع ضمن أراضيها حتى منتصف سطح الماء إذا كان قابلاً للملاحة، وحتـى منتصــف التیــار الــرئیس أي خــط التــالوك، إذا لــم يكــن كــذلك، وهــذه القاعــدة ليست مطلقــة، بــل يجــوز الاتفــاق علــى خــلاف هــذه القواعــد بين الــدول المتشـاطئة، حسـب حاجـة ومصـالح الـدول، بمـا لا يختلـف مـع قواعـد القـانون الدولي. ويتبـع ملكية الدولـة للجـزء مـن النهـر الواقـع ضـمن حـدودها الحـق فـي أن تباشــر جميع أعمــال الســلطة العامــة مــن قضــاء وتنظيم لشــؤون الملاحــة وغيرها، لــذلك يحــق لهــا اســتغلال الجــزء الواقــع ضــمن إقليمها فــي النــواحي (الزراعية والصناعية) مع مراعاة الحقوق القانونية للدول المتشاطئة.
أما بالنسبة لدى دولة تركيا – التي تقع في مصبّ الأنهار وفي منبع مصادر المياه- فتعطي لنفسها سلطة مطلقة على المياه النابعة من أراضيها، وترفض مطالبات جيرانها في رعاية حقّ الماء (Water right)، وتُعلِن أن مصادر المياه هي كمصادر البترول، فمثلما تكون مصادر البترول من حقّ تلك الدولة التي تقع فيها هذه المصادر، فإنّ مصادر المياه التي تنبع من تركيا هي ملك لتركيا، في حين أن كلّاً من العراق وسوريا تعتقدان بأنّ نظام توزيع المياه في النهرَين الدوليَين (دجلة والفرات) هو نظام عضوي حَيوَي.
وتستخدم تركيا السياسة المائية في ساحتها الداخلية والخارجية، وذلك من خلال تحكمها بمثلث القوة الذي يتكون من مياه آمنة، وتشتيت الأكراد في جنوب شرق الأناضول، والاستفادة من التنمية الإقليمية في اتجاه تفوق أنقرة، تأثير المياه والسياسة على المستوى الإقليمي، دور الموارد المائية في السياسة الخارجية، وهو ما يفسر كيف تعمل السياسة الخارجية لبلد ما على إمدادات المياه.
وبسبب نقص المياه، ظهرت نزاعات المياه العابرة للحدود الناتجة عن إشكالات تقاسم وإدارة الاحواض المائية، والاستخدام المفرط لمياه النهر في الجزء العلوي منه وانخفاض تدفق المياه في الجزء السفلي من النهر.
بهذا لم تعتمد السياسة التركية مبدأ التعاون المشترك لاستفادةٍ منصفة من مصادر المياه، بل تتبع نزعة برغماتية ونهج الواقعية السياسية في خلق تناقضٍ بيئي بين المناطق الواقعة في أعلى النهرَين، وتلك الواقعة في أسفلهما.
لقد خلقت مخرجات هذه السياسة تدهوراً في طبيعة دورة الماء (Water cycle) ما أنتج أزمات تهدد الأمن الغذائي، وتزايد وتيرة الهجرات البيئية، وتفاقم مشكلات المنظومة البيئية (Ecosystem).
موقف العراق من المياه المشتركة يتلخص بالنقاط الآتية:
إن نهري دجلة والفرات نهران دوليان طبقاً لتعريف النهر الدولي المتفق عليه دولياً، أي إنه (المجرى المائي الذي تقع أجزاء منه في دول مختلفة).
إن حوضي نهري دجلة والفرات هما حوضان منفصلان من خلال حدود هيدرولوجية واضحة لكل منهما.
ضرورة عقد اتفاق ثلاثي لقسمة عادلة ومعقولة للمياه كماً ونوعاً بين الدول المتشاطئة من خلال الالتزام بأسس قسمة المياه والانتفاع المنصف والمعقول التي تستند إلى القانون والعرف الدوليين وبما يضمن الحقوق المكتسبة للمشاريع القائمة في العراق.
ضرورة الالتزام بالقواعد والإجراءات التي تتطلب مستلزمات الحفاظ على البيئة النهرية وما يتبع ذلك من وجوب اتخاذ إجراءات لمنع ومكافحة التلوث في مياه النهرين جراء المشاريع الإروائية والزراعية والمخلفات الاخرى.
رفض فكرة اعتبار المياه الدولية المشتركة سلعة اقتصادية لمخالفة ذلك قواعد القانون الدولي.
إن تركيا مازالت مستمرة في تنفيذ مشاريع ضخمة على حوضي النهرين، وان مجلس الامن القومي التركي قد أوصى بالإسراع في إتمام وإنجاز كل السدود المفترض إنشاؤها على نهري دجلة والفرات، وذلك قبل ان تتناول المفاوضات على عضوية تركيا في الإتحاد الأوروبي لملف المياه، وطالب المجلس كل مؤسسات الدولة التركية بالتنسيق فيما بينها والتسريع في تنفيذ السدود واعتبار عام 2023 موعداً لإنجازها.
وثمّة مشاريع عملاقة لإنشاء السدود تنفّذها تركيا تحت عنوان مشروع (GAP) إذ يتضمن بناء سدود عملاقة على نهرَي دجلة والفرات اللذين يُعَدّان الشريانين الأساسيين لمنطقة غرب آسيا، وإنّ هذه السدود تركت أثراً وتسببت بخللٍ كبير في تدفق المياه نحو الدول المجاورة، وتشمل هذه المشاريع بناء 22 سدّاً يكون أهمّها سد آتاتورك على نهر الفرات، وسد إيليسو على نهر دجلة، وقد أدّى انخفاض نِسب المياه في الجزء الأسفل من أحواض دجلة والفرات إلى هجر أجزاء كبيرة من الأراضي الزراعية في سوريا والعراق، وقد أثّر هذا الانخفاض إلى حدّ كبير في تكوين “هور العظيم” في الأجزاء الأخيرة من النهر.
إن تجاهل مطالب العراق وسوريا واستمرار تركيا في تنفيذ المشاريع على مياه النهرين قبل التوصل إلى اتفاق بشأن قسمة المياه سيؤدي الى الاضرار بالسكان وبالبيئة في العراق نتيجة النقص الناتج في كمية المياه وتردي نوعيتها بسبب تلوث المياه العائدة الى النهر جراء زيادة ملوحتها نتيجة تصريف مياه البزل واحتوائها على ملوثات كيمياوية بسبب استخدام الأسمدة الزراعية.
إن من أهم المواضيع المطلوب طرحها في الوقت الحاضر لمواجهة المشكلة وباتجاه حلها هو تفعيل عمل اللجنة الفنية للمياه الدوليـة المشتركة بين (العراق وتركيا وسوريا) التي تشكلت عام 1980 ثم انقطعت اجتماعاتها منذ عام 1992 من أجل الإسراع في التوصل الى قسمة عادلة للمياه كماً ونوعاً بين الدول المتشاطئة، من خلال الالتزام بأسس قسمة المياه والانتفاع المنصف والمعقول المستند الى القانون والعرف الدوليين وبما يضمن الحقوق المكتسبة للمشاريع القائمة في العراق.
مشروع الكاب، قامت تركيا خلال الثلاثة عقود الأخيرة بتنفيذ مشروع جنوب شرق الأناضول (الكاب) الذي يعتبر من المشروعات الكبيرة لتنمية واستعمال نهري دجلة والفرات، وقد تم وضع خطة شاملة Master Plan عام 1980 لتنفيذ هذا البرنامج في الجزء التركي من حوضي نهري دجلة والفرات، ويشمل المشروع إنشاء 22 سداً و 19 محطة كهرومائية، إضافة الى العديد من السدود الصغيرة ضمن حوض تغذيتهما مع إرواء مساحة تقدر بـ (2.276) مليون هكتار ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الاقتصادية والسياسية.
تأثير المشاريع التركية على نهر دجلة:
يبلغ طول نهر دجلة من منبعه الى مصبه 1900 كم، منها 1415 كم داخل العراق و 300 كم داخل الاراضي التركية وتعتمد على مياهه المحافظات: (نينوى، دهوك، أربيل، كركوك، صلاح الدين، بغداد، ديالى، الانبار، واسط، بابل، الديوانية، العمارة، الناصرية، البصرة).
ستتأثر كميات المياه الواردة الى العراق في هذا النهر بشكل كبير عند اكمال مخطط انشاء السدود التخزينية والمشاريع الإروائية في تركيا وخاصة بعد إصرار الأخيرة على تنفيذ مشروع سد اليسو وسد جزرة اللذين سيتحكمان في تحديد كميات المياه المطلقة الى العراق.
إن نسبة كبيرة من سكان العراق يعتمدون في تأمين احتياجاتهم من مياه الشرب والزراعة والاحتياجات الاخرى على نهر دجلة، وتظهر الحسابات الفنية ان حصول نقص مقداره (1) مليار متر مكعب من واردات النهر سيؤدي الى تجميد مساحات زراعية تقدر بحوالي (62500) هكتار وان مجمل المساحات الزراعية التي ستحرم من تجهيزات المياه في العراق نتيجة لانخفاض الواردات ستبلغ (696000) هكتار.
إن انقطاع المياه من مساحة (696000) هكتار من الاراضي المزروعة سيقلص الموارد المالية من القطاع الزراعي ويسبب انخفاضاً كبيرا بمساهمة هذا القطاع في الانتاج المحلي وانعكاسات ذلك على دخول الفلاحين والمزارعين مما سيدفع بهم الى ترك مهنة الزراعة والهجرة الى المدن، كما ستزيد من اتساع وزحف مساحات التصحر في العراق.
عند قيام تركيا بتنفيذ سد اليسو سيؤدي في السنوات الجافة الى تقليص المياه المتدفقة بشكل حاد وخاصة بعد اكمال منظومة المشروع –حيث سيتم تحويل جميع المياه الى اراضي هذا المشروع قبل عبورها الى الحدود الدولية (التركية – العراقية) وسيؤدي الى انعكاسات سلبية كبيرة على بيئة العراق وحرمان الكثير من السكان القاطنين على النهر من امدادات مياه الشرب.
ان انشاء السد سوف يقلل الموجات الفيضانية القليلة والمعتدلة الا انه لا يقلل ذروات الفيضانات العالية وهذا سيؤثر في سلامة وأمن المنشآت المدنية والسكان المنتشرين على طول أسفل مجرى النهر، كذلك سيؤثر بشكل كبير في هيدرولوجية نهر دجلة والنمط الطبيعي لتدفق مياهه وانعكاسات ذلك على خطط التجهيزات المائية للزراعة وتوليد الطاقة وتشغيل السدود في العراق وانعاش منطقة الاهوار.
ولحساب المعدل السنوي للجريان الطبيعي للنهر عند الحدود العراقية قبل استكمال المشاريع التركية والسورية 20.93 مليار م3 وبنوعية 250 جزءاً بالمليون.
بعد استكمال المشاريع التركية والسورية يتوقع ان يكون المعدل السنوي للجريان 7.66 مليار م3 مع تردي النوعية.
أما التأثير على نهر الفرات:
يبلغ طول نهر الفرات (2940) كم منها 1167 كم في العراق تعتمد على مياهه محافظات (الانبار , بغداد , بابل , كربلاء , النجف , الديوانية , السماوة , ذي قار , والبصرة).
إن معدل الجريان السنوي الطبيعي لنهر الفرات بحدود (31-32) مليار متر مكعب، ويبلغ معدل الجريان السنوي الطبيعي له عند الحدود العراقية – السورية (27.40) مليار متر مكعب, وقد قامت تركيا باستكمال انشاء العديد من السدود الكبيرة والصغيرة واهمها (كيبان, قره قايا, اتاتورك, بيرجيك, قرقامش) على مجرى نهر الفرات مع البدء بتنفيذ مشاريع إروائية ضمن مشروع الكاب, ويبلغ مجموع المساحات المروية من نهر الفرات ضمن مشروع الكاب (1091203) هكتار وخارج الكاب (556000) هكتار، اي ان مجموع المساحات المروية من النهر في تركيا ضمن وخارج مشروع الكاب حوالي (1647203) هكتارات والاحتياج المائي السنوي لهذه المساحات هو (15.145) مليار م3 / سنة.
نتيجة للاستنزاف الكبير الذي سيطرأ على مياه نهر الفرات نتيجة لهذه المشاريع والمشاريع الاخرى فإن كمية المياه المتوقع وصولها عند الحدود العراقية – السورية في نهر الفرات ستنخفض بشكل حاد جداً، حيث من المتوقع ان يصل الى ما دون (8.22) مليار م3 / سنة، كما ان نوعية المياه بعد اكمال المشاريع في إعلى النهر وخاصة في تركيا ستزيد على (1350) جزءاً بالمليون (وتمثل مجموع الاملاح الذائبة).
وان معدل الوارد السنوي عند دخول نهر الفرات الحدود العراقية- السورية وقبل استكمال المشاريع التركيـة والسوريـة هو 27.4 مليار م3 وبنوعيـة مياه 450 جزءاً بالمليون.
بعد استكمال المشاريع التركية والسورية على حوض النهر سيكون معدل الجريان المتوقع 8.45 مليار م3 وبنوعيـة مياه يتراوح مجموع الاملاح الذائبة فيها بين (1250-1350) جزء بالمليون.
من الانعكاسات السلبية الناتجة عن بناء السدود تلوث المياه، إذ تهدف تركيا من تنفيذ مشروع جنوب شرق الاناضول (الكاب) الى إجراء تغيير ديموغرافي للسكان في المنطقة وانشاء تجمعات سكانية جديدة وجلب ايادٍ عاملة لاستثمار مشاريع الارواء المخطط لها وما يرافقها من انشاء مشاريع خدمية وصناعية وان مثل هذه الإجراءات لها انعكاسات سلبية على نوعية مياه النهر وتؤدي الى زيادة التلوث وكما يلي:
ان المشاريع الإروائية المخطط لها تحتاج الى مبازل للحد من ارتفاع مناسيب المياه الجوفية وفي حالة تصريف مياه هذه المبازل الى نهري دجلة والفرات، سيؤدي الى ارتفاع نسبة الملوحة على طول مسار النهرين، وان الحسابات الفنية اظهرت ان ملوحة مياه الانهر ستتضاعف عن وضعها الطبيعي عند الحدود العراقية.
ان استخدام الري في أراضٍ زراعية جديدة سيرافقه استخدام كبير في الاسمدة الكيمياوية والعضوية والمبيدات بأنواعها والتي بدورها ستذهب الى المبازل التي تصب في مجاري الأنهر وتؤدي الى تلوثها.
ان زيادة النشاط البشري ورمي المخلفات الثقيلة من الاستهلاكات المدنية او الصناعية تؤدي الى مزيد من التلوث في مياه النهرين.
ان النسب العالية من المواد العضوية في مياه المجاري ومياه الصرف الزراعي المحولة الى الخزانات المائية أسفل النهرين داخل العراق ستتسبب في هلاك الحياة المائية والثروة النهرية نتيجة لانخفاض معدل الأوكسجين الذائب وكذلك الحال بالنسبة الى المجرى الرئيس.
خلاصة الوضع المائي بعد استكمال المشاريع التركية والسورية في نهري دجلة والفرات.
إن تركيا، باعتبارها البلد الذي تتدفق من اراضيه المياه، تقر لنفسها السيادة المطلقة على تلك المياه، وترفض حق جيرانها في المياه، مدعية أن المياه مثل الموارد النفطية في الحقوق، فإن موارد المياه التي تنبع منها هي ملكها، في حين يرى كل من العراق وسوريا، جاريّ انقرة المهمين، ان نظام الانهار العابرة للحدود برمته ينطبق على نهري دجلة والفرات.
كما أدى خفض كمية المياه في الجزء الشمالي من الانهار الى عدم استقرار اتجاه مجرى المياه المصبوبة في حوضي دجلة والفرات وزيادة الاراضي الزراعية المهجورة، ومن بينها جزء كبير من الأراضي الزراعية في سوريا والعراق.
من الامثلة على الازمة البيئية جفاف هور (العظـِيم) على الحدود العراقية الإيرانية، اذ أن انتشار التعرية جاء نتيجة الرياح، وانعدام وجود الغطاء النباتي من جهة العراق، وانعدام دور الاراضي الرطبة لهور العظيم في صد العواصف الترابية القادمة من الصحراء الخالية من جهة ايران، إذ انه حدث بعد تشغيل سد أليسو في مناطق المركز وغرب إيران والعراق الى ظهور ما يعرف بـ “تسونامي الغبار” وهو مزيج من الغبار الناعم والدخان.
لقد اثرت شرارة الأزمة المائية الناجمة عن الجفاف وعدم الانتظام في النظام الإيكولوجي للمناطق المتضررة سلبيا على الحياة في تلك المناطق، وهذا سيؤدي إلى تفاقم وتيرة الفقر، والى تصاعد السخط العام الذي يؤدي الى نزاعات وحروب داخل الدول وفيما بينها.
وهنا يبرز السؤال: هل سيكون ملف المياه أحد الأسباب الرئيسة للنزاعات المائية في المنطقة، وستكون العواقب وخيمة على الجميع لأنها ستكون حرب حياة أو موت، فيجب على تركيا تغيير نمط رؤيتها للمشكلة، واعتماد سياسات تأخذ بعين الاعتبار مصالحها مع دول الجوار، والحالة التشاركية للأنهار الحدودية.
ختاما يعد ملف المياه من الملفات المهمة والخطيرة لتعلقه بسلعة لا تـُعرف قيمتها الحقيقية، إلا وقت ندرتها، ألا وهي المياه. فالماء يدخل في الحاجات الفسلجية للإنسان وفي الزراعة والصناعة وتوليد الطاقة، وغيرها الكثير من المجالات.
وحدة الدراسات الاقصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية